اعلان

أحمد عنتر يكتب: «مش عايز كاوتش» يا نقيب الصحفيين!

أحمد عنتر يكتب: مسني نصب وعذاب!
أحمد عنتر يكتب: مسني نصب وعذاب!
كتب : أهل مصر

عاهدني أبي أن يبقى حارس بوابة قراراتي حتى بعد الممات، وقد صدق وعده، إذ يأتيني في كل خطواتي كاليقين، يدرس ملامحي، ويتفحص مشاعري، حتى إذا ما ارتويت بالرضا طابت نفسه وهدأت سريرته، فأزدد بذلك ارتواء وحبورا، أما أنا فقد عاهدته بألا أتخلى عن محتاج إن استطعت إلى ذلك سبيلا، وعاهدته، عهدا لم يسمعه، بأن أنجح في نفع نفسي والبشر، وأن أحقق في ذاتي ما اشتهاه هو، فأحفظ حق الأيام، التي دافع فيها عني لقاء اتهامات الفشل ودعوات الإحباط.

ولقد قررت أن أكتب مقالا أفشي فيه أمرا، لترتاح نفسي، ويهدأ داخلي، وأنا في ذلك القرار أغار على وصية أبي غيرة لا مثيل عليها، فأرى أن التخلي عن المحتاجين، دناءة وانحطاط، وأن عدم الإحساس بأوجاعهم موت للضمير واندثار للأخلاق، وقد اختبرت خلال تشبثي بأهل الفضل من المسؤولين، من يضع الإنسانية أول أهدافه، فإذا استشعر احتياج أحدهم لأمر، استطال جهده، وأفاض في سعيه، حتى يحقق مراد المحتاج، ويسدد مطلبه، واختبرت في تلك الواقعة، التي أنا بصدد سردها، عكس ذلك.

أنا في هذا المقال أسرد حادثة، والله حاولت فيها اختبار أحدهم ممن أخذوا زمام المسؤولية داخل نقابة الصحفيين، والذي يحتم عليه دوره أن يأخذ بأيدي أعضاء النقابة وقبل منهم المحتاجين والبسطاء، فطرحت أمامه حالة إنسانية لمريض أورام يعالج بالكيماوي، حُجز بأحد المستشفيات من أجل إجراء جراحة في العظام، وهو ما يعني أن تأخير إجراء الجراحة، يعني موتا مؤكدا.

الشخصية، التي أشاعت عن نفسها السمعة الطيبة قبل توليها المنصب، جاء ردها مائعا، غريبا، غير مستساغ، وأصابني بارتباك لحظي، فالرد يتورع عنه أي مسؤول حكومي غارق في البيروقراطية، ولولا أني تواصلت بالفعل مع مسؤول حكومي محترم وقادر وإنسان وموثوق، وأتم الحاجة الإنسانية الخارجة عن اختصاصه، لانفجرت في وجه «الشخصية النقابية المحترمة»، التي كان ردها «عملية العضم دي صعبة وللأسف في زحام على مستوى الجمهورية».. الرجل لم يكلف نفسه عناء مكالمة بصفته النقابية ليساعد مريض أورام، وإنما جاء رده سريعا، ليسد كل فرصة للمساعدة.

ورسالتي للسيد نقيب الصحفيين، واضحة صريحة: بأني لا أريد «خدمات الكاوتش المخفض السعر»، ولست من هواة تغيير نوع الموبايل كل عام، لذلك لست بحاجة لباقات التخفيضات الخاصة بأجهزة المحمول، وإنما أريد نقابة قوية بأعضاء يؤمنون بدورهم، ويحملون الأمانة بصدق، لا من أجل تربح مادي أو أدبي، دون مراعاة لحاجات أهل المهنة أو الإنسانية.

أما رسالتي المتشائمة للمجتمع الصحفي: لقد خُذلتم في «بعض» من انتخبتموهم، لقد تسرعتم في الحكم على أصحاب الشعارات، ممن فرشوا لكم خدمات لا قيمة لها، إلا في الإهدار: إهدار كرامتكم وحقوقكم، خدمات الهدف منها حقبة من التربح باسمكم وباسم نقابتكم، وأرجو أن أكون مخطئا.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً