أيامنا الحلوة.. تغيير الرموز

محمود خليل
محمود خليل

عندما ينظر المرء لما حدث من التغيير عبر التاريخ فى إستخدام بعض الرموز ذات الدلالة سواء كانت تلك الرموز شخصيات بشرية أو أعمالاً فنية أو حتى ظواهر طبيعية فإنه حتماً سيُدرك أن الكثير من تلك الرموز قد تم إستخدامها فيما لا يُناسبها قياساً على تاريخها السابق إما بالسلب وإما بالإيجاب.

يُروى أن هِرَقل ملِك الروم كتَبَ إلى سيدنا مُعاوية بن أبى سفيان يسأله عدة أسئلة ليتحداه إن كان بقى عندهم – أى المُسلمين - شئ من علوم النبوة بعد إنتقال الرسول عليه الصلاه والسلام للرفيق الأعلى وكان مما سأل عنه هِرَقل أنه سأل عن تفسير (قوس قزح)، وقد أجابه سيدنا معاوية بعد أن رَجَع إلى سيدنا إبن عباس حَبر الأمة وكانت الإجابة : إن قوس قزح هو أمان من الله لأهل الأرض من الغرق بعد طوفان سيدنا نوح، ويؤمن المسيحيون بنفس التفسير وهو أن قوس قزح هو وعد من الله أنه لن يُغرق الأرض بعد طوفان سيدنا نوح.

كما يقول العالِم محمد بن سيرين فى تفسير رؤية قوس قزح في المنام أنه يدل على الخير والخَصب لأنه مرتبط بالمطر، أى أن قوس قَزَح قد ظل لقرون طويلة رمزاً للأمان والخير والرخاء، والكل يعلم أين ذَهَب رمز قوس قَزَح الأن وفيما يستخدم وإلامَ يرمز؟!

وتتخذ إحدى أهم شركات القهوة فى العالم شعاراً لحورية بَحر رمزاً لها، وتُنتج الشركة ذات اللون الأخضر بُن القهوة بأنواعه قبل أن تُقدمه فى مشروبات عديدة فى محلاتها المُنتشرة فى أنحاء العالم، وبالبحث فى رمز الشركة تبين أن حورية البحر (سيرين) الموجودة فى علامة الشركة التُجارية هي شخصية فى أسطورة يونانية، وتقول تلك الأسطورة أن هذه الحورية كانت تُغوى البَحارة بصوتها الجميل فيصيبهم الهَوَس والإدمان والجُنون! ومن فكرة الإدمان جاءت فكرة إتخاذ أصحاب شركة القهوة لحورية البحر كعلامة تُجارية، وكأن أصحاب تلك الشركة لم يجدوا خيراً من الأدمان ليتخذوه كرمز للقهوة!

أما هِلال القمر فلم يُتخَذ كرمز للإسلام إلاً فى أواسط القرن الرابع عشر الميلادى فى عهد العُثمانيين أى بعد حوالى تسعة قرون من هجرة الرسول الكريم، إذ لم يتخذ المُسلمون الأوائل أى رموزاً على راياتهم الحربية فى المعارك بل كانت رايات بسيطة ذات لون واحد، وحتى إتخاذه رمزاً للإسلام كان الهلال مُرتبطاً بالتاريخ والتقويم وفقط، أما قبل الإسلام فقد كان الهلال رمزاً لألهة مزعومة، وقد حدث ذلك فى كُل الحضارات القديمة تقريبا! لكن رمز الهِلال عاد وإرتقى وصار رمزاً للمُسلمين.

وهكذا كان حظ الرموز فمنها من تم وضعه فوق قدره فتحَوَل لرمز دينى مُلهم لمليارات البَشَر ومنهم من خاب حظه فأصبح رمزاً للخروج على الطبيعة بعد أن كان رمزاً للخير والنماء والأمان.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
إعلام إسرائيلي: تل أبيب تدرس الاستئناف على قرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو