لماذا لم يدون الصحابة رضوان الله عليهم في عهد الخلفاء الراشدون الأحاديث النبوية الشريفة ؟ وهل عدم تدوين الحديث النبوي الشريف في العهد الأول للخلافة الراشدة بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم يشير لرفض كبار الصحابة رضوان الله عليهم لفكرة تدوين السنة المطهرة ؟ وهل هناك صحابة من طبقة كبار صحابة الرسول أيدوا تدوين السنة المطهرة ؟ حول هذه الأسئلة يؤكد الباحثون في علوم الحديث النبوي الشريف على حرص الخلفاء على حفظ السنة النبوية المطهرة في عهد الخلافات الراشدة وما تلاها من فترات الخلافة، وليس صحيحا ما يحاول بعض الناس ترويجه من أن الخلفاء الراشدين والصحابة رضوان الله عليهم كانوا من خصوم تدوين السنة المطهرة، بل أنه قد روى عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب، كرم الله وجهه، أنه قال “قيدوا العلم بالكتاب” .
اقرأ ايضا .. كيف رتب الصحابة سور القرآن الكريم ؟ هل ترتيب القرآن منزل من السماء أم اجتهاد بشري ؟
ومن أشهر مدونات السنة النبوية المطهرة في هذه الفترة ما كتبها همام بن منبه، زوج ابنة أبى هريرة رضي الله عنه وضمت عدد كبيرا من الأحاديث التي رواها أبو هريرة رضى الله عليه وهو من أشهر رواة الحديث وأطلق على هذه المدونة اسم الصحيحة وكان لصحيحي مسلم والبخاري نصيب كبير منها. أكثر من ذلك فعندما كان الصحابة الأجلاء رضوان الله عليهم على قيد الحياة لم يكن هناك باعث أو دافع لتدوين السنة المطهرة، حيث كانت صدور الأصحاب الكرام أوعية للحديث الشريف ولكن مع وفاة الصحابة فزع الخلفاء لدعوة كل من يحفظ حديثا نبويا شريفا لجمعه وتدوينه، ومن ذلك ما أدركه أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان الأموي هذا الخطر بنسيان الحديث الشريف مع وفاة الصحابة فسعى سعيه باستنفار الجهود العلمية في جميع أرجاء الدولة الإسلامية للوقوف في وجه هذه الحالة المخيفة؛ فقام خطيبا بين الناس قائلا: إن العلم سيقبض قبضاً سريعاً، فمن كان عنده علم فليظهره، غير غال فيه ولا جاف عنه”. ويظهر ذلك ايضا في رسالة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن حزم إشارة واضحة إلى خوف ضياع السنة النبوية إذ يقول: ” انظروا ما كان من حديث النبي صلى الله عليه وسلم فأكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء.