الرئيس السيسي يوجه بإنشاء أكبر مركز إقليمي لها في الشرق الأوسط
د. إيرين سعيد: وضع الأمر تحت مظلة القانون والدولة يمنع جريمة الإتجار بالأعضاء
"صحة النواب": الزراعة تقتصر على المستشفيات الحكومية والخاصة لا تدخل في المنظومة إلا بعد إجراءات مشددة
أزهري: ضرورة مُلحة وشرطها ألا يكون لها ضررًا على الصحة العامة وبالرضا بين الطرفين
تثير قضية زراعة الأعضاء، الكثير من الجدل في الشارع، خاصة بعد توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، بإنشاء أكبر مركز إقليمي لزراعة الأعضاء في مصر والشرق الأوسط، بالتعاون مع أكبر الشركات العالمية المتخصصة، مستهدفًا إنشاء منظومة متكاملة تتضمن قاعدة بيانات ممكنة لإجراء عمليات زراعة الأعضاء بين المرضي، والمتبرعين.
وعلى صعيد متصل، اختلف الناس حول التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، ما بين المؤيد والمعارض، خاصة بعد طرح الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار الرئيس السيسي، لشئون الصحة، والوقاية باتجاه إضافة اختيار التبرع بالأعضاء في بطاقة الرقم القومي، وزاد الجدل حول قضية زراعة الأعضاء بعد الوفاة، بعد إعلان الفنانة إلهام شاهين، توثيق أول توكيل للتبرع بالأعضاء بعد وفاتها بالشهر العقاري، الأمر الذي أعاد قضية زراعة الأعضاء إلى الشاشة.
التبرع بالأعضاء بالقانون
جاء في القانون رقم 5 لسنة 2010، أنه لا يجوز نقل أي عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسم إنسان حي، بقصد زرعه في جسم إنسان آخر إلا لضرورة تقتضيها المحافظة علي حياة المتلقي أو علاجه من مرض جسيم، وبشرط أن يكون النقل هو الوسيلة الوحيدة لمواجهة هذه الضرورة وألا يكون من شأن النقل تعريض المتبرع لخطر جسيم علي حياته أو صحته، ويحظر زرع الأعضاء أو أجزائها أو الأنسجة أو الخلايا التناسلية بما يؤدي إلي اختلاط الأنساب.
كما تضمن القانون أن لا يجوز نقل أي عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسم إنسان حي لزراعة في جسم إنسان آخر، إلا إذا كان ذلك على سبيل التبرع فيما بين الأقارب من المصريين، ويجوز التبرع لغير الأقارب إذا كان المريض في حاجة ماسة، وعاجلة لعملية الزرع بشرط موافقة اللجنة الخاصة التي تُشكل لهذا الغرض بقرار من وزير الصحة وفقاً للضوابط، والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
مظلة الدولة
أكدت الدكتورة إيرين سعيد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أن مركز زراعة الأعضاء في مصر سيكون تحت مظلة الدولة، فالهدف من فتح ملف زراعة الأعضاء، وجود قانون ولكنه غير مفعل، أو غير مطبق بشكل كبير، ويجب أن يكون الأمر تحت حكم الدولة، لمكافحة جريمة الإتجار بالأعضاء.
وقالت "سعيد"، إن المركز الإقليمي لزراعة الأعضاء سيكون تحت إدارة الدولة ورقابتها، فالجهات الرقابية كلها تراقب، لاسيما وزارة الصحة، وهناك أيضًا لجان مختصة فنية، ومنظومة إلكترونية، لربط الاحتياجات بالمتبرعين، وأيضًا قانون زراعة الأعضاء يوجد به فصل كامل عن المنشآت المقرر أن تتولى تلك الزراعات، وكيفية الرقابة عليها، وتشكيل الهيئة العليا لزراعة الأعضاء، وكيف تراقب هذه المنشآت، بضمان الجودة، حيث أن الدولة كاملة تتصدى لذلك الأمر.
وأكدت الدكتورة إيرين سعيد، أن قانون 5 لعام 2010، تم تعديله عام 2017، ونحن في لجنة الصحة نعيد دراسته مرة أخرى، بحيث بحيث نضيف تعديلات بسيطة، لزيادة الحوكمة والرقابة عليه، وفي المضمون القانون جيد جدًا.
وأشارت الدكتورة إيرين سعيد، إلى أنه في الكثير من الأوقات يكون هناك استغلال مادي، وهناك أشخاص يبيعون أعضائهم، مضيفة أن القانون وضح الفئات التي لا يجب أن نأخذ منها الأعضاء، مثل الأطفال، وفاقدي الأهلية، وأوضحت الأوقاف من قبل، عن عدم وجوب زراعة الأعضاء التناسلية، لكن فيما عدا ذلك الأعضاء كلها وراد أن تنتقل كالكلى، والكبد، والرئة، والعيون يمكن أن تنتقل من شخص لآخر.
ضوابط مشددة
صرحت الدكتورة إيناس إبراهيم عبدالحليم متولي، أستاذ ورئيس قسم علاج الأورام طب المنصورة، وعضو لجنة الصحة في البرلمان، بأنه من المستحيل أن يتحول مركز زراعة الأعضاء التابع لوزارة الصحة إلى تجارة للأعضاء، حيث أن القانون الذي تم إطلاقه في عام 2010، أساسه تحجيم تجارة الأعضاء.
