قد يتجاوز العمل الفني الحدود، ويُكتب له الخلود، وليس هذا إلا للعمل الفني الصادق لا غيره. ولا أظن أن الشاعر أحمد رامي كان يدري أن كلماته البسيطة التي عبر بها عن ليلة العيد في أغنية كتبها لأم كلثوم كانت ضمن مجموعة من الأغنيات في فيلم "دنانير"، إنتاج عام 1939م، ومن تلحين رياض السنباطي، سيُكتب لها الخلود بهذا الشكل، وستعيش كل هذا العمر (83 عاماً حتى الآن)، ومتوقع لها أن تعيش أكثر، وأنها ستكون من علامات الاحتفال بمقدم العيد وأيقونة كل ليلة عيد، فمنذ ولادتها ويصاحب إعلان ظهور هلال العيد إذاعتها وانتشارها وتلقى الاستحسان والابتهاج من كل المستمعين إليها.
ولقد حفَّز نجاح الثنائي أحمد رامي ورياض السنباطي النجاح الكبير بهذه الأغنية، الثنائي الآخر بيرم التونسي وزكريا أحمد في محاولة ابداع أغنية لأم كلثوم تضاهي وتنافس أغنية "يا ليلة العيد آنستينا" فكانت أغنيتهما "الليلة عيد" أو "حبيبي يسعد أوقاته" إلا أنها لم تلق ما لاقت الأولى من الذيوع والإنتشار والقبول.
ولبعض الأغنيات تاريخ، وبعضها يرتبط بالتاريخ بشكل أو بآخر، ومما يتعلق بتاريخ هذه الأغنية، أو ارتباطها بالتاريخ، أنه أقيم حفل ليلة عيد الفطر يوم 17 سبتمبر عام 1944م، في النادي الأهلي، واختارت اللجنة الفنية المشرفة على هذا الحفل برئاسة فكري باشا أباظة، ونائبه مصطفى أمينن الأنسة أم كلثوم لإحياء هذه الحفلة، ووُجهت الدعوة للملك فاروق، ملك مصر والسودان، الذي فرض الإنجليز عليه في ذلك الوقت حصاراً إعلامياً، فكان حضوره، وهتاف المصريين له عند دخوله إلى المسرح الذي أقيم بملعب مختار التتش، دليلاً على حب المصريين له، وكسراً للحصار الإعلامي المفروض عليه.
وقد بدأت أم كلثوم وصلتها الأولى في الحفل بأغنية «ذكرياتي»، أعقبتها بأغنيتها الشهيرة "رق الحبيب". لمحمد القصبجي. وفي الوصلة الثانية، تغنّت أم كلثوم بـ "يا ليلة العيد"، وكان من ذكاء أم كلثوم، أن استعاضت عن بيتين من النسخة الأصلية من الأغنية في فيلم "دنانير" ، وكانا في مدح دجلة، وهارون الرشيد:
يا دجلة ميتك عنبر ... وزرعك فى الغيطان نور
يعيش هارون يعيش جعفر ... ونحيي لكم ليالي العيد
فاستبدلتهما ببيتين آخرين يتناسبا والحدث، ويوافقا تشريف ملك مصر والسودان للحفل، فكانا:
يا نيلنا ميتك سكر ... وزرعك فى الغيطان نور
يعيش فاروق ويتهنى ... ونحيي لُه ليالي العيد
ثم أضافت إليها الكوبليه الأخير من أغنية "الليلة عيد" أو "حبيبي يسعد أوقاته" :
حبيبي زي القمر قبل ظهوره يحسبوا المواعيد
حبيبي زي القمر يبعث نوره من بعيد لبعيد
والليلة عيد ع الدنيا سعيد
عز وتمجيد لك يا مليكي
فكان أن منحها الملك فاروق الأول وسام الكمال تقديراً لفنها، وموهبتها، وربما لذكائها ومديحها، ليصبح لقبها "صاحبة العصمة"، ورغم صلة الأغنية منذ هذا التاريخ بالملك وعهد الملكية، إلا أنها خلعت ثيابها الخاص الضيق، وعلاقتها المحدودة بشخص، أو بفترة تاريخية، لترتدي ثياباً فضفاضاً وترتبط بمناسبة عامة عزيزة على الجميع، فأصبحت أيقونة كل ليلة عيد.
كلمات الأغنية كما جاءت في الفيلم:
يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا يا ليلة العيد
يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا يا ليلة العيد
هلالك هل لعينينا فرحنا له وغنينا
هلالك هل لعينينا فرحنا له وغنينا
وقلنا السعد حيجينا على قدومك يا ليلة العيد
يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا يا ليلة العيد
جمعت الأنس ع الخلان ودار الكاس على الندمان
جمعت الأنس ع الخلان ودار الكاس على الندمان
وغنى الطيرعلى الأغصان
وغنى الطيرعلى الأغصان
يحيّي الفجر ليلة العيد
يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا يا ليلة العيد
حبيبي مركبه تجري وروحي في النسيم تسري
حبيبي مركبه تجري وروحي في النسيم تسري
قولوا له يا جميل بدري حرام النوم في ليلة العيد
يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا يا ليلة العيد
يا نور العين يا غالي يا شاغل مهجتي وبالي
يا نور العين يا غالي يا شاغل مهجتي وبالي
تعالى إعطف على حالي وهني القلب بليلة العيد
يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا يا ليلة العيد
يا دجلة ميتك عنبر وزرعك في الغيطان نور
يا دجلة ميتك عنبر وزرعك في الغيطان نور
يعيش هارون يعيش جعفر ونحي لهم ليالي العيد
يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا يا ليلة العيد