مشكلة غلاء الأسعار التي يعاني منها العالم أجمع، والبلاد الفقيرة على وجه الخصوص، تتفاقم يوما بعد يوم ولا يبدو في الأفق القريب أو البعيد أي حل ممكن لهذه المشكلة الكبيرة التي تعصف بعدد كبير بل بغالبية الشعوب أصحاب الدخول المحدودة القليلة.
وكما يقال على سبيل الدعابة إن الأسعار تسير بسرعة الصاروخ بينما الأجور والمرتبات تسير بسرعة السلحفاة مما يجعل الأمر شبه مستحيل أن تلحق الأجور بالأسعار أو حتى تقترب منها هذا يحدث عالميا في الحقيقة حتى أن السيناتور الأمريكي بقرني ساندرز ينادي كل يوم على حسابه الشخصي بمواقع التواصل 'فيس بوك' و'توتير' بحقوق الطبقة العاملة في أمريكا من أجور مناسبة خصوصا أولئك العاملين بشركات القطاع الخاص التي تحقق أرباحا طائلة.
مشكلة غلاء الأسعار بين الرقابة والضمير
عندما نسأل عن هذه الهوة الكبيرة بين الأجور والأسعار، تكون الإجابة أنها آليات السوق الحر وديناميكية العرض والطلب والتنافسية، وهي إجابة لا يفهمها المواطن البسيط ولا تقدم له أي حل.
السر في التفاصيل، أفهم أن تزيد الأسعار بمعدل معروف ومحدد كل فترة بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج والوقود ووسائل النقل ومن بين كلفة الإنتاج أيضا الأجور أجور العاملين التي يبدو أنها الجزء الأضعف الذي لا يزيد إلا زيادة طفيفة كل فترة لكن أن تكون الزيادة كل يوم أو كل أسبوع على كل سلعة إلى ما لا نهاية فهذه يستدعى النظر والبحث ومعرفة الأسباب.
أعلنت الحكومة أن موضوع الأسعار لا يمكن السيطرة عليه إلا عن طريق المواطن، الذي عليه أن يرشد استهلاكه ثم ناشدت التجار بتحكيم الضمير وعدم المبالغة في رفع الأسعار، نعم يجب على المواطن أن يرشد استهلاكه ويغير أولوياته، لكن بالنسبة للتجار كيف نلزمهم بعدم المبالغة في رفع الأسعار.
ولنفترض أن بعض التجار لن يحكم ضميره ولن يستجيب لهذه المناشدات، فماذا يفعل معهم المواطن والتجار يلقون باللوم على الموزعين، والموزعين يلقون باللوم على الشركات المنتجة، والشركات المنتجة يلقون باللوم على موردي المواد الخام، وموردي المواد الخام يلقون باللوم على تغير سعر الصرف، والذي في الحقيقة لا يتغير كل يوم أو حتى كل شهر بل يتغير مرة في العام أو مرتين على الأكثر، مما ينبغي معه أن ترتفع الأسعار مرة أو مرتين في العام أيضا فماذا يحدث؟ وأين يقع الخلل في هذه السلسلة الطويلة.
يوجد عنصران مهمان جدا للتحكم في الأسعار وعملية التجارة الحرة وهما الرقابة والضمير العام، واللذان قد يسد أحدهما عجز غياب الآخر ولكن إذا غاب الاثنان معا فهذا يعنى أن نفقد السيطرة تماما على الأسعار وعلى الأسواق وعلى كل شيء.