يشغل الاجتهاد وشروط المجتهد مساحة كبيرة من تفكير المهتمين بقضية تجديد الخطاب الديني سواء المؤيدين لتجديد الخطاب الديني أو المتحفظين على طرح فكرة تجديد الخطاب الديني، ولكن من أكثر القضايا المرتبطة بتجديد الخطاب الديني هي قضية تجزئة الاجتهاد، فهل إذا لم تنطبق شروط المجتهد كاملة على شخص من الأشخاص هل يمكن أن يسمح له بالاجتهاد في الفرع من الفقه أو العلم الذي يجيده وله فيه مهارة خاصة ؟ وما هى شروط الاجتهاد ؟ وهل هناك فرق بين شروط الاجتهاد وشروط صحة الاجتهاد ؟ حول هذه الأسئلة فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن شروط المجتهد هى الإسلام والتكليف والعدالة، فلا يقبل الاجتهاد في الفقه الإسلامي من غير المسلم، كما لا يقبل الاجتهاد من غير المكلف وأيضا لا يقبل الاجتهاد ممن عرف عنه سوء خلقه أو عدم التزامه. أما شروط صحة الاجتهاد فتشمل معرفة الكتاب ومعرفة السنة والدارية باللغة العربية ومعرفة أصول الفقه ومعرفة مواقع الإجماع والعلم بمقاصد الشريعة، ثم معرفة أحوال عصره .
ومن المفارقات أن إمام بحجم الإمام الشافعي، هو من أعلم اهل الأرض في عصر سئل عن أربعين مسألة أجاب عن 36 منها بأنه لا يعلم واجتهد في 4 مسائل فقط، وهو ما يعيد لدائرة الضوء بقوة فكرة تجزئة الاجتهاد خاصة وأن العصر الحالي مقعد بدرجة لا يمكن معها ضمان أن يكون شخص واحد على معرفة بكل أحوال عصره بشكل كامل. ففي هذا العصر الذي تعقدت فيه القضايا، وتشعبت فيه المسائل، وصار من الصعب الاجتهاد في كل أبواب الفقه، بينما يمكن الاجتهاد والتخصص في بعض أبواب الفقه، فمثلاً لو أن عالمًا تخصص في أبواب الفقه المتعلقة بالاقتصاد، واستكمل لذلك شروط الاجتهاد، فإن اجتهاده يكون صحيحًا، وكذا يمكن لعالم آخر أن يجتهد في أبواب الفقه المتعلقة بالسياسة الشرعية، وآخر في التشريع الجنائي، ويقول ابن القيم: (الاجتهاد حالة تقبل التجزؤ والانقسام، فيكون الرجل مجتهدًا في نوع من العلم مقلدًا في غيره، أو في باب من أبوابه، وبذلك تتراجع أو تكاد تغيب فكرة المجتهد المطلق.