في واحدة من أجرأ الهجمات العسكرية منذ بداية الحرب، استهدفت قوات الأمن والمخابرات الأوكرانية أربعة مطارات عسكرية روسية في عمق الأراضي الروسية، فجر اليوم الأحد، ما أسفر عن تدمير 41 طائرة حربية روسية على الأقل، منها طائرات من طراز "توبوليف TU-95" ذات القدرات النووية الاستراتيجية. وقدّرت كييف الخسائر المباشرة لهذا الهجوم بنحو 7 مليارات دولار، في ضربة وصفتها وسائل إعلام غربية بـ"التحول النوعي في قواعد الاشتباك".
هجوم من داخل روسيا.. وخطة تمويه معقّدة
وفق ما نشرته مديرية المخابرات العسكرية الأوكرانية على قناتها الرسمية في تطبيق تليغرام، فإن العملية نُفّذت من داخل الأراضي الروسية، باستخدام شاحنات محمّلة بمُسيّرات انتحارية، أُخفيت في صناديق خشبية صُممت على هيئة أعشاش تمويه تقليدية، وضُبطت بعناية في محيط القواعد الجوية الروسية المستهدفة.
انطلقت المُسيّرات الهجومية من تلك الشاحنات في توقيت متزامن، مستهدفة مطارات عسكرية استراتيجية، منها قواعد تستخدم لإطلاق صواريخ بعيدة المدى، وطائرات استراتيجية مخصصة لحمل رؤوس نووية، أبرزها طائرات "توبوليف 95"، التي تعد من أهم رموز القدرة الروسية على شن هجمات جوية عابرة للقارات.
دمار استراتيجي للطيران الروسي
بحسب المصادر الأوكرانية، فإن الطائرات التي دُمّرت تمثل قدرة جوية روسية يصعب تعويضها في المدى القريب، نظرًا لطبيعة إنتاجها المعقّد وتكلفتها الباهظة. كما أشارت مصادر أوكرانية إلى أن العملية ألحقت ضررًا بالغًا بالبنية التحتية لثلاثة مطارات رئيسية، وسبّبت تعطيلًا كاملاً في عمليات الإقلاع والهبوط داخل تلك القواعد.
الرد الروسي.. صمت رسمي وتكتم إعلامي
حتى لحظة إعداد التقرير، لم يصدر عن وزارة الدفاع الروسية أو الكرملين أي تعليق رسمي حول حجم الخسائر أو تفاصيل الهجوم، واكتفت وسائل الإعلام الروسية بتناول مقتضب للحدث، ركّز على "تعقيد الوضع الأمني في الداخل الروسي". ويأتي هذا الصمت في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الداخلية لقدرات الدفاع الجوي، خصوصًا بعد الهجوم الذي تم من داخل الحدود الروسية.
أوكرانيا تستبق المفاوضات بـ"تصعيد استخباراتي"
ولم يكن توقيت الهجوم عابرًا، إذ تزامن مع الإعلان عن عقد جولة جديدة من المفاوضات الروسية–الأوكرانية في تركيا يوم الإثنين، في محاولة للوصول إلى تهدئة مؤقتة أو هدنة جزئية. ويُنظر إلى هذا الهجوم باعتباره "ورقة ضغط" ميدانية تسعى من خلالها كييف إلى فرض شروط أكثر تقدمًا في طاولة التفاوض، وهو تكتيك متكرر من جانبها خلال مراحل سابقة، حيث لجأت إلى التصعيد العسكري قبيل كل جولة تفاوضية.
هل ستلجأ روسيا للرد النووي التكتيكي؟
يشير مراقبون إلى أن تدمير عدد كبير من الطائرات النووية الاستراتيجية قد يدفع موسكو إلى إعادة النظر في جاهزية سلاحها النووي البديل، كالغواصات القاذفة للصواريخ والصواريخ الباليستية الأرضية، تحسبًا لأي تصعيد واسع. وفي هذا السياق، حذّرت كيانات استخباراتية أوروبية من أن الضربة قد تفتح الباب أمام استخدام روسيا لمزيد من الوسائل الردعية غير التقليدية.