تحظى منظومة البناء باهتمام كبير من قبل المسؤولين في الفترة الحالية، لمنع عودة ظاهرة البناء المخالف والعشوائي مرة أخرى، لهذا هناك حزمة من الإجراءات التي يتضمنها قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008، والذي يضمن عدم عودة البناء المخالف مرة أخرى في جميع المحافظات.
ويتمّ إطلاق حملات مستمرة للتصدي لأي مخالفات أو تجاوزات على الفور وإزالة أي بناء مخالف، فضلًا عن اتخاذ إجراء قانوني ضد المخالفين.
وتواصل الحكومة في الوقت الحالي إعادة صياغة مشروع قانون التصالح في مخالفات البناء تمهيدًا لإرساله إلى مجلس النواب للمناقشة وإقراره، كما يوجد أيضًا مشروع قانون البناء الجديد الذي في انتظار البت فيه بدور الانعقاد المقبل لمجلس النواب، ومن المتوقع إعادة النظر في اشتراطات البناء ووضع ضوابط تلائم التطورات مع الحفاظ على منظومة العمران واستعادة المظهر الحضاري والجمالي، ومنع أي تشوهات أو ظهور عشوائيات جديدة.
أكد الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة المحلية والحكومية، أن سوء إدارة ملف العقارات المخالفة من قبل بعض العاملين في المحليات في المحافظات المختلفة، أدى إلى زيادة المباني المخالفة وانهيار العقارات وارتفاع الأدوار المخالفة للعقارات، منوهًا إلى وجود علاقة قوية بين ملف البناء المخالف وزيادة العشوائيات، مشيرًا إلى تحمل مسؤولية بعض قيادات الإدارات المحلية في المحافظات لزيادة البناء المخالف سابقًا بسبب عدم فهم الملف إداريًا وقانونيًا.
واقترح 'عرفة'، عدة استراتيجيات تنفيذية لتطوير عمل الإدارات المحلية في ٢٧ محافظة والمديريات التابعة لها تجاه ملف البناء لعدم انهيار المباني أو زيادة العقارات المخالفة فضًلا علي القضاء علي العشوائيات، وهذا من خلال وجوب تعديل قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 البيروقراطي والذي يزيد من حدة العقارات المخالفة بطريقة غير مباشرة فضلا على أن القانون يؤدي إلى تدهور التخطيط العمراني في البلاد.
وتابع عرفة: 'للخروج من الأزمة يجب أيضًا تعديل قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 لوجود مواد مشتركة بين وزارة التنمية المحلية ووزارة الإسكان تتعلق بصفة مباشرة بمشكلة العشوائيات والبناء المخالف وهو ما لم تفعله وزارة الإسكان حتى الآن ولا بد من سرعة تعديل قانون المجتمعات العمرانية رقم 58 لسنة 1979، من أجل انخفاض عدد المناطق العشوائية التي تتزايد يومًا بعد يوم فلا يعقل أن يتم العمل بقانون أكثر من 40 عامًا حتى الآن.
وأضاف أنه لا بد من سرعة نقل جميع الإدارات الهندسية التابعة لـ184 مركز و92 حي و1211 وحدة محلية قروية و214 مدينة تتبع الإدارات المحلية إلى مديريات الإسكان المنتشرة في المحافظات البالغ عددها 27 محافظة لأنها هي المختصة، حيث أن عدد المهندسين في تلك الإدارات لا يتعدى 8% والباقي هم من حملة دبلومات تجارة وصنايع.
ونوه أن قانون البناء الموحد به ثغرات عديدة تؤدي إلى وجود فساد من جميع الأطراف سواء من بعض العاملين في الإدارات الهندسية أو الوحدات المحلية المختلفة.
تراخيص البناء
وأضاف أنه لا بد من تشريع قانون جديد يسمح بحبس كل من المقاول أو المهندس الذي ينفذ أي إنشاءات مخالفه علاوة علي حبس صاحب العمارة المخالفة ذاتها.
في نفس السياق، قال عبدالحميد رحيم، المحامي بالاستئناف العام لمجلس الدولة، إنه يجب على المسؤولين تشكيل لجنة من الخبراء مستقلة بعيدة عن المحليات للنظر في تطبيق القانون بعد تنفيذه، لنتمكن من الإصلاح والتنمية المستدامة من خلال قانون التصالح فى مخالفات البناء مع مراعاة مصلحة الوطن والمواطن معًا، وكذلك الإسراع فى إصدار قانون البناء الموحد، واشتراطات البناء الحديثة، من أجل التخلص بشكل نهائي من العراقيل التي تعوق التنمية المستدامة، وهذا يكون عن طريق إضافة بعض التعديلات للحفاظ على الثروة العقارية وإعادة ضبط منظومة استخراج تراخيص البناء بما يضمن وقف النمو العشوائي للمبانى، فضلًا عن تبسيط الإجراءات واختصار الوقت.
وأشار إلى أهمية تطبيق فكرة الشباك الواحد، وتحديد المهام والمسؤوليات خلال مرحلة استخراج الترخيص، وإحكام الرقابة والمتابعة خلال عمليات تنفيذ البناء.
ونوه إلى ضرورة التأكد من مطابقة الأعمال للترخيص الصادر ومراعاة البعد الاجتماعي والطبيعة الجغرافية للتجمعات العمرانية الريفية وتوابعها، لضمان حقوق المواطنين، وتذليل العقبات القانونية وسرعة استخراج التراخيص وإنهاء إجراءاتها.
على صعيد متصل، قال خالد عاطف، المهندس الاستشاري وخبير التقييم العقاري، إن أزمة تأخر إصدار تراخيص البناء في المحافظات، سواء كانت الرخصة إصدارًا جديدًا أو استكمال أعمال، جاءت بسبب كثرة القرارات والكتب الدورية الصادرة بشأن تعديل اشتراطات إصدار التراخيص، إلى جانب أيضًا استحداث إجراءات جديدة أو إحالة الإجراءات لجهات أخرى، بالإضافة إلى تأخر إصدار بيان صلاحية الموقع.
وأشار إلى صعوبة الحصول على موافقة العديد من الجهات المختصة بإصدار التراخيص، رغم استيفاء المواطنين للمستندات المطلوبة لإصدار التراخيص، لهذا لابد من استجلاء حقيقة تلك القرارات والكتب الدورية ومدى قانونيتها بما يتوافق وأحكام قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008.