تفاصيل خطة التعليم العالي لـ«مرمطة» خريجي الكليات النظرية

خطة وزارة التعليم العالي لدعم كليات الحاسبات والمعلومات على حساب الكليات النظرية
خطة وزارة التعليم العالي لدعم كليات الحاسبات والمعلومات على حساب الكليات النظرية

مازال الغموض يسيطر على توجهات الحكومة فيما يتعلق بتطوير مراحل التعليم المختلفة، ولا سيما في الثانوية العامة، وما يليها من مراحل جامعية.

وخلال الأيام القليلة الماضية أثار الحديث الذي أدلى به وزير التعليم العالي، والبحث العلمي، الدكتور أيمن عاشور، أمام اجتماع لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، حول ضرورة ربط البرامج الدراسية بسوق العمل، حالة من الجدل، خاصة بعدما أفصح الوزير عن دراسة حكومية لإجراء تعديلات على القوانين المنظمة للعملية التعليمية، بما يسمح بإصدار تكليفات لخريجي كليات الحاسبات والمعلومات.

وبينما ترى الحكومة أن هذا التكليف يعزز من الاهتمام بهذه الكليات الوليدة، ويدفع خريجي الثانوية العامة إلى الاتجاه نحوها، والتوقف عن اللجوء للاختيارات التقليدية في الكليات النظرية، يحذر أصحاب وجهة النظر المقابلة من أن السماح بتكليف خريجي كليات الحاسبات والمعلومات سيهدر حق المنتمين للكليات النظرية، مثل: الآداب، والحقوق، في التوظيف، وهم يمثلون نحو 73% من الخريجين كل عام.

المعارضون لفكرة 'التكليف' التي طرحتها الحكومة، يؤكدون أنه لا بد من فرض فترة انتقالية لتصفية الكليات النظرية، حتى لا تتحول خطة الحكومة إلى وسيلة لمرمطة هؤلاء الخريجين، بحثا عن فرص عمل، هي في الأصل قليلة، وربما نادرة.

ربط البرامج الدراسية بسوق العمل

وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور أيمن عاشور، قال في حديثه خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إنه بات من الضروري ربط البرامج الدراسية بسوق العمل، للحصول على خريج ناجح يستطيع أن يستفيد منه المجتمع

وأوضح الوزير أن التصنيفات الدولية للجامعات لم تعد تعتمد على البحث العلمي فقط، بل أصبحت تعتمد على ما تقدمه هذه الجامعات من خريجين قادرين على التجاوب مع سوق العمل، والحصول على ما تتيحه هذه السوق من وظائف ترتبط بتخصصاتهم.

وأضاف وزير التعليم العالي: 'خطتنا ستصل بنا إلى أنه لن يكون هناك شيء اسمه خريج حقوق أو آداب فقط، بل سنطلق مبادرة لتدريب هؤلاء الخريجين على مهارات تتوافق ومتطلبات سوق العمل، وستستهدف هذه المبادرة مليون فرد'.

وتابع: 'يتم حاليا إعداد برامج في الجامعات الجديدة، تخلو من تخصصات نظرية كثيرة، كالموجودة في كليات الآداب'، مشيرا إلى أن وزارة التعليم العالي تنسق حاليا مع وزارة التربية والتعليم، فيما يتعلق بتطوير نظام الثانوية العامة، بأسلوب المسارات.

وأضاف وزير التعليم العالي: 'نأمل أن يتم اعتماد التطوير بشكل سريع، بعد أن أوشكت الدراسة في هذا الشأن على الانتهاء'.

إجراء جديد من وزير التعليم العالي لخدمة الطلاب والمواطنين - عالم المال

وزير التعليم العالي والبحث العلمي

حكاية السنة التأسيسية

في الوقت نفسه طالب وزير التعليم العالي، مجلس النواب بدعم المشروع الذي أطلق عليه 'السنة التأسيسية'، بحيث يتم بموجبه إطلاق نظام اختياري لتأهيل الطلاب الحاصلين على الثانوية العامة، أو ما يعادلها، للالتحاق بالكليات والبرامج الدراسية المختلفة بالجامعات الخاصة والأهلية، التي لا يتاح لهم الالتحاق بها وفقًا لمجموع درجاتهم في الثانوية العامة وما يُعادلها.

