لا تملك الدولة المصرية رفاهية المسافات الآمنة في التعامل مع أزماتها الداخلية، فهي على يقين بأنها ألغام ستنفجر حتما في وجه المواطن مهما كان مدى مفعول المسكنات المؤقتة، والأمانة تقتضي مواجهتها بحزم وحسم حتى تتمكن مصر من عبورها بأمان لتتمكن من الانطلاق وتحسين جودة حياة مواطنيها.
والحقيقة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، امتلك من الشجاعة والأمانة ما وفر القرار السياسي لمواجهة أخطر الألغام التي أعاقت حركة مصر لسنوات طويلة، كانت الدولة تتحاشى غضب المواطن البسيط إذا ما اقتربت من ملف مخالفات البناء، وهو ما أعطى الفرصة لحيتان المقاولات أن يعيثوا في الأرض فسادا، تحركوا وهم على يقين أن الدولة يدها مغلولة بحاجة المواطن للسكن وخوفها من غضبه وثورته.
قرر الرئيس تطبيق القانون بحزم وحسم وراهن على قوة مؤسسات الدولة ووعى المصريين، وفى المقابل راهن الحيتان على حيل الفاسدين فى المحليات وعجز القانون ولجان جماعة الإخوان الإرهابية الراصدة والمترصدة، فكان رهان الفاسد على الخائن، ليتحركا سوياً لإشعال الأرض تحت أقدام مؤسسات الدولة.
صحيح أن بعض المحافظات شهدت تطبيقاً عنيفاً ابتعد عن روح القانون، واستغلت الجماعة الإرهابية الأمر ونشرت عشرات الفيديوهات المفبركة والمركبة لأشخاص يتحدثون عن بيوتهم بعد هدمها، مستحضرين الألم النفسي المصاحب لمشهد الهدم وتدمير الأثاث وتشريد الأطفال، إخراج فلسطيني أو سوري لصور ومشاهد مستنسخة حتى تغلى الدماء في العروق وتتوه العقول ويصبح من السهل سحبها وجرها لإسقاط الدولة مرة أخرى.
تحركت لجان الجماعة الإرهابية مدعومة بحلف أعداء مصر في قطر وتركيا ونشرت فيديوهات هدم المنازل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وحاصرت بها المصريين في حرب نفسية شديدة الوطأة تؤكد للناس أن الدولة تستهدفهم وتعمل على إيذائهم، حتى إنها وصلت لتطبيق "تيك توك" الشهير بالفيديوهات الراقصة والمقاطع الكوميدية.
ومع الأسف كان لهذه التصرفات تأثير خطير، ونسى البعض أن الدولة بعيدة تماما عن إيذاء المواطن البسيط، فهي التي وفرت السكن الآدمي لسكان العشوائيات الخطرة، وأن رئيس الدولة يكرم البسطاء في كل مكان ويهتم لأمرهم ويستمع لشكواهم بنفسه.
راقب حيتان الفساد تصاعد حملة الإخوان المسعورة على الدولة في سعادة بالغة، وسعادتهم زادت بدفاع خونة اسطنبول عن صلاح دياب المحبوس في قضية استيلاء على أراضي الدولة والبناء عليها ووصلت قيمة المطلوب منه وحده 11 مليار جنيه، وضجت جلساتهم الخاصة بنقاش محموم عن خروجه خلال ساعات دون خدش، إذا لم يكن بانهيار الدولة سيكون بتدخل دولي.
ظن الفاسد أن الخائن سيتمكن من تخويف الدولة، وأنه ناجٍ لا محالة، تصور أنها دولة الماضي المرتعشة والمعتادة على تطبيق القانون بانتقائية، لكن الدولة المصرية اليوم تختلف كثيرا، دولة 30 يونيو تتحلى بالحزم والإنسانية، الحيتان وجدوا أنفسهم في قبضة العدالة حتى إن خمسة منهم سددوا مليار جنيه للتصالح، الرئيس طالب بتطبيق القانون والتحلي بأعلى درجات الإنسانية في التطبيق على البسطاء، وأصبح التصالح وفق أقل قيمة، ووقف الهدم فور البدء في إجراءات التصالح، ليستفيد المواطن باكتساب منزله للشرعية القانونية، ومن ثم مد الخدمات إليه بشكل قانونى.
ثم جاء لقاء الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء مع الإعلاميين، ليضع النقاط على الحروف ويؤكد انحياز الدولة للبسطاء بتحديد قيمة التصالح بحد أدنى 50 جنيهًا للمتر، وحد أقصى 2000 جنيه للمتر، وأن 23 محافظة من إجمالي 27 محافظة على مستوى الجمهورية، خفضت قيمة التصالح بنسب وصلت في بعض المناطق إالى 70%.
واشتبك رئيس الوزراء مع الحملة المسعورة وأكد أن الدولة ليست في صراع أو معركة مع المواطن، بل تريد فقط حل مشكلة كبيرة، وهو ما تحقق بالفعل، ولأول مرة تتمكن الدولة من وضع كلمة النهاية للاعتداء على الأراضي الزراعية ووقف مخالفات البناء وتمدد القبح والعشوائية عبر ربوع مصر، فلن يتمكن أحد بعد ذلك من البناء على الأراضي الزراعية أو شراء شقة في عقار مخالف، أو يعتدى على أراضي الدولة، فقد ظهر حزم الدولة ويقظتها وقوتها في تطبيق القانون ومواجهة حملات الدعاية السوداء بقوة الحقيقة.
ربحت الدولة واستفاد المواطن.. وخسر الفاسد رهانه على الخائن.