الحشاشون .. فزاعة يصنعها الطغاة وتدفع فاتورة جرائمها الشعوب

الحشاشون
الحشاشون

الحشاشون فرقة إسماعيلية انشقّت عن المذهب الإسماعيلي الفاطمي في مصر خلال القرن الحادي عشر الميلادي. أسسها حسن الصباح (1034-1124 م) بعد خلافات عقائدية وسياسية مع الخليفة الفاطمي المستنصر بالله. وكان من الممكن ألا تظهر طائفة الحشاشين ولا أن تترك هذه الطائفة هذه الأعمال الإجرامية في تاريخ العالم الإسلامي، لو كان الخليفة المستنصر بالله تعامل مع خصومه فقط بالعدل وليس حتى بالرحمة، لكن عصر المستنصر بالله الفاطمي اتسم بالقمع الشديد لمعارضيه، خاصةً من الأئمة الدروز، وحكم بقبضة حديدية.

وتجمع كتب التاريخ على أن الخليفة المستنصر تصرف كحاكم مطلق، ولم يسمح بأي معارضة لسلطته. و استخدم المستنصر شبكة واسعة من الجواسيس لمراقبة رعاياه، وأمر بقتل العديد من الأشخاص دون محاكمة من أى نوع، و فرض المستنصر مذهب الإسماعيلية على جميع رعاياه، وقمع المذاهب الأخرى، بل أن المستنصر أمر بقتل الشاعر ابن المنجم بعد أن هجاه. ولم تقتصر جرائم المستنصر على معارضيه فقط، بل أنه قتل وزيره بدر الجمالي لمجرد أنه شعر أنه أصبح قويًا للغاية.

الصراع على خلافة المستنصر أحد أهمّ أسباب انشقاق الحشاشين

في هذه الظروف نشأت التربة الصالة لنبتة جماعة إرهابية متطرفة مثل الحشاشين، ونمت النبتة على مهل حتى عندما مات المستنصر كان الصراع على خلافته أحد أهمّ أسباب انشقاق الحشاشين. حيث اعتقد الحشاشيون أن نجل المستنصر الأكبر، المستعلي بالله، هو الإمام الشرعي، بينما عيّن المستنصر ابنه الأصغر نزار. لكن مع ذلك فقد كانت هناك خلافات عقائدية روت شجرة الحشاشين، إضافة لخلافاتهم حول مسألة الخلافة، اختلف الحشاشون مع الفاطميين في بعض التفاصيل العقائدية، مثل تفسير النصوص الدينية وفهم دور الإمام. وفي نفس الوقت سعى الحشاشيون إلى تأسيس دولتهم المستقلة بعيداً عن سيطرة الفاطميين والسلاجقة.

وفي هذه الظروف انتشرت دعوة الحشاشيين في بلاد الشام ومصر والعراق، ونجحوا في كسب العديد من الأنصار. و مارس الحشاشيون التقية بشكل كبير، حيث كانوا يخفون معتقداتهم الحقيقية عن عامة الناس، ويظهرون بمظهرٍ مختلفٍ عن معتقداتهم. و اشتهر الحشاشيون باستخدام الاغتيالات السياسية كوسيلة لتحقيق أهدافهم. لكنهم نجحوا في نهاية المطاف في تأسيس دولة مستقلة في إقليم رودبار بشمال إيران، عاصمتها قلعة ألموت.

الحشاشونالحشاشون

نهاية الحشاشين .. انتهت الدولة وبقت الفكرة نبتة تنمو في تربة الطغيان

وكانت نهاية الحشاشين في عام 1256 م على يد المغول بقيادة هولاكو. أدى سقوط ألموت إلى تشتت الحشاشيين وانحسار قوتهم، واندثروا تدريجياً خلال القرون التالية. على الرغم من سمعتهم السيئة كجماعة إرهابية متطرفة، إلا أن للحشاشيين تأثيرًا ثقافيًا هامًا، حيث ظهرت شخصياتهم في العديد من الأعمال الأدبية والفنية، ولكن مع سقوط الدولة ظلت الفكرة مثل نبتة قابلة للنمو ، فيكفي أن تتحكم ظروف الظلم والطغيان في بيئة من بيئات العالم العربي أو الإسلامي حتى تنمو نبتة الحشاشين مجددا وتطرح ثمارها قتلا وإرهابا وفاتورة طويلة من الدمار لا يدفع ثمنها إلا الشعوب .

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً