استكمالا لمسلسل الإحباطات التي يعاني منها الشعب المصري، منذ سنوات؛ بسبب الأداء السيئ للحكومة التي أدخلت بسياساتها الفاشلة ملايين المصريين تحت خط الفقر، تعرض الشعب المظلوم لصدمة جديدة؛ بعد هزيمة المنتخب الوطني، أمس الأحد، أمام منتخب الكونغو الديمقراطية، بأداء مخيب للآمال منذ اليوم الأول من البطولة، التي كشفت عن مدى الفساد المنتشر داخل اتحاد الكرة، وسياسة المجاملات التي انعكست على اختيارات المدير الفني لقائمة المنتخب.
الفساد المستفحل داخل الاتحاد جعل رائحة فشل المنتخب تفوح قبل أن تلمس أقدام اللاعبين الكرة، لا سيما وأن منظومة الاتحاد تحمل كل مقومات الفشل، وأبرزها اختيار فيتوريا محدود القدرات، الذي يدفع له الاتحاد بالعملة الصعبة، في وقت يعاني فيه كل المصريين من نقصها، ما يشير إلى وجود تعمد لإهدار المال العام، يستوجب المساءلة الجنائية للمسؤولين عن النشاط الكروي في مصر.
السؤال الموجه إلى رئيس الحكومة، ووزير الشباب والرياضة، هو: لماذا يخرج المنتخب المصري من بطولة الأمم الإفريقية بدور ثُمن النهائي، على الرغم من أن الدولة وفّرت جميع التسهيلات، والإمكانات المالية، والدعم الشعبي والرسمي والمعنوي لمنظومة الكرة؟!
من يعوض الشعب المصري عن الصدمة التي تعرض لها، بعد خروج المنتخب الوطني من البطولة، بأداء شديد التواضع، على مدار أربع مباريات لا غير، وهو أمر يجب أن نتوقف عنده؛ خاصة أن هذه اللعبة هي الأولى في مصر، والتي تحظى بدعم كبير على المستويات كافة.
على كل حال، وبقليل من التفكير وإعمال العقل، ستزول الدهشة من الأداء المخيب للمنتخب، وسيعلم الجميع أن خروج مصر من البطولة الإفريقية هو نتيجة طبيعية لما آلت إليه منظومة الكرة بصفة خاصة، والرياضة بوجه عام، بعدما ضربتها العشوائية، وتحكم فيها الفساد، وسوء الإدارة، خاصة من جانب اتحاد الكرة، الذي يعيش على المجاملات التي تقود إلى اختيارات خاطئة، علاوة على تقديم المصالح الشخصية على المصلحة العامة، وصولا إلى تغافل الاتحاد عن احتياجات الفريق الوطني من متطلبات المرحلة.
لن يكون هناك صفحة جديدة مع هؤلاء، ولن يتم التغافل عن التقصير في حماية سمعة مصر الكروية، ولا بد من محاسبة المتسبب في دخول منتخبنا الوطني معترك هذه البطولة، في ظل رفض الجميع لاستمرار المدير الفني الأجنبي، روي فيتوريا؛ لضعف مستواه، وقلة خبراته مع المنتخبات، وهو ما يجعله غير مؤهل لتولي مسؤولية فريق عريق بحجم منتخب مصر، ورغم كل ذلك تعاقد اتحاد الكرة معه مقابل 2.4 مليون دولار سنويا، أي 200 ألف دولار شهريا، وذلك في ظل أوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة؛ ليكون من ضمن أعلى رواتب مدربي الكرة في القارة الإفريقية، ومع ذلك لم يقدم شيئا يُذكر، بينما يصر أعضاء اتحاد الكرة على تقديم مبررات واهية لوجوده مع المنتخب.
يجب أن تكون هناك محاسبة لكل من تورط داخل اتحاد الكرة في اتخاذ قرار التعاقد مع فيتوريا، كما يجب محاسبة المسؤولين عن المجاملات الواضحة في اختيار اللاعبين، وما حدث داخل معسكر المنتخب من وقائع وأحداث؛ يؤكد وجود حالة من التسيب، وعدم الالتزام بالمهمة القومية التي يخوضها منتخب مصر.
ثم أتساءل: ما دور اللاعب الدولي محمد صلاح، الذي يتعامل مع المنتخب المصري بمبدأ المشاركة لأداء الواجب فقط، لذا نجد الفرق شاسعا بين أدائه في المنتخب، وأدائه مع ناديه ليفربول؛ وهو ما دفع رجل الشارع نفسه للتساؤل، ومع كل مشاركة لصلاح بقميص المنتخب: أين مو صلاح الذي يتشدق به جمهور ليفربول؟! ولماذا يكون في أسوأ حالاته مع المنتخب؟! بل إن البعض يرى المنتخب أفضل في غيابه!
