ارتفاع واردات مصر من الأدوية وأجهزة الطب والجراحة خلال يناير وفبراير 2022 إلى 703.319 مليون دولار
مسئول ملف الأدوية بالمركز المصري للحق في الدواء: نصنع 85% من احتياجات السوق المحلى والباقي نستورده
أحمد السواح: صناعة الخامات مشكلة مزمنة في مصر رغم أنها ليست مشكلة حقيقية
يعانى سوق الدواء المصري من غياب المنتج الدوائى المصري في ظل تذبذب توافر المواد الخام من الخارج، الأمر الذي تحاول الدولة جاهدة لإيجاد حل فوري وفعال للتغلب عليه واستعادة الريادة الصناعية.
ويعد المنتج الدوائي في مصر سلعة غير مرنة الطلب خاصة مع ارتفاع الأسعار بشكل متتابع الفترة الماضية نتيجة عدة عوامل أبرزها تراجع سعر الجنيه أمام الدولار، وزيادة معدل التضخم وتوقف سلاسل التوريد أكثر من مرة في ظل الاعتماد على استيراد أغلب مكوناته من الخارج حيث يستمر الطلب عليها حتى مع ارتفاع أسعارها كونها سلعة ضرورية.
وأوضحت نشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع قيمة واردات مصر من الأدوية وأدوات وأجهزة للطب والجراحة خلال شهري يناير وفبراير 2022 بنسبة 22.4% لتسجل 703.319 مليون دولار في مقابل 574.528 مليون دولار خلال نفس الشهرين من 2021.وسجلت قيمة واردات تلك المنتجات بلغت 284.457 مليون دولار خلال فبراير الماضي في مقابل 323.951 مليون دولار خلال فبراير2021 بتراجع 12.2%..
وفي ملف خاص لـ"أهل مصر"، نستعرض جهود الحكومة لإنتاج المواد الخام لصناعة الدواء المصرية، وهو ما نستعرضه خلال التالي:
قوة مصر الصناعية للدواء:
قال دكتور كريم كرم، مسئول ملف الأدوية بالمركز المصري للحق في الدواء، إن مصر تصنع ما يقرب من 85% من احتياجات السوق المحلى من الدواء ويتم استيراد الباقي، موضحا أن حجم التصدير لا يزيد عن 60 أو 70 مليون جنيه سنويًا.
وأضاف "كرم"، أن تصنيع المواد الخام الخاصة بالأدوية يحتاج إلى استراتيجية، لأن المواد الخام يتم استيرادها من الهند والصين باعتبارهما المصدرين الرئيسيين الذين يعتمد عليهم العالم فى إنتاج الأدوية، متابعًا أن هناك مواد خام يتم تصنيعها فى مصر عن طريق شركة النصر والباقي يتم استيراده.
وأكد أن مصر تستطيع تصنيع تلك المواد وفتح مجالات اقتصادية متعددة لهذه المواد باعتبارها موزع جيد جدا لأفريقيا وآسيا فضلا عن تحقيق طفرة اقتصادية نظرا لتوفير الدواء فى ظل ارتفاع تكاليف الشحن مما يزيد الربحية.
قدرة مصر لإنتاج المنتجات الدوائية
وأشار إلى صعوبة إنتاج كل المنتجات الدوائية محليًا في مصر بسبب تراجع مستوى البحث العلمى، حيث يستلزم استيراد أدوية من الخارج لها حقوق رعاية، مؤكدا تمكن مصر من تصنيع بدائل لتلك الأدوية بعد سقوط حق الرعاية، لافتاً إلى أن أدوية النانو تكنولوجي والبيولوجي والأدوية الإشعاعية تستغرق وقتًا طويلًا لصناعتها.
واقترح "كرم"، البدء فى تصنيع أدوية الأورام وأدوية البلازما عن طريق مصانع الإنتاج الحربي بالتعاون مع الدول المتقدمة بها مثل كوريا الجنوبية، خاصة أن هناك تعاون مشترك فى مجال تصنيع الأدوية معها، بالإضافة إلى أن توطين الصناعة يحتاج إلى وقت ومجهود بجانب تدريب العمالة .
