عاشت المراة على مدار العصور القديمة تعاني ولا أحد يبالي، تشكوا ولا أحد يسمع لها، بل في بعض العصور لم يكن يسمح لها أن تضجر أو تجزع، عاشت بين وأد وقتل وسلب للحقوق ونزع للحريات، بين أَمَة سُخرت لخدمة الرجال تضرب بالنعال، وبيت للحمل والإنجاب والرعاية لا أكثر، وجواري للمتعة والجنس.
توالت الأفكار وتوارث الجهل جيلا بعد جيل تجاه المرأة والناظر في الحضارة اليونانية قديما يرى أن المرأة كانت بضاعة للمتعة تباع وتشترى في الأسواق ليس لها أي حقوق، ملك لمن يدفع ثمنها.
حتى في أحد الشرائع الهندية كانت تموت بعد وفاة زوجها ولا حق لها في العيش فتختار ان تموت في نار جثمانة.
أما الرومانيون فاعتبروها رجس لا يحق لها اكل اللحم أو اي نوع من الترف أو حتى الضحك وعلامات الفرح.
رغم كل هذا الاضطهاد الذي مورس ضد المرأة لم تخرج جماعة من الناس تطالب بحريتها وحقوقها كشريك لا غنى عنه في استمرارية الحياة!
معاناة المرأة قبل الإسلام كانت أعظم من كونها مجرد حقوق وواجبات بل كانت تعاني من العقيدة الراسخة لدى الأجيال بأنها مخلوق من درجة أخرى أقل كثيرًا في المنزلة من الرجل فكان بديهيا أن ينظر إليها الرجال بهذه الدرجة من الدنو والانحدار.
فأرسطو يقول عنها: "إن الرجال بحكم الطبع أقوى من النساء فهم مؤهلون ليحكموا ، أما النساء فمحكومات".
في ميزان الإسلام:
جاء الإسلام ليرسخ حقوقها ويعلي من شأنها ويساوي بينها وبين الرجل في القيمة الإنسانية والعقائدية، اهتم الإسلام جيدًا بدورها وقدرها منذ بداية الدعوة حتى نهاية الحياة البشرية، وليقضي على مبادئ التفرقة الظالمة تجاهها، لتنخرط في المجتمع تعرف ما لها وما عليها في قانون العدالة الإلاهية كما جاء في دستور رب العالمين: « ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف..» .. « والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض» تقاسمت الأدوار بين الرجل والمرأة حتى وإن اختلفت بسبب الطبيعة "الفسيلوجية" لكل منهما ولاحتياج كلاهما لاختلاف الآخر.
فكان تكريم المرأة في كل مراحل حياتها من لدن ولادتها حتى وفاتها من أهم ركائز الدين الحنيف، طفلة كرمت في كنف أبيها، زوجة في مودة زوجها، عاملة لا تُحرم حقها، حتى وهي أم أوصى الله بها.
كل هذا التكريم المرحلي إما بنص قرآني أو بنص نبوي نزلت به شريعة الإسلام خصيصا لها والباحث في النصوص يحتاج إلى أيامٍ وليالٍ طوال لينهل فقط من كرامة وتشريف المرأة فيها، بما في ذلك سورة كاملة سميت باسمها « النساء » حق المرأة لا يهدر أبدًا في ميزان الإسلام.
« هن لباس لكم وأنتم لباس لهن.. » « ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا ووضعته وهنا......»
« من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون» و « استوصوا بالنساء خيرا..» « رفقا بالقوارير».. كل هذا على سبيل المثال لا الحصر ووافقه الشاعر حين قال: الأم مدرسة إن أعددتها أعدت شعبا طيب الأعراق.
ورغم كل هذا الاحتفاء والتعظيم من شأن المرأة تجد الافتراءات والأكاذيب لا تنم، ودس الكلام المسموم في الظاهر المعسول لا تكف عن أذاها وبغضها للإسلام والمرأة تحت دعاوى الحرية والمدنية، وأنا أتحداهم في أنهم لم يسبق لهم قراءة القرآن بفهم ورغبة حتى يتحدثوا حديثا حقيقيا عن ظلم المرأة!!
وإن قرأوا طالبوا بتعديله وتغييره وإقامة نصوص لا تواكب المتغيرات بقدر ما تواكب أهواءهم الشيطانية، محاولات لنزع العزة بدين الله إلى ذل الأهواء والشياطين، ومن عفة الإيمان إلى كائن للجنس والإغراء.. لكن أنّى لهم أنّى لهم، فلم يترك الإسلام لهم سبيلًا إلا أغلقه في وجوههم بالحجة والبرهان.. ويأبى الله إلا أن يتم نوره.