تثور بعض الخلافات الزوجية ومنها الخلافات التي تدفع بعض الأباء للطلب من أبنائهم تطليق زوجاتهم. ويستند بعض الأباء في ذلك إلى حادثة وقعت في السيرة النبوية الشريفة وهى الحادثة المنسوب فيها أن النبى صلى الله عليه وسلم قد أقر طلب الفاروق عمر بن الخطاب من ابنه تطليق زوجته، فهل يجوز أن يطلب الأب من الابن تطليق زوجته؟ وهل يمكن اعتبار أن النبى صلى الله عليه وسلم عندما أقر طلب عمر بن الخطاب من ابنه تطليق زوجته أن في هذا الإقرار سنة نبوية تبيح للأب إلزام ابنه بتطليق الزوجة ؟ وما هو رأى جمهور العلماء حول هذا؟ حول هذه الأسئلة ذهب جمهور من العلماء إلى أنه إذا طلب الوالد من ولده أن يطلق زوجته فلا يخلو من حالين: الحالة الأولى : أن يبين الوالد سببا شرعيا يقتضي طلاقها وفراقها ، مثل أن يقول : طلق زوجتك ، لأنها مريبة في سلوكها ، كأن تغازل الرجال ، أو تخرج إلى مجتمعات غير نزيهة، وما أشبه ذلك ، ففي هذه الحال يجيب والده ويطلقها ، لأنه لم يقل طلقها لهوى في نفسه ، ولكن حماية لفراش ابنه من أن يكون فراشه متدنسا هذا الدنس .
أما الحالة الثانية فهى أن يقول الوالد للولد : طلق زوجتك لأن الابن يحبها ، فيغار الأب على محبة ولده لها والأم أكثر غيرة ، فكثير من الأمهات إذا رأت الولد يحب زوجته غارت جدا ، حتى تكون زوجة ابنها كأنها ضرة لها ففي هذه الحال لا يلزم الابن أن يطلق زوجته إذا أمره أبوه بطلاقها أو أمه ، ولكن يداريهما ويبقي الزوجة ، ويتألفهما ويقنعهما بالكلام اللين حتى يقتنعا ببقائها عنده ، ولا سيما إذا كانت الزوجة مستقيمة في دينها وخلقها . وقد سئل الإمام احمد ـ رحمه الله ـ عن هذه المسألة بعينها ، فجاءه رجل فقال : إن أبي يأمرني أن أطلق زوجتي ؟ فقال له الإمام احمد : لا تطلقها . قال : أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ابن عمر أن يطلق زوجته حين أمره عمر بذلك ؟ قال : وهل أبوك مثل عمر أو كلمة نحوها ؟ ولو احتج الأب على ابنه فقال:يا بني، إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمر أن يطلق زوجته لما أمره أبوه عمر بطلاقها، فيكون الرد مثل ذلك، ولكن ينبغي أن يتلطف في القول فيقول:عمر رأى شيئا تقتضي المصلحة أن يأمر ولده بطلاق زوجته من أجله