قهوة عم ايوب
على ناصية شارع شامليون يتجمع أصحاب القلوب الطيبة والنفوس البريئة، بعضهم للالتقاط الانفاس قبل استكمال يوم عمل، وبعضهم للقاءات عابرة أو مستديمة، جميعهم يجلس مطمئنا لأن الرجل الذي يقوم على شئون هذه القهوة رجل من ملح هذه الأرض، أنه عم أيوب .
يجلس عم أيوب على باب المقهى وعينه على كل ضيوفه والعاملين معهم، لا يرضي بأقل من أن يقوم كل زائر لقهوته بالرضا الكامل حريصا على ألا يتعرض أى زبون لضيق أو حرج من أى نوع . مثل كل المقاهي الشعبية في مصر تشعر فيها بالطمأنينية وكأن القائمين عليها اصدقاء لك من زمان، وهو الشعور الذي لا تشعر به في مقاهي خارج مصر، ولا تشعر به حتى في المقاهي الحديثة التي تحمل لافتات لتوكيلات أجنبية شهيرة .
دور ثقافي واجتماعي بنكهة مصر المحروسة
تجاوزت المقاهي الشعبية في مصر دورها كمجرد تجمعات لقضاء أوقات الفراغ وتناول المشروبات، لتختص بنشاط سياسي وثقافي موازٍ لدورها الأساسي، وتتحول إلى رمز يفوح منه عبق التاريخ، أن يوحّد الجهود الفردية التي تصب في اطار الجهد الثقافي العامي واكتسبت بعض المقاهي قيمتها التاريخية من شهرة مرتاديها في مجالات الفن والأدب والثقافة من أمثال عبد الله النديم وأحمد شوقي وعباس العقاد والمازني.
دور ثقافي واجتماعي بنكهة مصر المحروسة
بل أن مقهى واحد من مقاهي مصر التاريخية وهو مقهى متاتيا كان يجلس عليه كوكبة من العازفين على الناي والعود لإمتاع الرواد بالموسيقى العربية الأصيلة، فضلاً عن أنه كان معقل الأدباء والشعراء والفنانين والمثقفين، أمثال نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي ويوسف إدريس... والفنانين مثل كمال الشناوي وعزت العلايلي وكمال الطويل ومحمد الموجي والمطرب محمد عبد المطلب والمنشد الديني الشيخ محمد الكحلاوي.