يقول المولى سبحانه وتعالى في سورة النساء : ( انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر احدهم الموت قال اني تبت الان ولا الذين يموتون وهم كفار اولئك أعتدنا لهم عذاباً اليماً ) فهل هناك حدود للتوبة ؟ ومتي تكون التوبة غير مجدية ؟ وما هي ضوابط التوبة ؟ وهل اشترط الله على نفسه قبول توبة الجاهلين؟ جاء في تفسير الطبري لهذه الآية : التوبة على الله لأحد من خلقه، إلا للذين يعملون السوء من المؤمنين بجهالة = ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ ، يقول: ما الله براجع لأحد من خلقه إلى ما يحبه من العفو عنه والصفح عن ذنوبه التي سلفت منه، إلا للذين يأتون ما يأتونه من ذنوبهم جهالة منهم وهم بربهم مؤمنون، ثم يراجعون طاعة الله ويتوبون منه إلى ما أمرهم الله به من الندم عليه والاستغفار وترك العود إلى مثله من قبل نـزول الموت بهم. وذلك هو " القريب " الذي ذكره الله تعالى ذكره فقال: ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ، فالله سبحانه وتعالي هو التواب الرحيم ذو المغفرة وقد دعا عباده في الكثير من الآيات الكريمة إلى أن يتوبوا إليه ويستغفره، فيقول الله سبحانه وتعالي في الحديث القدسي: "يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم لو بلغت عنان السماء ثم استغرتني غفرت لك، يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب (بما يعادل) الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة
وعلى ذلك فقد ذهب جمهور العلماء للقول بأن وعد الله سبحانه وتعالي بقبول التوبة مهما عظمت الذنوب وحذر من القنوط من رحمته في العديد من الآيات حتى إذا كثرت الذنوب فلا يحل لأحد أن يقنط من رحمة الله، ولا أن يقنط الناس من رحمته، فالتوبة لها أهمية كبيرة في التأثير على صقل شخصية الفرد وبالتالي على المجتمع بشكل عام، وعلى هذا قد حذر الله سبحانه وتعالي في الكثير من الآيات الكريمة من المعصية لما فيها من أضرار عديدة على الفرد والمجتمع وذكر آيات عديدة ترغيب في الأعمال الصالحة لما فيها من خير للنفس والبشرية بشكل عام فباب التوبة مفتوح في كل وقت، وعلى هذا على المسلم أن يبادر إلى العودة إلى الله والتوبة إليه ولا ييأس من رحمة الله سبحانه وتعالي جل شأنه، قال الله تعالي:( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)