يُقال إنه "من قلب المحن تولد المنح"، وأعتقد أن هذه المقولة تنطبق تماماً على الحالة المصاحبة لجائحة كورونا، فعلى الرغم من أن انعكاسات انتشار الفيروس حول العالم، تبدو فاجعة، إلا أن رحمة الله سبحانه وتعالى تبدو جلية أيضًا، في الانعكاسات الإيجابية الكبيرة لانتشار الفيروس.
عزيزي القارىء.. هل تعلم أن علماء النفس أكدوا أن تغيير نمط حياة ملايين البشر في العالم، وفرض التباعد الاجتماعي، يشكل فرصةً للتفرد بالذات، ومنحها قِسطاً من الراحة، وممارسة الأنشطة المنزلية، التي كان الإنسان يتوق لها خلال زحمة انشغالاته اليومية العادية.
كما ان التباعد الاجتماعي، يمكنّا من أن نركز على أفضل ما لدينا، وأن نكثف الحديث عن الأشياء الإيجابية والهادفة، التي تحدث الآن، كما يعزز على الانخراط في إجراءات، من شأنها تعزيز رفاهيتنا الجماعية، وإخراج أفضل ما لدينا.
على جانب آخر، دولة مثل بريطانيا، كشف استطلاع حديث أن أكثر من 300 ألف مواطن إنجليزي، أقلعوا عن التدخين في ظل تفشي الوباء، بسبب المخاوف من الإصابة بفيروس كورونا، الذي يهاجم الرئتين على وجه التحديد داخل الجسم.
كوكب الأرض هو الآخر، كان له نصيب كبير من إيجابيات انتشار "كورونا"، حيث تراجت نسبة التلوث خلال الأسابيع الأخيرة، 25 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة لدى الصين، أكبر مساهم عالمي في مجال التغير المناخي، كما سُجّلت انخفاضات ملحوظة في نسب تلوث هواء العديد من مدن العالم، جراء تقييد حركة السيارات والآليات.
أما نصيب الأسد من إيجابيات جائحة كورونا، انتزعتها مصر دون منازع، حيث توقع صندوق النقد الدولي، أن تكون مصر الدولة العربية الوحيدة التي تحقق نمواً اقتصادياً خلال 2020، في ظل تداعيات انتشار الفيروس. وأوضح أنه خفض توقعاته لنمو الاقتصاد المصري، كما نجحت مصر في استمرار تثبيت التصنيف الائتماني، وذلك من قبل وكالتي "موديز" و"ستاندرد آند بورز"، وهو المستوى الأفضل خلال 8 سنوات بفضل نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي.
والأهم من ذلك بعيدًا عن الأرقام، أن مصر في ظل الرؤية الطموحة الرئيس عبد الفتاح السيسي، عادت لتمارس دورها كمركز إشعاع في العالم، فأصبحنا نرى مصر تقدم مساعدات طبية للولايات المتحدة، وإيطاليا والصين، وبريطانيا، وكذلك إلى فلسطين، والسودان، الشقيقتين.
ربما توافقت جميع الأجيال على أن الأحداث المتسارعة التي استقبلنا بها عام 2020، هي الأكثر اضطرابًا وقلقًا، لكن إذا ما تأملنا رحمة الله سبحانه وتعالى، وحكمته في كل الأمور، سنجدها متمثلة في كل شيء حولنا، وسندرك أن الله بجانبنا ويرعانا دائماً.