الإقالة هي الحل لوضع حدٍ لكل هذه الإخفاقات، والتصدي للفاسدين والمفسدين والمقصرين ضرورة، ولا يجب أن تقتصر الإقالة على اتحاد الكرة فقط، بل يجب أن تشمل الحكومة كاملة؛ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا الوطن، الذي بات في مهب الريح، بسبب تلك الحكومة التي ليس لديها رؤية لإدارة البلاد، غير إغراقها بالمزيد من الديون، وفرض المزيد من الضرائب، ورفع أسعار الخدمات على المواطنين.
إذا أردنا إصلاح الأوضاع الاقتصادية المتردية، فإننا بحاجة إلى حكومة قوية ومتخصصة، لديها رؤية واقعية ـ خارج الصندوق ـ تكون قادرة على ابتكار الحلول للخروج من عنق الزجاجة، بعيدا عن استنزاف جيوب المواطنين، التي صارت الهدف السهل لمدبولي ووزرائه، من أجل إيجاد موارد جديدة.
لا أدري لماذا يتأخر قرار إقالة الحكومة الحالية، أم أنه ـ كما يقول الشارع ـ لا أحد يريد أن يدفع فاتورة سوء تخطيط سابق، وأن يحاسب على تداعيات قرارات خاطئة بلا دراسة، لم تعد عبئا على الشعب فقط، بل صارت عبئا على نفسها، ورغم طلبات الإحاطة، والمواجهات المشتعلة داخل مجلس النواب، فإن كل ذلك يتبخّر فور فض الجلسات.
حكومة مدبولي تولت المسؤولية في 7 يونيو 2018، وكان جرام الذهب من عيار 21 ـ آنذاك ـ بـ630 جنيها فقط، وهو الذي يكاد أن يصل اليوم إلى 4 آلاف جنيه، وكان سعر طن الحديد 12750 جنيها، أما اليوم فيقترب من 60 ألف جنيه، وكان سعر لتر اللبن 10 جنيهات، وهو اليوم بـ50 جنيها، أما الدولار فكان سعره 17.9 جنيه، واليوم يقترب من 70 جنيها، كما بلغ معدل التضخم، في عهد حكومة مصطفى مدبولي، أكثر من 350%، وبهذا تكون الحكومة الحالية هي الأسوأ أداءً في تاريخ مصر.
أقيلوهم يرحمنا الله من طوابير السكر الممتدة في جميع المحافظات على مدى البصر، ومن وجبة الأرز الساخنة التي أصبحت حلما على مائدة متوسطي الدخل، ومن رغيف الخبز الذي لا يكاد يكفي طفلا صغيرا، ومن كوب لبن حُرم منه الأطفال الصغار.
أنصتوا لأنين المحبطين والمستضعفين، الذين يصرخون ليل نهار؛ من ذل الفقر، ولا يشعر بهم أحد، أقيلوا هذه الحكومة، وأنقذوا البلاد والعباد من التداعيات الاجتماعية الخطيرة، التي انتشرت بشدة كبيرة في عهدها، وباتت ظواهر لا يمكن تجاهلها، ولا ينكرها من له عقل يتدبر به، مثل: ارتفاع معدلات الطلاق، والسرقات، وتجارة المخدرات، التي أصبحت شيئا عاديا، وعلنيا على النواصي.
وفوق كل ذلك انكسر الآباء أمام أبنائهم؛ لعجزهم عن الوفاء بمتطلباتهم، واستُحدثت أنشطة منافية للأخلاق على وسائل التواصل، كوسيلة سهلة لجلب دولارات المشاهدات، بعد تعذر فرص العمل أمام الشباب.
دون رتوش ودون تزييف، هذا واقع ومعلوم للجميع، لا نهوّل من حجم الأزمة التي يعيشها ملايين المصريين، فمدبولي ووزراؤه لا يضعون الشعب في حساباتهم، بل يبدعون في إثقال كاهله بأعباء جديدة طوال الوقت.
بناء عليه نطالب بإقالة الحكومة في أسرع وقت، وبتشكيل حكومة كفاءات اقتصادية، واعتبار عامل الخبرة والكفاءة هو المعيار، مع إعطائها صلاحيات مطلقة لحل الأزمة، وإعطاء الأولوية للمشروعات التي تُسهم في إزالة ما نحن فيه بشكل سريع، مشروعات تفتح أبواب الرزق للشباب الذي بات يحلم بهجرة بلا عودة إلى وطن لم يعد فيه مكان لحلم.. الوطن والمواطنون لا يتحملون التأجيل.