يوميات معتمر مصري في المدينة المنورة (9) . شباب مصري على صفيح التأشيرة الحرة الساخن

المدينة المنورة
المدينة المنورة

في رحلتي بين المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ومكة المكرمة قابلت شبابا مصريا أقل ما يمكن وصفه بهم انهم شباب جاد، فضلا عن ثقافتهم التي فاجأتني، ووعيهم الكبير بالشأن العام وبكل ما يدور في مصر وحولها، بل وحتي رؤيتهم للمستقبل. شباب واعد وذكي ومكافح، ولكن الوضع الذي رأيتهم فيه ينذر بتحول خطير في اتجاهات الهجرة المصرية، بل ينذر بتراجع كبير في الخيارات المتاحة للشباب المصري للعمل داخل مصر وخارجها .

تغير ملفت على اتجاه هجرة الشباب المصري المتعلم

وحتي سنوات مضت لم يكون في دول الخليج من يمكن أن نصفهم بأنهم متخلفي الإقامة من المصريين بين فئة الشباب المتعلم وخريج الجامعات، فلم يكن هناك مهندس ولا طبيب و محاسب ولا معلم يقبل أن يظل في دولة خليجية في وضع قانوني يعرضه للترحيل، كنا نعرف ان بعض فئات العمالة اليدوية قد تقبل بهذا، ولكن لم يكن خريج الجامعة في مصر يسافر للخليج إلا بعقد عمل محدد المدة والراتب ويظل في وظيفته حتي تنتهي فترة العقد أو يقرر هو أن ينتهي العقد ويعود لمصر بعد ان يظن أنه حقق هدفه الذي سافر من أجله، وللمفارقة كان يمكن للشباب المصري خريج الجامعة في مصر أن يقبل المخاطرة فيسافر بتأشيرة سياحة لليونان أو إيطاليا ويكسر التأشيرة هناك طالما أنه يعمل على انتظار فرصة لتوفيق أوضاعه بالزواج أو غيره، ولكن لم يكن هناك شاب مصري متعلم يقبل أن يضع نفسه تحت مهانة مخالفة نظم الإقامة في دول الخليج التي تعرضه لمخاطر قانونية ومحاكمة وترحيل .

خدعة التأشيرة الحرة وفخ إعلانات مواقع التواصل الاجتماعي

جلست واستمعت للشباب وما عرفته هو أن هناك فخ تنصبه شركات سياحة وأفراد وبعض المحتالين الذين ينشرون إعلانات حول ما يسمى بالتأشيرة الحرة على مواقع التواصل الاجتماعي وييبعون الوهم للشباب باسم التأشيرة الحرة، والحقيقة أنه لا يوجد شيء في المملكة العربية السعودية اسمها التأشيرة الحرة، ولكن ما تعرض له هؤلاء الشباب انهم دفعوا مبالغ كبيرة للحصول على تأشيرة عمل منسوبة لكفيل فرد أو مؤسسة بدون عقد عمل وبدون ان يكون مصدر التأشيرة ملتزما بأى التزام تجاه الشاب المصري، وهذه التأشيرة تتيح فقط الدخول للمملكة العربية السعودية بطريق شرعي لمدة 3 شهور، وخلال هذه الفترة يجب على كل من يحمل تأشيرة حرة أن يبحث عن مؤسسة حقيقية او صاحب عمل حقيقي يتمم له إجراءات الإقامة، وفي معظم الحالات لا يجد الشباب المصري وظائف حقيقية ويوما بعد يوم تنتهي مهلة ال 3 أشهر ليجد الشاب المصري نفسه بين خيارات أن يعود لمصر ويخسر كل ما دفعه للقدوم للسعودية، أو أن يظل يبحث عن عمل على أمل توفيق أوضاعه بعدها، أو القبول بأى وظيفة وبأى راتب فقط لينجو من فخ التأشيرة الحرة.

شباب مكافحون وعصاميون والخير قادم لهم

الحقيقة الشباب المصريون الذين قابلتهم بين مكة والمدينة مثال حى على الكفاح والعصامية، وليس ذنبا لهم أنهم لم يجدوا عملا في مصر، ولا يعيب الشاب منهم أن يقبل أي وظيفة وأى راتب حتي يستعوض على الأقل ما دفعه لشراء التأشيرة الحرة المزعومة، وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي يمرون بها إلا أن تجمعهم على طعام يتشاركون في شرائه أو زيارتهم لبعضهم البعض لا تخلو من حديث كله أمل وكله استبشار بالخير الذي هو قادم .

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً