محمد سويد يكتب: الثورة لم تمت

محمد سويد
محمد سويد

في مداخلة هاتفية، كسر الرئيس حاجز الصمت، متحدثاً عن حالة الثورة التي لم تمت، بما تحمله العبارة، من معانٍ للتطلع والحرمان، لا تزال غائرة في مكنون الصدور، بعد عشر سنوات من اندلاع شرارتها، التي لم تنظفئ في الخامس والعشرون من يناير ٢٠١١.

ثورة لم تمت، نعم سأعيد استخدام هذا التعبير الثوري -المجرم - في عرف نخبتنا القابعة على أنفاس المنطق، الوصية على أحلام المجتمع، والمُحتلة لكل مساحات الرأي والرأي الآخر، بحكم الوراثة ووضع اليد.

بدون مُحسنات، قفزت كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مداخلته غير المتوقعة، مع عمرو أديب، كل هذة الحواجز الوهمية، التي صُنِعت باسم الرئيس إلى أحاديث النفس، فلم يُنكر على المواطن شعاراته التي صنعت من معاناته، وتحدث كما لم يُنقَل عنه، بأن "الثورة لم تمت"، والمطالب لا تزال مُعلقة، نخطو إليها شيئاً فشيئ.

صراحة الرئيس وقربه من هموم الناس، أفقدت معسكرات الإعلام المؤيدة والمعادية توازنها، فكلاهما عوَّدنا التطرف في التأييد أو المكايدة، كلاهما يخاطب كائناً فضائياً، غير الذي نعرفه، و نعيش معاناته؛ مع غلاء المعيشة، وضيق ذات اليد، أمام متطلبات الحياة اليومية، وتطلعات أسرته المشروعة في السكن والتعليم والعلاج.

من بين ما تناوله حديث الرئيس، دعوته للتوقف أمام حجم المشاريع التي تتحقق على أرض الواقع، في الطرق والتعليم والصحة والزراعة ..إلخ، دون أن يتجاهل طرح السؤال الذي يدور في أذهان آحاد الناس وعامتهم، عن مصادر الأموال، مؤكدًا أنها من الموارد المصرية، ولم تغب صوفية نشأته عن ذات السؤال فأردف قائلا "والله كله من فضل الله".

وتابع: "نحتاج إلى التكاتف من أجل حل مشكلاتنا، حتى لا تتفاقم، فالحكومة لن تواجه وحدها المشكلات، ولكن بتكاتف المصريين نستطيع عبور الأزمات وحل المشكلات" وبذات القناعة، أرجع تبوء مصر لمكانتها الطبيعية، في علاقاتها الخارجية، على الصعيدين الإقليمي والعالمي، إلى تماسك الجبهة الداخلية ووحدة المصريين.

قالوا في الطب إن التشخيص السليم للحالة المرضية يعتبر نصف العلاج بل كله أحياناً، وإن لم يكن بمقدور المريض أن يعبر عما يعانيه، فتلك وظيفة الطبيب، بذات الدلالات، شُخِّصت حالة البناء التي تعيشها الدولة المصرية، في كل القطاعات بما تشهده من مشروعات قومية وطفرات حقيقية، واقعٌ ما، تأخر تحقيقه عشرات السنوات؛ من مجابهة التحديات مشفوعاً بمبررات الأولوية ومسكنات تأجيل الغضب الشعبي .

ولما كان تعريف الثورة في العلوم السياسية، بالخروج عن الوضع الراهن، وتغييره، باندفاع يحركه عدم الرضا، أو التطلع إلى الأفضل، أو حتى الغضب، فلا يمكن أن ننكر على الدولة المصرية ما تقوم به من حالة ثورية حقيقية لتغيير الوضع الراهن، شريطة أن لا يتأخر تساقط ثمار النمو -النهضة الاقتصادية- على الطبقات الفقيرة والمهمَّشة، وألا يبقى مواطنوا الطبقة الوسطى، أسرى شعور الخوف من المجهول الذي يهدد حاضرهم ومستقبل أبنائهم .

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً