في مشهد ديموقراطي ملتبس ومليء بالصراعات السياسية، ولا يخلو من التحيز والتعصب، تطل علينا الإنتخابات البرلمانية في سابقة فريدة من نوعها منذ وقت طويل، فقد كرست الدولة متمثلة في أعلي سلطة تنفيذية فيها وهو رئيس الجمهورية،مبدأ تكافؤ الفرص، فقد دعي رئيس الجمهورية بنفسه الناخبين بأن ينتخبوا الأفضل، وأن كلمة الفصل هي إرادة الناخب،مخاطبا الناخبين بشكل صريح "لا تبيع صوتك فهو أمانة" وهذا خطاب صريح أبوي مباشر، يعكس مدي الزخم والإنسيابية وحالة السيولة السياسية الممزوجة بالجهل المركب؛ سيولة سياسية في حياد الأجهزة التنفيذية والحرص من الدولة علي حرية الناخب في الإختيار، والجهل المركب المتمثل في محاولات البعض لإفساد المشهد بقصد أو بدون قصد سواء من النائب أو الناخب، فلا يخلو يوم في كل دائرة من مؤتمر صاخب، أو زفة بلدي، أو أغاني وطنية أو ودعاية بشتي أنواعها نزيهه وغير نزيهه ، ومحاولات إستعطاف من النائب للناخبين سواء بمسيرة حاشدة أو من فوق دراجة بسيطة او علي ظهر تكتك، ووجود للمال السياسي من بعض رجال الأعمال كلا محاولا التأثير بطريقته .
فلم يعد البسطاء قادرين علي التمييز بين هذا وذاك، فحالات بكاء النواب العاطفيه انتشرت، والوعود الرنانة كثرت، وفزعت العائلات الكبري والقبائل لأبنائها ، حرصا علي أخذ مقعد في البرلمان، والكثير من الجمهور مثل المشجعين، مفتونين بالهالات والصخب حول البعض .
وفي ظل مراقبة مباشرة وحثيثة من الرئيس السيسي للأحداث، يخاطب الناخبين خطاب مباشر "إحسن الإختيار وأعمل عقلك " فلم يكن خطاب من فراغ، فهو يعبر عن رصد لمحاولات تزييف البعض لارادة الناخبين وهو ما دفع اللجنة العليا لإلغاء نتائج ١٩ دائرة في المرحلة الأولي، وهو ضمانة لسير العملية الإنتخابية بشكل ديموقراطي وحيادي .
السؤال الذي يطرح نفسه دوما، هل سنختار الافضل والقادر علي تمثيلنا تمثيلا حقيقيا ؟ ،هل سيغلب العقل في الإختيار علي العاطفة؟ ،هل ستقدم المصلحة العامة علي المصلحة الخاصة ؟ ، والاهم من ذلك هل ستتحمل أمانة الإختيار؟ ،هل سينخدع البعض بالزفة والرقص والمال السياسي وحالات تمهيد الطرق والتبرعات ؟ .
علينا الإنتظار وعلي الناخبين مسئولية كبيرة وجب أن يتحملوها وفرصة حقيقية لننتج ونفرز نائب حقيقي مثقف قادر علي حمل همومنا والتحدث في المجلس بصوتنا ومناقشة بنود الموازنة والتشريع والرقابة علي السلطة التنفيذية، ودمتم سالمين.