يوميات معتمر مصري في المدينة المنورة ( 4 ) المصريون في الغربة على لهيب الخلافات الزوجية الساخن !

المسجد النبوي الشريف
المسجد النبوي الشريف

في الأيام الأولى لوجودي بين المصريين في المدينة المنورة لم أكن أتوقع ان لهيب الأزمة الاجتماعية في مصر قد امتد ليطال العائلات المصرية التي تقيم في الخارج، وبشكل خاص عندما تكون الاسرة بكاملها زوجة وزوج وأبناء يعيشون في بلد مهجر ليس فيه أزمات مالية بما يؤمن للأسرة مستوى مستقر من العيش ومن الادخار، ولكن يبدوا أني تسرعت في هذا الاعتقاد، أو كنت متفائل أكثر مما ينبغي لي، أو حتى كنت واهما بالكامل، بل ما لمسته على الأرض كان مثل الرماد الذي يخفي تحته نارا من نوع جديد قد تطال بعض أسر المهاجرين لدول تنشط فيها معدلات توطين الوظائف مثل السعودية وبالتأكيد باقي بلدان الخليج .

المسجد النبوي الشريف

المسجد النبوي الشريف

طفل مصري صغير تغيب في بلد غريب لا يعرفه فيه أحد

جاء لي شاب المصري قدمه لي صديق وطلب مني أن أساعده في ان يقدم مظلمة لمدير الجوازات في المدينة المنورة بإثبات تغيب ابنه، والحقيقة أني فزعت من الكلمة المفردة التي استخدمها الشاب المصري ( تغيب )، وظننت لأول وهلة ان ابنه فقد منه أو حتي تعرض للخطف، واستنكرت هدوء الشاب المصري بينما انا نفسي شعرت بأن قلبي يسقط في الأرض خوفا على الطفل المصري الصغير الذي ( تغيب ) في بلد غريب لا يعرفه فيه أحد، وكنت على وشك أن اطلب منه أن نتصل بالسفير المصري وليس بمدير الجوازات في المدينة المنورة، ولكن عندما حكي لي الرجل التفاصيل هدأت صدمتي ولكن شاغلني تفكير من نوع جديد !

راتب الزوجة والجنيه المصري الضعيف وصدمة العودة لمصر

بدأ الرجل يحكي وهو يداري خجله رجولي لرجل وجد نفسه في موقف العاجز عن حماية نفسه، فضلا عن حماية طفله، فالرجل يعمل في السعودية منذ سنوات في القطاع التجاري وزوجته تعمل معلمة، وبسبب إجراءات السعودة تم إنهاء عمله بينما لا تزال زوجته على رأس العمل، في البداية كانت الحياة تسير بشكل طيب، وكان راتب الزوجة البسيط بالمقارنة براتبه وبدلاته مبلغ هامشي تحتفظ به الزوجة لنفسها، لكن في ظل انهيار قيمة الجنيه المصري أصبح لها المبلغ البسيط رقما بالنسبة للزوجة افقدها عقلها ( طبعا مع الاعتذار ولكني انقل كلام الرجل بشكل محايد قدر المستطاع )، طلب الزوج من زوجته أن تنهي عملها ويعودا لمصر رفضت بكل قوة . ( هنا اعتذر عن نقل كلمات الرجل عن زوجته الحقيقة هي أساءت له وهو رد الإساءة بأحسن منها ) !

الحل الوسط واختفاء جواز سفر الطفل المصري !

بعد تدخل الوسطاء من العائلات المصرية اتفقا على حل وسط، أن ينزل الرجل لمصر يستعيد حياته فيها وأن تبقي الزوجة حتي ينتهي عقدها كما كان الزوج يملك ورقة ضغط لا يمكن مقاومتها سوف تدفع الزوجة إلى سرعة انهاء عملها في السعودية والعودة إلى مصر هي طفلهما، فالطفل على سجل أسرة الزوج ولا يستطيع الزوج مغادرة السعودية بدونه والطبيعي ان إقامة الطفل تنتهي مع إقامة الأب ويجب ان يغادر معه، وطبيعي أن الام بغريزة الامومة لن تستطيع أبدا الصبر على فراق ابنها، الحقيقة كان الرجل في بداية الامر واهما في أن الزوجة لن تتحمل كثيرا البعد عن زوجها ولن تطيل الغربة، واتفقا الاثنين وهدأت النفوس، طلب الزوج جواز سفر الطفل فقالت له الزوجة عبارة نقلها الزوج عنها تمس السيدة والدته طبعا لن استطيع ذكرها لكن يمكن للقارئ الكريم أن يخمنها !

عقوبات وترحيل وحيرة وهذا هو من سيدفع الفاتورة !

والحقيقة كنت ومن معي نكتم ضحكنا من الموقف المأساوي بأكمله الذي يرويه الزوج بطريقة عفوية حرصا على مشاعر الرجل، ولكن الضحكة المكتومة تحولت لحيرة حقيقية لأن الرجل لن يسمح له بمغادرة المطار بدون الطفل، وتأشيرة خروجه النهائية سوف تنتهي بعد 48 ساعة، وكل يوم بعد انتهاء هذه المهلة لا تعرضه لعقوبات لا قبل لها بها فحسب بل سوف تعرضه لأن يحصل على ممانعة من دخول السعودية مرة أخرى على الأقل لعشر سنوات، ولن يتم ترحيله بدون الطفل، وهو كأب مشفق من أن يتعرض طفله لإجراءات الترحيل، لقد وضعت الزوجة زوجها في موقف جعلنا جميعا نحتار في حله، وحتى بعد أن قدمنا الرجل لمن يوصله بمدير الجوازات في المدينة المنورة نحن مشفقين على مدير الجوازات نفسه من أن يفشل في حل هذه المشكلة المصرية بامتياز لأن من سيدفع فاتورتها في النهاية هو الطفل الصغير !

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً