استخدام صبغة الشعر للرجال من المسائل التي اختلف عليها فقهاء المسلمين . وقد يلجأ بعض الرجال لتغيير لون الشيب لأسباب شخصية أو لأسباب تتعلق بطبيعة وظائفهم، وفوجئ كثير من المصريين بأن الرئيس المصري الراحل حسني مبارك قد ظهر بعد تخليه عن السلطة بشعر يجلله الشعر الأبيض على خلاف ما كان يظهر عليه وقت وجوده في السلطة، فهل صبغ الشعر الأسود جائز شرعا؟ وهل هناك رخصة لقادة الدول والجيوش لصبغ شعرهم الأبيض، وما هو الاختلاف بين العلماء في ذلك ؟ حول هذه الأسئلة ذهب جمهور من العلماء إلى أن تغيير الشيب بصبغه بلون أصله قبل الشيب، كالسواد، مكروه للشيخ الكبير، وذلك لما دل عليه حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه قال: أُتي بأبي قحافة يوم فتح مكة، ورأسه ولحيته كالثَّغامة بياضًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “غَيِّروا هذا بشيء، واجتنبوا السواد” والقول بالكراهة مذهب طائفة من الفقهاء من المالكية والحنابلة وغيرهم. وذهبت طائفة من علماء الصحابة والتابعين والحنفية إلى جواز الصبغ بالسواد. وأما تغيير الشيب للشاب والكهل الذي لم يزل فيه نضارة الشباب فهو جائز، وعليه تُحمل مذاهب من قال بذلك من الفقهاء من الصحابة فمن بعدهم.
وقد رخص في صبغ شعر الرجال باللون الأ- أى الصبغ بالسواد طائفة من السلف منهم سعد بن أبي وقاص وعقبة بن عامر والحسن والحسين وجرير وغير واحد واختاره بن أبي عاصم في كتاب الخضاب، وجاء في صفحة 354 من المجلد العاشر من كتاب فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني عن الحديث الذي رواه ابن عباس رفعه: ( قوم يخضبون بالسواد لا يجدون ريح الجنة بأنه لا دلالة فيه على كراهة الخضاب بالسواد بل فيه الإخبار عن قوم هذه صفتهم ). وعلى ذلك فأصحاب الرأي القائل بالجواز فيستدلون بحديث صهيب الخير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ أَحْسَنَ مَا اخْتَضَبْتُمْ بِهِ لَهَذَا -أي للشيب- السَّوَادُ؛ أَرْغَبُ لِنِسَائِكُمْ فِيكُمْ، وَأَهْيَبُ لَكُمْ فِي صُدُورِ أعدَائكم» رواه ابن ماجه وحسَّنه البوصيري. واستكمل: أنه قد اختضب بالسواد جماعةٌ من الصحابة؛ منهم سيِّدَا شباب أهل الجنة الحسن والحسين عليهما السلام وغيرهما، ولم يُنقل الإنكار عليهم من أحد، وكان الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمر بالخضاب بالسواد ويقول: هو تسكينٌ للزوجة وأَهْيَبُ للعدو، وأجابوا عن حديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق بأنه لا دلالة فيه على كراهة الخضاب بالسواد، بل فيه الإخبار عن قومٍ هذه صفتهم لا أنّ عدم وجدانهم رائحة الجنة بسبب خضابهم بالسواد.