قد تكون الحملة الموفقة على الممثل الموقوف عن العمل نجحت في تحقيق هدفها وهو إرسال رسالة لآخرين كانوا على القائمة التالية للمطبعين المحتملين مع إسرائيل في أن ينتظروا قليلا، ولكن ظني أن الحملة تحتاج بعض التصويب، فالممثل الموقوف يعاني بشكل واضح لا لبس فيه من ضحالة ثقافته ولغة خطابه التي تنم عن بيئة ثقافة واجتماعية متواضعة وعشوائية، إلا أن المشكلة ليست في الممثل الموقوف بل في نظام التعليم الذي أخرج لنا فنانا بهذه الضآلة في الفكر والجهل التام وعدم المسئولية فضلا عن انعدام أى حس أخلاقي أو شعور بالواجب الوطني، يضاف إلى ذلك جهله السياسي المطبق وعدم قدرته حتى على قراءة الخطوة التي يخطوها. المفارقة أن الممثل الموقوف من خريجي المدرسة السعيدية الثانوية، وهى مدرسة اشتهرت بمن تخرج فيها من القامات التي يدين لها كل عربي وليس كل مصري فقط بالكثير في جميع المجالات ، ومنهم في الفن على سبيل المثال يوسف وهبي، وأحمد مظهر، صلاح السعدني، عادل هاشم، خليل مرسي، أحمد خليل .
قد تتضح الرؤية التي نعرضها إذا قارنا مثلا هذا الممثل الموقوف بغيره من الفنانين ممن تخرج من المدرسة السعيدية الثانوية، ولن نظلمه بالمقارنة بينه وبين يوسف وهبي أو أحمد مظهر أو حتى احمد خليل ، بل سوف نقارنه بفنان عظيم من خريجي المدرسة السعيدية هو الفنان صلاح السعدني الذي لم نرى عليه طوال مسيرته الفنية أعمال تماثل إسفاف ما قدمه الفنان الموقوف، على الرغم من أن السعدني قدم دور الشاب الحالم في كثير من الأعمال التي لا تزال ماثلة في أذهان الجميع مثل دوره في فيلم زمن حاتم زهران أو فيلم الرصاصة لا تزال في جيبي أو فيلم أغنية على الممر، وهى كلها أفلام خلقت الوعى لدي أجيال بأن العدو واحد وأن العدو هو الذي لا يمكن أن نطبع معه أبدا، لكن حتى المقارنة بين الممثل الموقوف وبين صلاح السعدني لن تكون عادلة بالنظر لثقافة الأخير وتكوينه الاجتماعي الذي ينتمي للطبقة الوسطى المتعلمة على خلاف الممثل الموقوف الذي ينتمي لطبقة من القاطنين في العشوائيات الذين نحترمهم ولكن لا نحب سلوكهم وبعض اخلاقياتهم ولا نقبل معاييرهم، وحتى لن نستطيع أن نقارن الممثل الموقوف بالممثلة ميسرة وهى ممثلة مساعدة لم تقم أبدا إلا بالأدوار التي توصف بأنها أدوار مساعدة أو أدوار الكومبارس، ولكن مع ذلك فقد ظهرت في دور لا ينساه أحد مع الفنان عادل إمام في دور المومس التي ترمي بالمال في وجه شريف خيري ( عادل إمام ) وهى تنام معه في نفس الفراش ولكنها ترفض أن تبيع جسدها لشخص ليس له ذنب إلا أنه يسكن في نفس عمارة السفارة الإسرائيلية.. فالممثل الموقوف ليس مومس السفارة في العمارة، لسبب بسيط هو أن الفنانة ميسرة هى من مهندسة تخرجت من كلية الفنون التطبيقة، وسمح لها تكوينها العائلي المحترم أن تسافر لبريطانيا وأن تحصل على الجنسية البريطانية، ولكنها عندما قررت أن تعود لمصر وأن تعمل في مجال الفن، لم تسمح لنفسها أبدا بالتطبيع حتي ولو قامت بدور المومس التي تبيع جسدها في الفراش.