طارق متولي يكتب: فن الانسحاب

طارق متولي
طارق متولي

سنة الحياة الأزلية الأبدية هى التطور والتغير لا شىء يبقى على حاله لا انسان ولا حيوان ولا طبيعة ولا شىء

كل شىء فى الحياة حتى اسم الحياة نفسه عبارة عن دورة تبدأ من الميلاد ثم النمو والنضوج وذروة البلوغ والطاقة والحيوية ثم العودة إلى الضعف مرة أخرى ثم الأفول الأذكياء فقط يدركون هذه الحقيقة فيتطورون ويغيرون من أنفسهم ليتعايشوا مع متغيرات الحياة وهم بذلك يخلقون لأنفسهم حيوات جديدة مختلفة كل فترة فيمتد عملهم أكثر من غيرهم ممن يتوقفون عند نقطة واحدة ويرفضون التغيير ويصرون على العناد والإستمرار بنفس الطريقة ونفس المنهج القديم ويتجاهلون كل المعطيات التى تخبرهم بأن الزمان قد تغير وأن منهجهم القديم أو وضعهم القديم لم يعد يصلح للزمن الجديد ، فى عصر قدماء المصريين كان الملك عندما يكبر فى السن أو يضعف جسديا يشرك ابنه الأكبر فى الحكم بل ويترك له الحكم ويعتزل الحكم والسياسة بعد أن يكتشف أنه أصبح غير قادر على إدارة شؤون البلاد وفى الفن والحرف المختلفة كان كبار الصناع يحرسون على تعليم عدد كبير من التلاميذ لكى يخلفوهم بعد أن يصبحوا غير قادرين على العمل بنفس الطاقة والحيوية .

فى عصرنا الحالى اختلف الأمر فقد أصبح كل يظهر أو ينجح فى عمل ما لا يشارك ولا يعلم احد ولا يسمح بظهور أحد بل ويتمسك بالعمل حتى آخر رمق ويرفض الأعتراف بعوامل التغير التى طرأت عليه وعلى الزمن فتجد ممثل كبير فى السن يصر على أن يقدم دور الدنجوان أو نفس الدور الكوميدى الذى كان يقدمه وهو شاب صغير وبنفس الطريقة مما يجعله مثار للسخرية والفشل نفس الشيء تجد ممثلة تصر على الظهور بمظهر الفتاة الصغيرة وتعتقد أن المكياج والملابس والكاميرا سوف تخفى ملامح الكبر على وجهها بل والبعض أصبح يذهب لعمليات التجميل وشد الوجه وغيرها من العمليات .

قس على ذلك فى جميع المجالات فى الرياضة أيضا تجد لاعبين لا يريدون الإعتزال بعد أن فرغت طاقتهم وتقدموا فى السن ويتنقلون من نادى كبير إلى نادى اصغر واصغر حتى لايجدوا مفر فى النهاية ويتوقفوا مرغمين بعد أن فقدوا نجوميتهم وتقديرهم .

مهم جدا أن يعرف الإنسان إمكانياته وان يعترف بعامل الزمن وان يتطور مع الزمن بما يناسبه او يعرف كيفية الإنسحاب فى الوقت المناسب وهو محتفظ بمكانته ونجاحه الذى حققه بدلا من أن يخسره فى عدة محاولات فاشلة مهم جدا أن نتعلم فن الحياة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً