هل أتاك نبأ القوم الذين يؤمنون بأن الفيروس الذي ضرب الصين مأخراً ما هو إلا غضب الله على الحكومة الصينية وشعبها المؤيد لحملات التفرقة العنصرية وحصار أقلية الإيغور المسلمة، وأن دعاء المسلمين على مواقع التواصل الاجتماعي هو كلمة السر وسط كل هذا الغموض والتحذيرات.
وهل لاحظت نبرة الشماتة والفرح في كلام المتأسلمين المستبشرين بهذا الوباء الذي من المتوقع إن لم يتم السيطرة عليه سيُفني أرواح ملايين البشر، من جميع الجنسيات والأديان والأعراق؟!، وهل صادفت من يستشهدون بآيات قرآنية وأحاديث نبوية تؤكد ادعائاتهم وميولهم النازية.
كيف لهم أن يتوهموا العامل المشترك بين اضطهاد الصين للمسلمين وبين هذا الوباء القاتل الذي من المحتمل أن يموتوا هم به أيضاً، وكيف لهم أن يتجرأوا على الله بمثل هذه الأفكار وهو القائل في كتابه العزيز " لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُون"، حتى وإن كان اعتقادهم قد أصابه بعضٌ من الصواب، كيف يتثنى لهم تفسير بعض الكوارث الطبيعة التي ضربت رموز الدين الإسلامي ومقدساته ؟!
كيف لهم أن يخرجوا من وحل تضارب الأفكار التي كانت بوابة لإلحاد الشباب ويردوا عن تساؤلات تراكمت في صدورنا لعقود
هل الله الذي أرسل جنوده من الفيروسات للصين لأنهم اضطهدوا أقلية الإيغور هو نفسه الله الي سمح لرافعة أثقال أن تسقط على الحجاج في بيته وتقتل أكثر من مائة حاج ؟!
ألم ترى كيف فعل المطر بالحرم المكي عام 1941 حتى إن حجاج بيت الله كانوا يسبحون حول الكعبة للطواف ويمارسوا ما تسمى برياضة الغطس لتقبيل الحجر الأسود، وكذلك عام 80 من الهجرة أغرقت الأمطار حِجر إبراهيم عليه السلام وقبلهم عام 17 من الهجرة، هذا بغض النظر عن مئات الغرقى في كل حادثة.
ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم الذين هدموا الكعبة المشرفة أكثر من مرة، أولها كانت على يد قريش قبل هجرة المصطفى بخمس سنوات، ثم هدمت ثانياً على يد جند يزيد بن معاوية أثناء مطاردة عبدالله بن الزبير، حيث أمر الحجاج بن يوسف وكان قائد الجيوش آن ذاك بضرب الكعبة بالمنجنيق، فنشب الحريق بالكعبة المشرفة وهدم مُعظمها.
وهدمت الكعبة أيضاً حين هجم أبو الطاهر القرمطي بجيشه على بيت الله وقتل من المصلين أكثر من ثلاثين ألف داخل الحرم وقال قولته الشهيرة " أنا، أنا أخلق الخلق، وأفنيهم أنا" وبعد أن أنتهى القتال أمر بردم عين زمزم بجثث المسلمين وسرق الحجر الأسود وكسوة الكعبة، وظل الحجر معه ما يزيد عن عقد من الزمان.
وأعاد محمد القحطاني الكَرة حين هاجم البيت الحرام عام 1979 م بأكثر من ثلاثمائة مسلح استقطبهم من إثنى عشر دولة مختلفة أطلق عليهم " جند المهدي المنتظر" واقتحموا الكعبة فجراً واستولوا عليها وحاصروها لنص شهر، ثم هاجمت القوات الخاصة الفرنسية الحرم بعدما حصلوا على فتوة شرعية بجواز الاقتحام والإشتباك لإنهاء الحصار واتحرير الرهائن، وبالطبع خلّف ذلك عدداً ليس بالقليل من القتلى والجرحى من الجانبين داخل بيت الله الحرام.
ألم يقرأ هؤلاء في التاريخ أن مسجد الرسول حُرق للمرة الثانية عام 886 من الهجرة بسبب عاصفة رعدية أصابت هلال المِأذنة في يوم ماِطر، وأكلت النار المسجد برِمته بما فيه من كُتب ومصاحف، ولم تسلم إلا القبة الداخلية على قبر سيد الخلق وتوفي يومها عشرات المصلين على رأسهم كبير المؤذنين الشيخ شمس الدين بن المسكين.
ودعك من التاريخ وكتبه، فهنا ومنذ عام تقريباً، في طليعة عام 2019 المنصرم وبالتحديد في الثامن من ينايرهجمت مجموعات من صراصير الليل على ساحات الحرمين المكي والمدني، بأعداد غفيرة أصابت ضيوف الرحمن بالفزع، والكل ربط هذه الحادثة بتمرد آل سعود على الأعراف الإسلامية، وعصيانهم لأوامر الشرع، وإدخال المملكة ما لم يُعهد عليها من إقامة حفلات للفسق والفجور، على مقربة من قبر رسول الله.
ويبقى السؤال الذي طرحناه في مُستهل حديثنا..
كيف سيرد علينا من يربطوا بين أي كارثة طبيعية بغضب الرب وعصيان وكفر من وقعت عليه، بعد أن سردنا لهم كل هذه الكوارث التي أحلت برموز ومقدسات الإسلام ؟!
كل ما في الأمر أن ما أطلقوا عليه " الكورونا " ما هو إلا وباء وخلل بيولوجي بعيدٍ كل البعد عن دعاء المسلمين لأقلية الإيغور، وإلا لكان الله غاضباً على الإسلام والمسليمن ورسولهم .!