أسدل الستار اليوم على المرحلة الأخيرة من مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا. وأعلنت وزارة الرى الموارد المائية أن المسارات التفاوضية انتهت. وأضافت فى بيانها أن نتيجة المفاوضات أظهرت أن الجانب الإثيوبى استغل تلك الفترة لفرض الأمر الواقع على دولتى المصب، وأن إثيوبيا تسعى إلى تحكم مطلق فى النيل الأزرق، دون مراعاة لمصلحة مصر والسودان.
وأكدت الوزارة أنها ستراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأن مصر تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حال تعرضه للضرر.
من اللافت للنظر أنه فى العاشر من سبتمبر أعلن رئيس الوزراء الإثيوبى آبي أحمد إتمام الملء الرابع من سد النهضة. وأوضح في بيان نشرته وكالة الأنباء الإثيوبية أن هذا "الملء هو "الأخير" بدون توضيح لما تحمله تلك الجملة المثيرة. واليوم يعلن الجانب الإثيوبى أن الملء الخامس على وشك البداية وسيتبعه ملء آخر.
وبالرغم من أن أديس أبابا تسعى إلى أن يصل إجمالي حجم المياه المخزنة في بحيرة السد إلى نحو 74 مليار متر مكعب، إلا أنه يبدو من تصريحات الجانب الإثيوبى بإعلانه انتهاء أول مرحلة وثانى مرحلة حتى المرحلة الخامسة، أنه أراد أن يسوق على غير الحقيقة أن هناك مرحلة ما سيتوقف بعدها الملء بشكل نهائى، ولكن ما يبدو فى الأفق أن إثيوبيا عازمة على ملء دائم لسد النهضة، ليس لتوليد الكهرباء كما ادعت منذ البداية، ولكن لتقوم ببيع المياه من خلال بنك المياه الذي تؤسسه فعلا خلف السد، وهو حلم قديم لبعض الدول العربية الشقيقة الذي تحقق مع الأسف على حساب 120 مليون مصري.
وما سيحدث هو معاودة الملء بعد ذالك فى عدد غير منتهى من المرات للسد بدون أى اكتراث بتأثير ذلك على دولتى المصب، لتدخل المياه بعد ذالك كسلعة عالمية يتم تداولها فى بورصة نيويورك، التي أصدرت فعلًا كود لتداول المياه وهو الكود الذي ينتظر التفعيل في باقي بورصات العالم .
وهنا يتبادر سؤال.. ما مصير دولة مثل مصر يعتمد سكانها بنسبة ٩٥٪ على مياه النيل فى الزراعة؟ وما مصير السكان بعد الاضطرار الى تخفيض مساحات زراعة الأرز وقصب السكر والكثير من المحاصيل الزراعية التى تمثل أمناً غذائيا لهم؟
هذا إلى جانب وجود خسارة مائية تعادل إجمالي ما تم تخزينه خلال السنوات الثلاث السابقة، وهي 17 مليار متر مكعب، ونقص هذه الكمية من المياه سيكون من خزان السد العالي، بخلاف الأضرار التي ستنتج بسبب النقص في إنتاج كهرباء السد العالي نتيجة انخفاض منسوب بحيرة ناصر، وفقد حوالي 10% من المياه.