اعلان

مواهب خضراء في سماء النحت المصري

د. محمد أبو الفتوح غنيم
د. محمد أبو الفتوح غنيم

فن النحت لون مميز من ألوان الفنون التشكيلية، وفرع من فروع الفنون المرئية، الوثيق الصلة بالفنون الأخرى كالرسم والتصوير والهندسة، قد يمارس على الحجر، أو المعدن، أو الخشب، أو بالطينة والصلصال والخزف ومواد أخرى.

وهو من أقدم الفنون التي عرفتها البشرية، إن لم يكن أقدمها، وأبدع فيه الإنسان قديماً وما زال يبدع، وصاحب تاريخه الطويل العديد من التغيرات والتحورات في استخدام المواد وفي التقنيات،

وهو كغيره من أفرع الفنون، وسيلة تعبيرية ذات طابع مميز، لتوصيل فكرة، وترسيخ عقيدة، وتجسيد شخصيات، وتسجيل حالات، وهو فن يتطلب موهبة فطرية، وإحساسًا فنيًا وعملًا بدنيًا وبراعة ودقة في التنفيذ، سواء أكان ذلك في النحت البارز، أو الغائر، أو المجسم أو الأالوان الأخرى من الميداليا والتشكيل الخزفي.

وإن كان النحت قد بدأ خادماً للدين، فإنه بمرور التاريخ صار خادماً للكثير من الأغراض، وملبياً للكثير من المتطلبات البشرية، وإن لم ينسلخ عن كونه وسيلة للابداع الفني مصحوباً برسالة معينة إلي الجمهور المتلقي، باختلاف الأسلوب المستخدم فيه.

ولا يزال النحت هو السجل المادي الأكثر دلالة وتوثيقاً للتاريخ. وهناك حضارات قامت، وعاشت، وتم التعرف عليها ودراستها من خلال الأعمال النحتية، ومنها: الحضارة الفرعونية، وحضارات العراق القديم، والحضاراة اليونانية، والحضارة الرومانية، وكذلك الحضارة الهندية والصينية، إضافة إلى الكثير من الحضارات القديمة في أمريكا الجنوبية وأفريقيا، بل امتد دور النحت وتأثيره الطاغي على الحياة والحضارة حتى العصور الوسطى وانتشاره في عصر النهضة والباروك.

ونبغ في فن النحت على مر التاريخ نحاتون عظام، أنتجوا أعمالًا نحتية ثلاثية الأبعاد باستخدام مواد مختلفة، مثل: الخشب أو الحجر أو المعدن. في هذا الخط، شهدت لهم أعمالهم الخالدة، منهم: النحات تحتمس، صانع التمثال النصفي للملكة نفرتيتي، الأسرة الثامنة عشر (1550-1242ق.م)، الدولة الفرعونية الحديثة، ومروراً بمايكل انجلو صاحب تمثال النبي موسى، وتمثال داوود أو ديفيد، ودوناتيلو صاحب تمثال القديس جورج، ورودان صاحب تمثال المفكر، حتى بيكاسو وغيرهم الكثير والكثير.

وبرع من الفنانيين المصريين في مجال النحت، الفنان الكبير الراحل محمود مختار ، والسجيني، وابراهيم عبد الملاك، وجرجس منصور، وآدم حنين وغيرهم الكثير. ولا يزال ينبت في أرض مصر مواهب خضراء في مجال النحت المصري، البارز منه والميداني، وفن الميداليا والتشكيل الخزفي، تجد طريقها إلى النور وتفسح لها موهبتها الطريق للظهور على الساحة الفنية النحتية من خلال أعمالها الرائعة فنياً وفكريا، وفي إطار تشجيع هذه المواهب الشابة، وفي رحاب كلية الفنون الجميلة، جامعة المنيا، والتي تعد منارة فنية في إقليم وسط الصعيد، وصاحبة الرسالة في نشر الثقافة الفنية والتذوق الفني والجمالي في مجتمع الصعيد، وتحت رعاية السيد الأستاذ الدكتور مصطفى عبد النبي، رئيس الجامعة، والأستاذ الدكتور هشام الجباس عميد الكلية، أقيم المعرض السنوي لطلاب قسم النحت بالكلية، يوم الأحد الموافق 28 مارس 2022م، وهو تقليد سنوي يقيمه القسم لطلابه الموهوبين، لتستمر وتتواصل حلقات الابداع الفني وطريق الابداع النحتي بين طلاب القسم وأساتذته من الفنانيين الكبار، زخر المعرض بالعديد من الأعمال الرائعة لطلاب القسم الموهوبين، في مختلف مجالات الإبداع النحتي، ولم تقتصر أعمال الطلاب، التي تجاوزت المائتي عمل، على التنوع في الأساليب فقط، فقد صاحب ذلك تنوع في الخامة المستخدمة فكانت هناك أعمال منفذة من الخشب، والأخرى من الحجر والسلك والمعدن وغيرها من الخامات، إضافة إلى تنوع في التقنيات وأساليب التنفيذ المختلفة.

كشف المعرض عن مواهب فنية شابة مميزة، ومبشرة، تملك أدواتها من الموهبة، والتعلم، والفكر، والتنفيذ، ولعل هذه المواهب الشابة الخضراء في سماء النحت المصري، بعضهم في العام الأولى من حياته الجامعية، أو إعدادي فنون، لم تكن لترتكز على موهبتها فقط لتصل إلى ما وصلت إليه من مهارة وابداع مبكر إلا بمساعدة أساتذة كبار أصحاب انجازات مميزة وسمعة كبيرة.

أشرف على هذا المعرض العديد من أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالقسم، وعلى رأسهم الاستاذ الدكتور جرجس سعيد رئيس القسم. وافتتح المعرض الأستاذ الدكتور هشام الجباس عميد الكلية، والأستاذ الدكتور محمد جلال نائب رئيس الجامعة السابق، وعميد الكلية الأسبق، والاستاذ المتفرغ بقسم النحت، والأستاذ الدكتور محمد أبو الفتوح غنيم وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب، وفي حضور طاغ من الطلاب، والسادة الأساتذة وأعضاء هيئة التدريس ومعاونية من قسم النحت ومن بقية أقسام الكلية، في احتفالية احتفاء وعرض للمواهب الخضراء المبشرة في سماء النحت المصري.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
الجيش الإسرائيلي يطلب من سكان شرق رفح الخروج إلى منطقة إنسانية موسعة