اعلان

محمود بسيوني يكتب: رهان الفاسد على الخائن

الكاتب الصحفي محمود بسيوني ‏
الكاتب الصحفي محمود بسيوني ‏
كتب : أهل مصر

لا تملك الدولة المصرية رفاهية المسافات الآمنة في التعامل مع ‏أزماتها الداخلية، فهي على يقين بأنها ألغام ستنفجر حتما في وجه ‏المواطن مهما كان مدى مفعول المسكنات المؤقتة، والأمانة تقتضي ‏مواجهتها بحزم وحسم حتى تتمكن مصر من عبورها بأمان لتتمكن من ‏الانطلاق وتحسين جودة حياة مواطنيها.‏

والحقيقة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، امتلك من الشجاعة والأمانة ما ‏وفر القرار السياسي لمواجهة أخطر الألغام التي أعاقت حركة مصر ‏لسنوات طويلة، كانت الدولة تتحاشى غضب المواطن البسيط إذا ما ‏اقتربت من ملف مخالفات البناء، وهو ما أعطى الفرصة لحيتان المقاولات ‏أن يعيثوا في الأرض فسادا، تحركوا وهم على يقين أن الدولة يدها ‏مغلولة بحاجة المواطن للسكن وخوفها من غضبه وثورته.‏

قرر الرئيس تطبيق القانون بحزم وحسم وراهن على قوة مؤسسات ‏الدولة ووعى المصريين، وفى المقابل راهن الحيتان على حيل ‏الفاسدين فى المحليات وعجز القانون ولجان جماعة الإخوان ‏الإرهابية الراصدة والمترصدة، فكان رهان الفاسد على الخائن، ‏ليتحركا سوياً لإشعال الأرض تحت أقدام مؤسسات الدولة.‏

صحيح أن بعض المحافظات شهدت تطبيقاً عنيفاً ابتعد عن روح ‏القانون، واستغلت الجماعة الإرهابية الأمر ونشرت عشرات ‏الفيديوهات المفبركة والمركبة لأشخاص يتحدثون عن بيوتهم بعد ‏هدمها، مستحضرين الألم النفسي المصاحب لمشهد الهدم وتدمير الأثاث ‏وتشريد الأطفال، إخراج فلسطيني أو سوري لصور ومشاهد ‏مستنسخة حتى تغلى الدماء في العروق وتتوه العقول ويصبح من ‏السهل سحبها وجرها لإسقاط الدولة مرة أخرى.‏

تحركت لجان الجماعة الإرهابية مدعومة بحلف أعداء مصر في قطر ‏وتركيا ونشرت فيديوهات هدم المنازل عبر مواقع التواصل ‏الاجتماعي، وحاصرت بها المصريين في حرب نفسية شديدة الوطأة ‏تؤكد للناس أن الدولة تستهدفهم وتعمل على إيذائهم، حتى إنها وصلت ‏لتطبيق "تيك توك" الشهير بالفيديوهات الراقصة والمقاطع الكوميدية.‏

ومع الأسف كان لهذه التصرفات تأثير خطير، ونسى البعض أن ‏الدولة بعيدة تماما عن إيذاء المواطن البسيط، فهي التي وفرت السكن ‏الآدمي لسكان العشوائيات الخطرة، وأن رئيس الدولة يكرم البسطاء ‏في كل مكان ويهتم لأمرهم ويستمع لشكواهم بنفسه.‏

راقب حيتان الفساد تصاعد حملة الإخوان المسعورة على الدولة في ‏سعادة بالغة، وسعادتهم زادت بدفاع خونة اسطنبول عن صلاح دياب ‏المحبوس في قضية استيلاء على أراضي الدولة والبناء عليها ووصلت قيمة ‏المطلوب منه وحده 11 مليار جنيه، وضجت جلساتهم الخاصة بنقاش ‏محموم عن خروجه خلال ساعات دون خدش، إذا لم يكن بانهيار الدولة ‏سيكون بتدخل دولي.‏

ظن الفاسد أن الخائن سيتمكن من تخويف الدولة، وأنه ناجٍ لا محالة‏، تصور أنها دولة الماضي المرتعشة والمعتادة على تطبيق القانون ‏بانتقائية، لكن الدولة المصرية اليوم تختلف كثيرا، دولة 30 يونيو ‏تتحلى بالحزم والإنسانية، الحيتان وجدوا أنفسهم في قبضة العدالة ‏حتى إن خمسة منهم سددوا مليار جنيه للتصالح، الرئيس طالب ‏بتطبيق القانون والتحلي بأعلى درجات الإنسانية في التطبيق على ‏البسطاء، وأصبح التصالح وفق أقل قيمة، ووقف الهدم فور البدء في ‏إجراءات التصالح، ليستفيد المواطن باكتساب منزله للشرعية القانونية، ‏ومن ثم مد الخدمات إليه بشكل قانونى.‏

ثم جاء لقاء الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء مع ‏الإعلاميين، ليضع النقاط على الحروف ويؤكد انحياز الدولة للبسطاء ‏بتحديد قيمة التصالح بحد أدنى 50 جنيهًا للمتر، وحد أقصى 2000 ‏جنيه للمتر،‎ ‎وأن 23 محافظة من إجمالي 27 محافظة على مستوى ‏الجمهورية، خفضت قيمة التصالح بنسب وصلت في بعض المناطق إالى 70%.‏

واشتبك رئيس الوزراء مع الحملة المسعورة وأكد أن الدولة ليست في ‏صراع أو معركة مع المواطن، بل تريد فقط حل مشكلة كبيرة، وهو ما تحقق بالفعل، ولأول مرة تتمكن الدولة من وضع كلمة النهاية ‏للاعتداء على الأراضي الزراعية ووقف مخالفات البناء وتمدد القبح ‏والعشوائية عبر ربوع مصر، فلن يتمكن أحد بعد ذلك من البناء على ‏الأراضي الزراعية أو شراء شقة في عقار مخالف، أو يعتدى على ‏أراضي الدولة، فقد ظهر حزم الدولة ويقظتها وقوتها في تطبيق القانون ‏ومواجهة حملات الدعاية السوداء بقوة الحقيقة. ‏

ربحت الدولة واستفاد المواطن.. وخسر الفاسد رهانه على الخائن. ‏

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً