حفاوة لا تنبع من وفاء.. تلك التي يوليها الرئيس التركي، رجب طيب أدوغان، للذكرى الـ103 لرحيل السلطان عبدالحميد الثاني، عاماً بعد عام يجدد بها أطماعه الاستعمارية، وأوهام الخلافة التي لا يخفيها، ولا يترك مناسبة دون أن يؤكد بأن الجمهورية التركية الحالية، هي استمرار للامبراطورية العثمانية.
في مطلع مارس من عام 2013، استضافني أحمد البكري، وشقيقتيه فرح وشاهيناز، أحفاد السلطان عبد الحميد الثاني، بمسكن أسرته الذي تفوح منه رائحة التاريخ، في جزيرة الزمالك، تحدثوا عن مصادرة كل أملاك السلطان عبد الحميد، في تركيا، ومنها قصر توب كابي ولولما باتشيه، وحتى جواهره التي كان من بينها أكبر ياقوته وأكبر زمردة في العالم، ولم يستطيعوا استرداد أي منها، بل ووكلوا محامياً لمحاولة استردادها.
أحفاد السلطان رأوا في ممارسات جماعة الإخوان، محاولة للسيطرة والاستحواز على مفاصل الدولة، وأن حلم الخلافة العثمانية، لن يعود على أيدى هؤلاء الانتهازيين - حينئذ كانت جماعة الإخوان المسلمين تحكم مصر، بل ورفضوا استخدام اسم السلطان عبدالحميد الثاني في الترويج لوهم الخلافة.
عودتي لأرشيفي الصحفي وحكايات أحفاد السلطان عبدالحميد الثاني، حفزتها حفاوة تركية بذكرى رحيل السلطان، أفردت لها قناة الجزيرة مساحات من البطولة، وغزتها الدراما التركية بإنتاج مسلسل"عاصمة عبد الحميد"، الذي تناول حياته بمزيد من التمجيد والثناء وبدعم مباشر من أردوغان ليعبر صراحة عن أطماعه ويرسم طريق الوصول إلى وهم الخلافة بكل السبل، وخلافاً لأحاديث المديح والتمجيد، خرج رئيس تحرير قناة "TELE1" الإخباريّة التركية المعارِضة، ليصف السلطان عبد الحميد بكلّ الصفات السيئة سياسياً، ويقول عنه إنه "سلطان استبداديّ دمويّ إجراميّ وخائن، باع كلّ ممتلكات الدّولة العثمانيّة التي خسرت في عهده 1.6 ملايين كم مربع من أراضيها، وكان السّبب في إفلاسها، كما باع فلسطين للصّهاينة".
لكنه غرور السلطان الذي أرضته قناة tgrt التركية مؤخراً؛ بنشر خريطة افتراضية ضمت كل من مصر وليبيا والسعودية، لنفوذ الإمبراطورية الثمانية تحت عنوان خريطة الظل التركية في عام 2050 .
ولا يمكن تفسير فوبيا العداء الأردوغاني لمصر بمنأى عن أوهامه في الخلافة التي هدمتها ثورة 30 يونيو، فقد عزز ودعم حكم المرشد والجماعة آنذاك، وتلقى صدمة لم يفق منها بعد، حين أطيح بهم، فقد كانوا وسيلته في سبيل إعادة إحياء حلم الخلافة العثمانية، التي تمتد من تركمانستان شرقا إلى السعودية، ومصر وليبيا غربا، لم تخنه غطرسته المعتادة، فجمع شتاتهم ومنحهم منصات إعلامية، لهدم ثوابت الدولة المصرية، ثم دأب على التدخل في سوريا والعراق، ودعم المتشددين و قفز غرباً بمرتزقته محتلا للأراضي الليبية تحت تأثير أوهام السلطان .