أحمد عنتر يكتب: «الحكومة تعدم العقار»!

أحمد عنتر
أحمد عنتر

«الحكومة تعدم العقار».. هذه الفكرة الصادمة راودتني قليلا، عندما انقطعت المياه عن العقار الذي أسكنه، فلم أشعر خلال اليوم الأول لوجودي بالخارج مع أسرتي، لكنها عندما غابت ليومين استغاث السكان، فأشفقت، ولجأ إليّ أحدهم فأذعنت، وتواصلت مع مسؤول عظيم في الشركة القابضة للمياه، لن أذكر اسمه تقديرا لرغبته التي أعرف يقينا أنها مدفوعة بطيب أصله وتجرده، فما كان منه إلا أن وضعني على الخط مع مسؤول الشبكة، لتُحل المشكلة في نفس اليوم الذي تواصلت معه فيه.

وأنا في تلك المأساة المؤقتة، رابض على فكرة عامة، هل لو غابت الاستجابة من مسؤول ما لسبب ما، يُعدم العقار؟.. ماذا لو غابت النجدة، أو تعثرت أو تأخرت، ماذا سيفعل مواطن بسيط أمي مثلا، أكثر من اللجوء إلى الله؟، بالحق أقول إن مصر في داخلها حفظ إلهي، فكل هيئة بها شخص واحد على الأقل تحركه حاجات الناس، يسير في درب قضائها خضوعا للإنسانية والضمير، دون تلكؤ أو تخاذل، وهناك أيضا من يتاجر بالحاجة، فلا يتحرك إلا لقاء «أشياء أخرى»، وهنا يستيقظ دور الدولة الرئيس.

وفي الفساد أو الإصلاح هناك معضلة فلسفية معروفة، فكل من لا تحركه نفسه ويقوده ضميره داخل منظومة ما، يحتاج إلى من يراقبه، وهذا المراقب بدوره يحتاج إلى رقيب له، يمنعه أو يزجره عن الفساد والخطأ، وهذا في حد ذاته ما يحتاج إلى بناءٍ قويم غير مختل للإنسان، وبناء الإنسان هو أصل ما قامت عليه الجمهورية الجديدة، التي وضع لبناتها باقتدار وصبر الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي نأمل أن تسايره الحكومة في سعيه الحثيث، إصلاحًا ومواجهةً للفساد.

في بداية 2021، كانت هناك واقعة شهيرة لعمارة محترقة في فيصل، ظلت ترسل بأدخنتها وألسنة لهيبها في السماء عدة أيام، لتسلط الأضواء على ضرورة معالجة فساد المحليات، فوقوع مخالفة واحدة بسبب فاسد واحد، يخلف وراءه جبلا من الكوارث.. وبالتزامن مع الحدث واستغلالا له خرجت أصوات المطالبة بالإصلاح المحلي، لكنها سرعان ما انطفأت، لأن العلاج قاس وطويل، ولأن الحكومة غارقة في مشاكل أخرى، ربما لو بدأتها بمواجهة الفساد لانحلت بقية العقد.

«إحنا بنحفر مستقبل بلدنا، وكل طوبة بتتعمل في البلد أنا معاها وشايفها، واخد بالي من الفساد اللي في البلد، وبتحرك لمواجهته ومش هسيبه»، هذه هي عقيدة الرئيس السيسي للإصلاح ومواجهة الفساد، التي ألقى بها مرارا وتكرارا، وآخرها خلال افتتاحه محطة تحيا مصر في الإسكندرية، وهذا هو الفارق بينه وبعض المسؤولين في الحكومة، فهو دوما في المواجهة، يطلبها ويؤكد عليها، ويسعى لتفعيلها، بينما البعض يؤخر ذلك ويتلكأ فيه ويتجاوزه.

رسالة الرئيس في ذلك اليوم تحديدا كانت صريحة وواضحة بأنه «لا تخاذل»، و«لا تراجع»، أمام أي فاسد أو أي فساد، إذ كان مفاجئا في حديثه، مخيفا في عرضه، وواضحا في إنذاره، بإعلانه التوجيه بالقبض على صاحب عقار مخالف بالميناء، ليضع جرس الإنذار أمام الجميع، بأن الإقصاء والعقاب العادل مصير كل فاسد أو متجاوز.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً