الأزهر الشريف هو مهوى القلوب، ومتعلَّق الأرواح؛ إنه حاضنُ القرآن الكريم والحديث الشريف والتراث العربي والإسلامي الزاخرِ بفيوضات أئمة وعلماء الأمة، والجامع الأزهر له من المهابة والجلال ما ليس لغيره، فيذكر المؤرخون: أن الناس كانوا إذا حلَّ بهم بلاء، أو نزل بهم داء، أو اشتد عليهم الغلاء، اجتمعوا في ساحة الجامع الأزهر؛ يسألون الله ـ تعالى ـ أن يكشف عنهم البلاء، وأن يُزيل الداء، وأن يرفع الغلاء.
وفي الجامع الأزهر أروقةٌ لطلاب العلم(الرِّواق مكان للإعاشة الكاملة) من كل مكان حول العالم الإسلامي، جمعهم الأزهر، بلا عنصرية أو طبقية، فترى ــ وأنت تتجول في الجامع الأزهر الشريف ــ لوافتَ على الأروقة مكتوب عليها: رواق الأتراك، رواق المغاربة، رواق الشوام... كل هؤلاء وغيرهم يدرسون ويقيمون إقامة كاملة، تدوم حتى يستكملوا دراستهم، ويحققوا غايتهم.
كما كان سطح الجامع الأزهر مسكنًا للصلحاء والأولياء، يتبتَّلون فيه لربهم آناء الليل وأطراف النهار، فهو مسجد تحيط به الأنوار، ويتواصل فيه الذكر والفكر بالليل والنهار.
لقد كان الجامع الأزهر ــ ولا يزال ــ منارةً للعلم الديني والفكر الوسطي، لا إفراط ولا تفريط. حفظ الله الأزهر وعلماءه الأجلاء، وحفظ مصرنا الغالية الأبيَّة التي تحتضن الأزهر الشريف.