وأوضح الوزير أنه بعد اجتياز الطالب المقررات الدراسية المحددة، وعدد الساعات المطلوبة خلال السنة التأسيسية، يمكنهم الالتحاق بالكلية، أو البرنامج الدراسي، الذي تقدمه الجامعات الخاصة والأهلية، في الفصل الدراسي التالي لاجتيازه هذه المقررات.

إفشال للطلاب

الخبير التعليمي، محمد عبد العزيز، علق على تصريحات وزير التعليم العالي والبحث العلمي، بشأن خطة الوزارة تجاه خريجي الكليات النظرية، وأيضا تكليف خريجي كليات الحاسبات والمعلومات، قائلا: 'الوزير لم يوضح قصده من التكليف، وكان يجب عليه أن يشرح المقصود من هذه الفكرة بشكل يجعل من المتاح الحكم عليها'.

وأضاف في تصريح خاص لـ'أهل مصر': 'مسألة الكليات النظرية تعد ملفا شائكا، لأنه لا يمكن إحداث أي تغيير بشأنها إلا من خلال تغيير نصوص في عدد من القوانين واللوائح، كما أنه يجب تحديد الكليات المستهدفة ولماذا تلك الكليات بالتحديد، فهذه تساؤلات مشروعة يجب الإجابة عنها بشفافية ووضوح'.

وتابع الخبير التعليمي: 'اختيار الطالب لكلية نظرية يعني أنه لا يريد كلية علمية، فكيف يمكن إجباره على تغيير الاتجاه المتفق مع ميوله؟!'، مضيفا: 'ليس كل الطلاب قادرين على النجاح في الكليات العلمية، لأنها قد لا تتفق مع ميلوهم، وبالتالي أكون تسببت في فشل هذا الطالب، حين أفرض عليه نوع الدراسة غير المتوافق مع فكره'.

وحذر الخبير التعليمي من اتخاذ قرارات فوقية لحل أزمة الكليات النظرية، قائلا: 'يجب التعامل مع هذه المشكلة بأسلوب علمي، يستهدف تصفية الزيادات في التخصصات التي تشهد تخمة في أعداد الخريجين، ولا يجب أن يمتد الأمر إلى إغلاق الكليات المستهدفة'.

وأتم الخبير التعليمي، محمد عبد العزيز، بالقول: 'حديث الدكتور أيمن عاشور غير علمي، خاصة أن مسألة إعداد الطالب للمرحلة الجامعية، هو في الأساس مسؤولية الوزير المسؤول عن مرحلة التعليم قبل الجامعي، ولا دخل لوزير التعليم العالي بذلك'، مؤكدا أن نظام المسارات في الثانوية العامة هو طوق النجاة لتصحيح مسيرة التعليم، وبعد التأكد من نجاحه، يتم تعديل نظام التعليم العالي بما يتماشى مع نتائج نظام المسارات بالثانوية العامة.

لا يمكن إلغاء الكليات النظرية

بدوره أكد الخبير التعليمي، مجدي حمزة، أنه لا يمكن إلغاء الكليات النظرية، وكل المطلوب هو تقليل عدد المقبولين فيها.

وأوضح في تصريح خاص لـ'أهل مصر'، أن الكليات النظرية تستحوذ على النصيب الأكبر من خريجي الثانوية العامة، وهو ما يجب تقليله، وأن تتاح الفرصة للطلاب من أجل الانضمام إلى الكليات العلمية.

وردا على سؤال حول مدى امتلاك الدولة للبنية التحتية المناسبة للتحول المرغوب في خريطة الكليات، والقبول بالجامعات قال حمزة: 'لا يمكن إنكار أن مشكلات التعليم كثيرة، لكن في الوقت ذاته، هذا لا يمنع من اقتحام مجال التغيير، لأنه لم يعد ممكنا الوقوف مكتوفي الأيدي أمام ما تخرجه الكليات النظرية من خريجين يجلسون على المقاهي بلا عمل، إذ يجب أن يدرس كل طالب علما يستفيد منه'.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً