لطالما ألحَّ تلامذة الإعلامية القديرة الأستاذة ميرفت رجب عليها أن تفتح خزائن ذكرياتها وتوثق عمرًا من العمل الإذاعي والتليفزيوني بدءًا من استوديوهات إذاعة صوت العرب حتى رئاسة التليفزيون المصري عبْر أكثر من أربعين عامًا من تاريخ ماسبيرو في عصره الأزهر.
والحق أن الأستاذة استجابت لهذه الدعوات، من خلال عدد من الكتب ضمنتها شيئًا من السيرة الذاتية والمهنية لها، مثل كتاب "سفر في سفر" وكتاب "سفر الحماقة"، والكتاب الأخير الذي بين أيدينا الآن: "سيناء تخصني"
في هذا الكتاب توثّق الأستاذة مرحلة مهمة من تاريخ مصر الحديث وهي المرحلة التي عادت فيها سيناء لحضن الوطن عام ١٩٨١، وهي توثق هذه الفترة باعتبارها أول إعلامي تطأ قدمه أرض سيناء بعد تحريرها، فقد كانت سيارة التليفزيون المصري بمن فيها من فنيين ومصورين ومخرجين ومعهم المذيعة ميرفت رجب، هي أولى سيارة تتبع جهة إعلامية تغوص في رمال سيناء وكانت كاميرا التليفزيون المصري هي أولى عدسة تلتقط مشاهد من سيناء المحررة.
"نقترب فنندهش وإن زدنا تزيد الدهشة ويتضاعف الانبهار ونُحيّر مصورنا أي الزوايا نختار"
تحكي الأستاذة ميرفت بأسلوب قصصي مشوق يجعلك تلتهم صفحات الكتاب دون أن يصيبك الملل، وتنثال الذكريات على قلمها فتعود إلى الوراء لتوثق صفحات أخرى من تاريخها المهني مثل تغطيتها لمؤتمر مدريد للسلام واشتباكها مع وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر ومراوغته في الإجابة عن أسئلتها الصحفية.
كذلك نطوف مع الأستاذة ميرفت لنتعرف على تجارب إعلامية وحياتية تسلط الضوء عليها من خلال زياراتها لليابان وهولندا والولايات المتحدة :
"اكتشفت ويا لهول ما اكتشفت؛ الشعب الأمريكي من أكثر شعوب العالم بؤسًا، صحيح أن كل شئ متاح، والإعلانات تحاصرك وتغريك بأن تشتري أكثر، وتأكل أكثر، وتشرب أكثر، وتستدين أكثر، وتحبط أكثر، وتكتئب أكثر، وتنتحر أسرع، وتختفي عن عيون الدنيا أفضل. وأظن أنني لو كنت كتبت هذا الكلام قبل انكشاف النظام الأمريكي أمام جائحة كورونا ما كان أحد يصدقني".
ذكريات الأستاذة ميرفت في هذا الكتاب تأبى إلا أن تتوقف مرة أخرى أمام الحادثة الأشهر في تاريخها المهني، وهي وقوفها أمام الرئيس الأسبق حسني مبارك تشكو إليه الضغوط التي تتعرض لها لتمرير مذيعات غير مؤهلات، لقرابتهن من مسئولين ومهمين في الدولة. وهي واقعة شهيرة وثقتها الأستاذة بتفصيل أكثر في كتاب "سفر في سفر". وحُقّ لهذه الواقعة أن يُعاد ذكرها لأن موقفًا كهذا يا أستاذة ميرفت لم يحدث من قبل في تاريخ ماسبيرو ولن يحدث.