اعلان

داليا عماد تكتب.. سقوط الفكر القومي العربي ونهاية التاريخ للسلفية الجهادية

أرشيفية
أرشيفية

تزامن حدث بيع ساعة جمال عبدالناصر الذى كان رئيسًا لمصر وسوريا في مرحلة الجمهورية العربية المتحدة بطلب تجاري قدمه حفيده لقاعدة مزادات تجارية فقط ليحصل على المال مع سقوط فرع حزب البعث في سوريا وهو آخر فرع قوي لحزب البعث في العالم العربي، إذ أن باقي الفروع في لبنان واليمن والسودان وموريتانيا كانت تتبع حزب البعث العراقي الذى تم حله.

كل هذا يساوي نهاية مخزية بامتياز للفكر القومي العربي الذي وضع أسسه ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث بفرعيه العراق وسوريا، ونذكر هنا أن عبد الناصر كان رئيسًا لمصر ولسوريا في دولة قزمت من مصر وحذفت اسمها واستبدلتها باسم لا معنى له هو (الجمهورية العربية المتحدة)، وحتى مصر التاريخية نفسها كان يشار إليها في هذه الدولة باسم (الإقليم الجنوبي)، ولكن لحسن الحظ كانت طبقة الضباط التي تحالفت مع عبدالناصر سرًا لإقامة دولة الوحدة، هى نفس الطبقة التي استغلت رعونة عبدالحكيم عامر وانغماسه في الملذات وأعلنت الانقلاب ثم الانفصال لتسترد مصر اسمها ورسمها وظلت تداوي جراح الانفصال، ولكن خنجر الهزيمة العسكرية في 1967 أدماها ولا زالت الأمة العربية كلها تعاني من جرح الهزيمة حتى الآن. وفي نفس الوقت كان سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد مدويًا ومفاجئا لدرجة أنه أربك أى حسابات سابقة حتى على الساعات السابقة لسقوط هذا النظام، وقد يكون سقوط بشار الأسد وحزب البعث السوري هو مؤشر قد يبنى عليه فكرة مفادها أن الفكر القومي العربي قد انتهى، أو أنه في حالة أزمة بنيوية قد تدفع به على الأقل للتواري، ولكن الذي لا يمكن الشك فيه أن استيلاء جبهة تحرير الشام على السلطة في سوريا سيضع السلفية الجهادية كلها في اختبار وجودي، وهذا الاختبار في معطياته الأول فإنه من المحتمل أن يفضي للقول بأن سقوط دمشق في يد السلفية الجهادية، كأول عاصمة عربية تسقط تحت حكم تيارات دينية تتبنى منهج وخطاب السلفية الجهادية بشكل واضح لا لبس فيه، قد يصبح بداية النهاية لهذا التيار الذي يجد نفسه الآن في اختبار وجودي بامتياز . ومصطلح «السلفية الجهادية» هو مصطلح ذاتي، استخدمه رواد الفكر الجهادي أنفسهم، أمثال أبو محمد المقدسي وآخرين، لتحديد منهجهم الفكري منذ الثمانينيات. وفي الواقع العربي يعود استخدام مصطلح «السلفية الجهادية» إلى أوائل الحركات الجهادية المعاصرة، حيث اعتمدته شخصيات مؤثرة مثل أبو قتادة الفلسطيني وأيمن الظواهري لوصف تيارهم الفكري. وعلى ذلك يمكن القول إن مصطلح «السلفية الجهادية» تأسس مع نشوء الحركات الجهادية المعاصرة في الثمانينيات، وصار منذ ذلك الحين هو المسمى المتعارف عليه لهذا التيار الفكري.

ويمكن تتبع جذور الصياغات النظرية الأولى للسلفية الجهادية إلى كتابات أبو الأعلى المودودي، مؤسس الجماعة الإسلامية في باكستان، ولاسيما كتابه «الجهاد في الإسلام».

شهدت هذه الأفكار تطورًا ملحوظًا في الستينيات على يد سيد قطب، بعد تحوله الفكري في عهدعبدالناصر وتأثره بأفكار المودودي، خاصة كتابه «المصطلحات الأربعة في القرآن».

بلغت هذه الصياغات ذروتها في السبعينيات مع صدور كتابي «رسالة الإيمان» لصالح سرية و"الفريضة الغائبة" لمحمد عبدالسلام فرج، اللذين شكلّا مرجعًا أساسيًا للتنظيمات الجهادية في تلك الفترة.

