اتخذت وزارة الأوقاف بقيادة محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، عددًا من الإجراءات التى تستهدف تحجيم التناحر على مواقع التواصل الاجتماعى بين الأئمة، إذ تسببت بعض المنشورات لأئمة تابعين للوزارة فى فتنة بين رواد التواصل الاجتماعى.
أول هذه الأزمات كان مفجرها هو الشيخ عبد الله رشدى، الإمام بالوزارة، إذ كتب على صفحته بـ«فيس بوك» معلقًا على تكريم الدكتور مجدى يعقوب فى حفل «صناع الأمل» الذى نظمته الإمارات، وكرمت عددا من رواد العمل الخيرى بالعالم العربى، مفتيا بعدم قبول عمل الدكتور يعقوب لأن الله لا يقبل عمل الكفار ـ على حد وصفه ـ.
وقال رشدى فى منشوره: «أن العمل الدنيوى مادام ليس صادرا عن الإيمان بالله ورسوله فقيمته دنيوية بحتة، تستحق الشكر والثناء والتبجيل منا نحن البشر فى الدنيا فقط، لكنه لا وزن له يوم القيامة.. وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا، ومن السفاهة أن تطلب شهادة بقبول عملك فى الآخرة من دين لا تؤمن به أصلا فى الدنيا».
وعلى الفور، أحالت وزارة الأوقاف عبد الله رشدى إلى التحقيق ومنعته من صعود المنبر، وذلك بسبب آرائه الجدلية التى يثيرها كل فترة عبر فيس بوك، إذ أن رشدى كان قد تم فصله فى وقت سابق على إثر تصريحات له تسىء إلى الأقباط ولكنه رجع إلى الخدمة مرة أخرى بناء على حكم محكمة.
وعلى الرغم من رجوعه إلى العمل، لم يتوقف رشدى عن بث آرائه المثيرة للجدل ما فتح الباب لهجوم واسع عليه من بعض القنوات التلفزيونية، حتى انتهى الأمر بتحويله إلى النيابة المختصة للتحقيق معه فيما نسب إليه.
وقالت الوزارة فى بيان إحالة رشدى إلى التحقيق، أنه تجاوز تعليمات الوزارة بتجنب الصراع عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وبالتالى قام على بث الفتنة وهو الأمر الذى لا ترتضيه الوزارة مطلقا من أئمتها أو العاملين بها.
وقبل أيام وعلى إثر هذا الأسلوب، أصدرت وزارة الأوقاف، تحذيرا هاما لأئمتها والعاملين بها، من استخدام مواقع التواصل الاجتماعى بشكل خاطئ وتجنب الصراعات الفكرية التى تتسبب فى فتن مجتمعية، كما منعت إنشاء صفحات بأسماء مساجد إلا بإذن كتابى من القطاع الدينى بالوزارة.
وأعطت الوزارة مهلة لمدة شهر لإغلاق كل الصفحات المخالفة عبر السوشيال ميديا، ومن ثم بعدها تقديم إخطار لمباحث الاتصالات والأجهزة المعنية، على أن يتم تحويل أصحابها للتحقيق فورا.
وأكدت الوزارة، أن شخصية الإمام والمفتش والقيادات الدينية، لا يمكن أن يكون لها وجهان وجه فى المسجد ووجه خارجه، لأن هذا هو عمل جماعات التقية والجماعات التى تراوغ المجتمع، وهو ما لا يليق بشخصية الإمام أو العالم أو المثقف الحقيقى.
وبالنظر إلى بيان الأوقاف، فإنها تحرم مواقع التواصل الاجتماعى على أئمتها وقياداتها فيما يخص الآراء الجدلية فقط أو بث الفتن عبر الحسابات الوهمية، ولكن بالنظر إلى ما تفعله وزارة الأوقاف من عقاب لقياداتها وأئمتها فيما يخص استخدام مواقع التواصل الاجتماعى، فإنها لاتنتظر بث فتنة أو إثارة آراء جدلية، ولكنها تمنع الفيس بوك منعا قاطعا، وتمنع من ممارسة بث فيديوهات للأئمة يتحدثون فيهم عن بعض القضايا المثارة على الساحة، على الرغم من تأكيد الوزير مختار جمعة مرارا وتكرارا أن الإمام لابد وأن يكون على دراية بما يثار من حوله ويكون له رأى واضح فى القضايا حتى يستطيع إفهام الناس ولا يترك الساحة لبعض المتطرفين للتوغل داخل المجتمع المصرى.
وربما كان فيروس كورونا هو السبب لإظهار هذا التناقض داخل الوزارة، فبينما بث أحد قيادات الوزارة وهو الدكتور أيمن أبو عمر، وكيل الوزارة لشؤون الدعوة، فيديو عبر صفحته الشخصية بفيس بوك، يتحدث فيه عن قرار منع المملكة العربية للسعودية للعمرة هذا العام، ويعلق على حكم من مات بالأوبئة التى تجتاح العالم كل فترة، قوبل ذلك برفض شديد داخل أوساط الوزارة، وأصدرت الوزارة بيانا تؤكد فيه أنها لم تقل فتاوى فى هذا الصدد.
وحسب مصادر بالوزارة، فإنه جرى تحقيق داخلى فى فيديو «أبو عمر»، ووجه إليه اللوم، مما أدى إلى حذفه من على صفحته مرة أخرى.
وأضاف المصادر لـ«أهل مصر»، أنه تم التنبيه على القيادات فى الديوان العام بالوزارة عدم الخوض فى مثل هذا الأمر إلا بتصريح شخصى من الوزير، هذا إلى جانب منع الظهور الإعلامى لقيادات الوزارة للتعليق على فيروس كورونا إلا بإذن مسبق أيضا.
نقلا عن العدد الورقي.