وأضافت الدكتورة إيناس عبدالحليم، أن تجارة الأعضاء لا تكون بتلك السهولة، مثلما تصورها الأفلام والمسلسلات، حيث أن إخراج عضو من بني أدم، زراعته في بني آدم آخر، فمن المتطلب أن يكون متخصصا في ذلك الأمر، حتى يجري العملية، مع الحفاظ على الأوردة والشرايين، فلا يقوم به غير شخص محترف على تفريغ الجثث، لكن الإتجار للأعضاء هو من يبيع للمرضى، لأن القانون في مصر يجرم نقل الأعضاء من شخص ليس من ذوي القربى.
واستطردت عبدالحليم أن في المنصورة لا يتم قبول المتبرعين، الذين ليس لهم درجة قرابة بالمريض، فلا يجرون تلك العمليات، لكن في المستشفيات الأخرى أو الخاصة، عندما يتوافق المتبرع مع المريض، يتم زراعة العضو، حيث يكون الاتفاق خارج حدود المستشفى، لكن المستشفى أو المركز يتاجر في الأعضاء فلابد أن يكون مركز متخصص، حتى يتمكن من تفريغ حثث الناس الموجودة عنده، حيث لا يستطيعوا أخذ جزء من المريض إلا إذا كان حيًا، والحي لا يستطيع التبرع بجزء منه إلا إذا كان واعيًا، ومدرك ماذا يقرر، فلا يستطيع أحد خطف شخص، ويأخذ منه عضو، فبمجرد الموت إن لم يتم الحصول على تلك الأعضاء في وقت محدد، فالكبد لابد أن يؤخذ في الحال، الكلى يجب أن يتم زراعتها في وقت أقل من 48 ساعة، فالإتجار يكون عن طريق وسيط يدبر العملية.
وأضافت الدكتورة إيناس عبدالحليم، أن المركزي الإقليمي المقرر إنشائه في مصر، حكومي تحكمه قوانين، ومن الاستحالة أن يقبل مستشفى حكومي، أو تعليمي، أو جامعي، أن يكون هناك سمسرة، لكن ما يحدث في بعض المستشفيات أن يأتي شخص بدرجة من القرابة، والمستشفيات الكبيرة لا تجري العملية إلا إذا كان المريض قريب.
واستطردت: "القانون وضع شروطًا للتبرع بالأعضاء، فلا يمكن أخذ عضو من شخص ميت إلا بشروط، ولكن لو شخص حي لا يتمكنوا من الحصول عليه غصبًا عنه، فلا يوجد ما يدعى أن شخص تعرض لأزمة مالية يبيع كليته، حيث أن الاختبارات التي يتم إجرائها حتى نتعرف على توافقه مع المريض، فهي عديدة جدًا، ولا نتمكن من حفظها فالكلى لا يمكن أن تعمل بعد 48 ساعة، فلابد أن يكونوا الإثنين موجودين بجانب بعضهم في غرفة العمليات.
وأضافت عضو لجنة الصحة في البرلمان أن تجارة الأعضاء، لا تقام إلا بوجود السماسرة، والقانون يقول إن عمليات زرع الأعضاء في مصر كلها لا تتم إلا في المستشفيات الجامعية، والتعليمية، ومستشفيات الحكومة، وتلك المستشفيات تخضع لقوانين، فلا يتمكن أحد من إحضار مريض بدون التقييد في المستشفى.
وأشارت "عبدالحليم"، أن المستشفيات الخاصة لا تدخل في المنظومة إلا بعد أن تمر بلجان منبثقة من اللجنة العليا لزراعة الأعضاء، تسمي لجان تراخيص المنشئات الطبية الخاصة، فتلك اللجنة تذهب لضمان وجود ثلاجة، وغرف عمليات مجهزة، فلا يتمكن من الحصول على عضو وتخزينه، وحتى يتم إجراء العملية لابد أن يكون المتبرع والمريض في نفس الغرفة، وعندما يمر التفتيش يوجد اسم المتبرع، واسم المريض، لكن ما يتم في الأماكن التي يطلق عليها " بير السلم"، يجعلوا المتبرع يجري العملية، ولا يبيت في المستشفى، حتى لا يتم تأييده في المستشفى، لا يتم إثبات تلك الواقعة. لكن في المستشفيات الحكومية، يتم دخول المتبرع، وفحصه، وإجراء العديد من التحاليل كـ الأنسجة، وفصيلة دم، حتى يتأكدوا من توافقه مع المريض، كما يتم إجراء تلك التحاليل للمريض، والتي تأخذ الكثير من الوقت، وأضافت أننا ضمن الدول المشاركة في الإعلان الذي تم في إسطنبول عام 2008، 2009، لمحاربة الإتجار في الأعضاء. ونفت عن إجراء أي عمليات زراعة أعضاء تناسلية في العالم كله، فلا يمكن أخذ رحم سيدة متوفية، لزراعته في رحم امرأة حية، فالعمليات التي تتم في مصر، زراعة الكلى، وجزء من الكبد، والأمعاء، والبنكرياس، والقلب، والرئة.
أزهري: ضرورة ملحة
صرح الدكتور محمد سالم مرة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، بأن زراعة الأعضاء توجد منذ سنوات، وأصبحت الآن ضرورة ملحة، ولكنها لها شروط وأهمها ألا يكون لها ضرر على الصحة العامة، وبالرضا بين الطرفين، ولا تكون عن طريق الخطف، أو الغصب. وأضاف "مرة"، أن التبرع بالأعضاء البشرية بعد موت الإنسان، لا بأس به، وأن الثواب على حسب نية الإنسان، فعندما يكون الهدف نفع النفس البشرية، وخاصة الفقراء الذين لا يتمكنوا من شراء أعضاء، فسوف يكون له ثواب كبير عند الله تعالى، ونعتبرها صدقة جارية، فالصدقة الجارية هي التي لا تموت بموت الإنسان.