قلة نوم وصداع وأرق دائم.. علامات الـ"أوفر ثينكينج" أو التفكير الزائد، وعلى الرغم من أن الله عز وجل وهب الإنسان العقل للتمييز والتفكير إلا أن البعض يسبب لنفسه المشكلات والعوائق ويحوّل النعمة إلى نقمة عن طريق التفكير في الماضي والحاضر والمستقبل، البعيد والقريب، التفكير كل شيء مها كان حجمه وأهميته حتى وإن كان لا يستحق.
يعاني الشخص ذا التفكير الزائد من "التردد" في اتخاذ القرارات، حيث لا يستطيع حسم موقفه في الوقت المناسب نتيجة استعادة الأفكار وبناء السيناريوهات الخيالية والإفراط بالتحليل، ما يعني ضياع الفرص.
المخ هو أكثر أعضاء الجسم التى تتعرض للضرر بسبب مرض كثرة التفكير، حيث يمكن للكورتيزول أن يتلف ويقتل خلايا المخ في الحصين، والحصين هو جزء موجود فى المخ ويعمل على تخزين الذاكرة، ويمكن للإفراط المزمن في التفكير أيضًا أن يغير وظائف الدماغ عن طريق تغيير بنيته وتوصيله.
الخوف من المستقبل وعدم القدرة على نسيان الماضي يمنعك من أن تعيش اللحظة الراهنة، مما يعرضك للإجهاد النفسي والفكري، لذا تعلم أن تقيّم الأحداث في أوقاتها، وأن لا تعطي الحدث أكبر من حجمه، وأن تؤمن بالقضاء والقدر، لأن هذا من ترتيب ربنا لك، فهناك علامات تُرسل اليك لكي تهجر كل ما يؤذيك ولكنها النفس البشرية، التي تبدع في إيذاء نفسها.
أنظر إلى النصف الممتلئ من الكوب، فلديك حياه تجعلك أن تعيش سعيدًا، مثل التحدث مع أقرب الأصدقاء والاستمتاع بالطبيعة.
لا تسمح لأحد أن يشوهك نفسيًا، وأن يحاول أن يدمرك من الداخل، ويستغل احترامك وطيب قلبك، لأن هؤلاء ما هم إلا وباء وابتلاء، فقط ذكرهم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (البِرُّ لا يَبْلَى، والإثمُ لا يُنْسَى، والدَّيَّانُ لا ينامُ، فكن كما شِئْتَ، كما تَدِينُ تُدَانُ)، كن بجانب من يقدر معرفتك ويعلم من أنت عليه ومن تكون، كن بجانب من يحبك لذاتك ليس لأي شيء آخر.
يمر عليك موقف صعب في حياتك، وحينها ستشعر أن حياتك تحولت فجآه إلى قبل هذا الموقف وبعد هذا الموقف، ستلاحظ تحول كبير جدًا في طباعك وشخصيتك وأسلوبك، وحينها ستجد نفسك توقفت عن التفكير في أي شيء، وكأن المخ أصبح به خلل وعطل، ولا تعلم المدة التي سيظل فيها المخ والعقل عاطلين عن العمل، ولا تعلم حتى لماذا هم عاطلين؟، هل لصعوبة الموقف أم للتقرب من الله عز وجل وإعادة الحسابات مرة أخرى والدخول في هُدنة؟، وشتان فرق بين الهُدنة والاكتفاء بالنفس.
الاكتفاء هو أن تصبح الأشياء الغالية في نظرك وتتمنى أن تحظى بها تقع من نظرك ولا تلتفت إليها مرة أخرى، هو أن تُسعد نفسك بنفسك وكأن الكون خالي من البشر، هو أن ترحب بمن يقترب منك ولا تهتم بمن يخرج من حياتك، هو أن تصل إلى مرحلة اليقين والتأكد بأنك لم تتسبب في أذى أحد فبالتالي أن لا تستحق ان يأذيك أحدهم، هو أن تقف بعد الوقوع وتعود أفضل لتصل إلى حلمك لأنه لا أحد يحققه بدلا عنك.
اعمل على ترتيب أوراقك، وأولوياتك، وعلاقاتك، اعتمد على القلب والعقل وصفي ذهنك، وتخلص من الأفكار السلبية والتفكير الذي يشوش تفكيرك فتصبح إنسان عشوائي، تخلص من الروتين لأنه يحتوى على عادات سيئة تكررها كل يوم دون أن تشعر، فعندما تتخلص من هذه العادات تشعر حينها بالملل والفراغ لأنها أصبحت جزء مهم من حياتك، ما يجعل التخلي عنها أكثر صعوبة، أن تعيش براحة بال، ولكن هذا لن يحدث في يوم وليلة، بل يحتاج إلى تدريب طويل ومستمر على الشعور بالثقة اعتمادًا على أساس الكفاءة سواء كانت كفاءة فنية في المعرفة والخبرة أو كانت كفاءة المبادئ، وأيضًا التدريب على التعامل مع الغير، والتخلص من التبرير المنطقي لأفعال تخالف ضميرك ومبادئك.
الوقت الراهن وهذا الزمن مليء بالأزمات والصراعات التي تجعلني أؤكد على ضرورة أهمية سد الفجوة بين الواقع والغاية الشخصية لتحقيق الاندماج، والتصالح مع الذات بأي وسيلة ممكنة للتخلص من "الأوفر ثينك".