وتابع: "كل منتج متوفر تصنيعه لكل الشركات خاصة مع سقوط مجموعة سلاسل الاحتكار التى كانت تسيطر على تصنيع الأدوية، موضحا أن عصر الاحتكار انتهى وفقد أباطرة السوق نفوذهم بعد أن بدأت الدولة وضع أيديها فى هذا الملف الهام والاهتمام بقطاع الأعمال للادوية من خلال عدة محاور أبرزها إنشاء مدينة الدواء إنشاء"ايجيبتون" الشركة المصرية، شركة الجمهورية للمواد الخام والشركة المصرية للتوزيع حيث صار لديها ذراع حكومى قوي يمكنها من المنافسة بالسوق.
المنافسة مع الشركات
وكشف "كرم"، عن أن المنافسة ستكون من خلال الشركات المصرية للدفاع عن مصالح المواطنين، منوها أن قطاع الأعمال يعانى من تراجع سعر الاصناف الخاصة به مقارنة بمنتج القطاع الخاص، مبررا ذلك بعدم كفاية الإنتاج ويؤدي لتراكم الخسائر حيث يحتاج لإعادة تسعير منتجه ليتمكن من المنافسة.
وأوضح أن اقتصاد الدواء المصري بدأ منذ عام 1960 منذ افتتاح شركة المصرية لتجارة الادوية وشركات قطاع الأعمال، شركة النصر الذى كان الغرض من تصنيعها هو تصنيع المواد الخام وتحقيق الاكتفاء الذاتى من المواد الخام، موضحًا أن الإهمال والتأخر في تحسين أوضاع السوق أثر سلبا على الشركة، مما أدى لتراجع دورها فى تصنيع المواد الخام إلى أن تنبه الرئيس عبد الفتاح السيسى للأمرمؤخرا، وتم إنشاء مدينة الدواء المصرية "إيجيبتون"فى مدينة الخانكة.
احتياجات الحكومة
وقال الدكتور ياسر خاطر، مسئول ملف الدواء بالمركز المصري للحق فى الدواء، إن الشركات الوطنية المصرية تغطى احتياجات الدولة المصرية من الدواء بنسبة تتجاوز 80%، لافتا إلى سيطرتها على سوق الدواء المصري باعتبار أن إنتاج الدواء صناعة استراتيجية يجب على الدولة المصرية فرض سيطرتها على هذه السلعة الاستراتيجية .
وأوضح "خاطر"، أن هناك مجموعة من شركات القطاع الخاص تتمتع بسمعة طيبة، وكذلك غالبية شركات قطاع الأعمال التي تتبع الدولة فيما يعرف بالشركات القابضة، الأمر الذي جعل العديد من الشركات العالمية والمتعددة الجنسيات تتجه لتصنيع أدويتها فى الشركات الحكومية المصرية مثل شركة "بورينكر" الألمانية التي كانت تصنع أغلب منتجاتها في شركة "أسيد" للكيمياويات والأدوية وشركة "شلمبرنج" التي كانت تصنع منتجاتها فى شركة "ممفيس" بجانب شركة "أبوك" التي كانت تصنع فى الشركات القابضة القاهرة كلها، موضحا أن الشركات المصرية تتمتع حتى وقت قريب بسمعة طيبة صادرة عن ارتفاع كفاءة الانتاج وجودة التصنيع.
تطورات صناعة الدواء
وأضاف أن فترة الستينيات شهدت إنشاء عدد من الشركات مثل شركة النصر للكيمياويات لتصنيع المواد الخام وإمداد المصانع المصرية بالمواد الخام اللازمة لصناعة الدواء، موضحًا أن وجود شركات وطنية قوية رفع من أسهم صناعة الدواء المصرية إلى مكانة عالية أهلتها إلى الاستحواذ على سوق الدواء الخليجي في فترة سابقة حيث كانت مصر تصدر الدواء للخليج وإفريقيا وأوروبا من خلال شركة كالنصر للكيمياويات التي تدعم الشركات الوطنية وصناعة الدواء المصري من خلال مد الشركات الوطنية من احتياجاتها من المواد الخام والمواد الكيماوية والمواد الفعالة اللازمة فى صناعة الدواء.
وأكد حدوث تطورات وتراجع فى صناعة الدواء نتيجة إخلال القطاع خلال حقبة التسعينات والذي انتشر بسبب اهمال الشركات وتجاهل مدها بالكوادر وعدم تجديد خطوط الانتاج بالاضافة إلى وقف الدعاية والتسويق المطلوب مما سبب خسائر ترتب عليها تخارج عدد كبير من الشركات الوطنية من السوق وتراجع معدل انتاجها حيث انخفضت كفاءة المنتج نفسه مما دفع شركات المالتى ناشونال إلى سحب عقود التصنيع وترك الوكالات الخاصة بها من الشركات الوطنية وبالتالى خسر السوق المصري مجموعة كبيرة من الأدوية، والتي كانت تصنع فى شركات الوطنية حيث فقدت مصر تأثيرها الإيجابي على التصنيف الصناعى للشركات الوطنية.
وأشار إلى أن ذلك أدى إلى تراجع دور الشركات الوطنية بما القطاع الخاص أو قطاع الأعمال فى السوق المصرى، موضحا أنه ساهم في حدوث عجز فى السوق المصري وأصبح الاعتماد الكلى للأدوية بنسبة 80%على الشركات المالتى ناشونال، مضيفا أن الشركات الوطنية أصبحت تلبى احتياجات 20% فقط من المواطنين فقط لا غير، معتبراً أن هذه نسبة ضئيلة ولا يمكن أن تناسب سد احتياجات السوق المصري والقطاع الطبى.
احتياطات الشركات من المواد الخام
وأكد أن شركة النصر للكيمياويات تغطي احتياجات الشركات من المواد الخام، الأمر الذي لبى احتياجات السوق دون الحاجة إلى الاستيراد، موضحاً أنه بعد تراجع دور الشركة مثل باقي شركات القطاع الدوائى كله فتوجه الاعتماد إلى استيراد المواد الخام،خاصة من الصين والهند فعلى سبيل المثال يتم جلب المادة الخام من الهند بما يؤثر سلبا على صناعة الدواء، لأن درجة نقاوة المواد الخام المستوردة لا تكون بالشكل المطلوب، وهو مايظهر عند مقارنة المنتج المصري بالمستورد لأن النتيجة توضح انخفاض كفاءته نتيجة عدم نقاوة المادة الفعالة.
وأوضح أنه يمكن الارتقاء بصناعة الدواء عن طريق تحديث خطوط الإنتاج وإمدادها وتأهيل الكوادر اللازمة لذا لابد من إزالة كل العراقيل والتحديات التى تواجه صناعة الدواء المصرية، متابعا أن فكرة إنشاء الهيئة العليا للدواء تمثل أحد أدوات الارتقاء صناعة الدواء، حيث تقوم الهيئة العليا بدورها المنوط لإزالة كافة العراقيل وإتباع طرق حديثة لعملية تسجيل الدواء .
وقال الدكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادى، إن الدولة تستهدف دعم قطاع صناعة الدواء من أجل توطينها وتلبية حاجة السوق بشكل استراتيجي خاصة مع امتلاك كافة جوانب البنية العلمية والبحثية والقدرة التكنولوجية والصناعية الحديثة في هذا المجال الحيوي، موضحا أن الدولة لديها القدرة الكاملة على تهيئة المناخ المناسب للاستثمار وتطوير البنية التحتية والاهتمام بالاستثمارات.
وأوضح الخبير الاقتصادى، أن العمل على تحفيز وتشجيع الاستثمارات المحلية،يستهدف جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية عبر منح العديد من الحوافز الاستثمارية، خاصة أن هناك إجراءات إصلاحية تم اتخاذها من أجل تشجيع الاستثمارات التى لها مساهمات فاعلة فى تنفيذ برامج ومشروعات فى قطاع الصحة وصناعة الأدوية .
مدينة لصناعة الدواء
وكشف عن أن الاتجاه لفكرة إنشاء مدينة للدواء متخصصة فى صناعة معينة يعكس مدى تطوير صناعات استراتيجية لامتلاك صناعة دواء متقدمة ومتطورة وقوية خاصة فى ظل اجتياح العالم للعديد من الأزمات منها تداعيات ازمه كورونا ولكي تساعد فى فتح افاق استثمارية جديدةلخلق فرص عمل لتحسين أداء مؤشرات الاقتصاد الكلى وتحقيق الاكتفاء الذاتى من صناعة الأدوية وزيادة الصادرات مما يساهم فى تحقيق خفض فى ميزان المدفوعات .
صناعة رئيسية
وأضاف أنها ستكون إضافة قوية للصناعات المصرية لأن الدواء يعد من الصناعات الرئيسية المتحكمة فى اقتصاديات العالم، خاصة وأن الدولة المصرية هدفهاالأساسى إنشاء مدن الدواء هو توافر كل الأدوية فى السوق الداخلى مع توافر عناصر الجودة والفاعلية للأدوية المصرية طبقا للمعايير الدولية لصناعة الدواء، وغزو المنتج المصرى إلى الأسواق العالمية.
وأشار إلى أن مصر تسعى لاستكمال منظومة التأمين الصحى الشامل التى ستساهم مدينة الدواء فى هذا المشروع القومى، مؤكدا أن مدينة الدواء سيكون لها انعكاسات اجتماعية واقتصادية لأنها ستعمل على انخفاض الواردات وتوفير بنية علمية وخبرات فى تلك الصناعة الهامة .
وتابع أن مصر ستكون لها قاعدة صناعية فى صناعة الدواء فى المنطقة، خاصة أن مصر تمثل وجهه ذات جاذبية للاستثمارات، بالإضافة إلى توفير دواء آمن وفعال، واستقطاب وجذب المزيد من الاستثمارات وتنمية والصادرات، مما يؤهل مصر للتحول إلى مركز إقليمي وعالمي ، والسعى الدائم إلى تحسين وحمايه المريض والمواطن المصرى من الاستغلال والقضاء نهائيا على الاحتكار والجشع السائد فى السوق المصرى خاصه فى ظل وقت الأزمات.
صناعة الخامات:
قال أحمد السواح، رئيس مجلس أمناء المركز المصري للحق في الدواء، إن صناعة الخامات مشكلة مزمنة في مصر رغم أنها ليست مشكلة حقيقية، والدليل على ذلك إقامة مشروع ضخم تحت إشراف المملكة العربية السعودية، وهو أكبر مشروع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لإنتاج المواد الخام الدوائية على أعلي مستوي، موضحاً أن هناك مستويات لإنتاج المواد الخام الدوائية وهذا يجعل هناك نوع من عدم رغبة البعض ممن يستفيدوا من تجارة المواد الخام بوجود صناعة للمواد الخام في مصر.
وأضاف أنه من المفترض أن تعلن الدولة عن انشاء مصنع لصناعة المواد الخام وطلبت سابقا البدء بالأصناف الخاصة بالأمراض المزمنة، لأن للأسف لا يصح أن تكون أدوية كالضغط والسكر مفعولها غير كافية، لا يجب التوفير في المادة الخام، مشيرا إلى أنه يتم استخدام مواد خام غير مطابقة، ممكن تصنع نفس الكمية من الدواء ولكن ليس بنفس الفاعلية ولا النقاء، لابد من تولي عملية إنتاج الدواء من أساسها، وهي المادة الخام فلا تضمن المواد الأخري، والمصانع الموجودة في مصر بتشتري المواد الخام وبتصنع المنتج، لكن لا بصنع المادة الخام، وقد اقترحت مرارا صناعة المواد الخام للأمراض المزمنة كالضغط والسكر والقلب والنفسية وغيره من الأمراض المزمنة.
وأكد أن أدوية فيروس سي تم فرض شراء المادة الخام على كل الشركات، وفي نفس الوقت فرضوا عليهم عمل التكافؤ الحيوي في مراكز معتمدة فكان بيتم إرسال الملفات على الأردن حيث أن بها ٤ مراكز تكافؤ حيوي.
وأوضح أن أغلب الأدوية العالمية يتم تصنعيها في مصر، حيث أن جهات الاستيراد متعددة وعشوائية فالاستهلاك في المنتج النهائي للسوق في حدود ٦٠ مليار جنبه، فهذا يعني من ٦ إلى ٧ مليارات جنيه مواد خام تقريباً، ونسبة المواد الخام في الأدوية المصنعة محليا من ١٠إلى ١٥٪.