كما لعب «ميثاق العمل الإسلامي» الصادر عن الجماعة الإسلامية في مصر عام 1984 دورًا محوريًا في بلورة هذه الأفكار.

وفي سياق الجهاد الأفغاني، برز دور عبدالله عزام في صياغة الفكر السلفي الجهادي. وقد ساهم في توحيد الجهود الجهادية تحت لواء واحد، وذلك باستخدام مصطلح «السلفية الجهادية» لأول مرة عام 1987. وقد شكل هذا المصطلح فيما بعد نواة للفكر الجهادي المتشدد. تُعتبر العلاقة بين السلفية الجهادية وإسرائيل من أكثر العلاقات تعقيدًا وتوترًا في المشهد السياسي والإيديولوجي المعاصر.

تتجذر هذه العلاقة في عقائد وأيديولوجيات متعارضة، وتاريخ طويل من الصراع. ترى السلفية الجهادية أن فلسطين أرض إسلامية محتلة، وأن تحريرها واجب ديني على كل مسلم.

تستند هذه العقيدة إلى نصوص قرآنية وأحاديث نبوية تفسرها السلفية الجهادية على أنها تدعو إلى الجهاد ضد إسرائيل. كما أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين، كان على الدوام وقودًا استخدمته السلفية الجهادية ليس فقط في اكتساب أنصار وحشد مقاتلين في صفوفها على أمل اللحاق في يوم من الأيام بركب ما تصفه هذه الجماعات بأنه الجهاد لتحرير المسجد الأقصى، بل أيضًا لتخوين كل الأنظمة العربية سواء التي دخلت في عملية تطبيع مع إسرائيل أو حتى نأت بنفسها عن هذا الصراع. تأسست هيئة تحرير الشام في عام 2017 من خلال اندماج عدة فصائل معارضة مسلحة في سوريا، أبرزها جبهة فتح الشام (التي كانت تُعرف سابقاً بجبهة النصرة). هذا الاندماج، الذي شمل أيضاً جماعات أخرى مثل جبهة أنصار الدين وجيش السنة، كان الهدف منه توحيد الجهود في مواجهة النظام السوري. ورغم التنوع في الفصائل المكونة للهيئة، إلا أن قادة جبهة النصرة السابقين ما زالوا يحتفظون بنفوذ كبير فيها واستطاعت هيئة تحرير الشام أن توسع نفوذها بشكل ملحوظ، لتصبح قوة عسكرية وسياسية مؤثرة في الصراع السوري. وقد ساهم انضمام عناصر من حركة أحرار الشام، وهي جماعة سلفية أخرى، في تعزيز مكانة الهيئة وتوسيع قاعدة دعمها. ورغم التغييرات التي طرأت على اسم الهيئة وتركيبها، إلا أنها لا تزال تُعرف لدى الكثيرين باسم جبهة النصرة أو هيئة فتح الشام، ما يعكس عمق الجذور التاريخية لهذه الجماعة وتأثيرها على المشهد السوري ، وتتميز هيئة تحرير الشام بتنوع أيديولوجي، حيث تجمع بين عناصر من التيارات السلفية المتشددة وأخرى أكثر اعتدالًا.

وقد ساهم انضمام عناصر من حركة أحرار الشام، التي تعتبر أقل تشددًا من بعض الفصائل الأخرى، في زيادة هذا التنوع. ومع ذلك، لا يزال تصنيف الهيئة كجماعة سلفية جهادية هو السائد في الأوساط الإعلامية والتحليلية، وذلك بسبب تاريخها وارتباطها بجبهة النصرة.» وعلى رغم التغييرات المتكررة في اسم الهيئة، من جبهة النصرة إلى هيئة فتح الشام ثم هيئة تحرير الشام، إلا أن الكثيرين لا يزالون يطلقون عليها اسمها القديم. يعود ذلك إلى عمق الجذور التاريخية لجبهة النصرة وتأثيرها القوي على المشهد السوري. وقد ساهم انضمام عناصر من حركة أحرار الشام في تعزيز مكانة الهيئة، ولكن ذلك لم يغير تمامًا من صورتها النمطية كجماعة سلفية متشددة.» حسنًا، الآن فإنه لأول مرة تبرز جماعة منظمة تضم آلاف المقاتلين المدربين بشكل جيد على السلاح وقد استولوا على كمية هائلة من الأسلحة والذخيرة وأصبح لديهم أرض ليست فقط أرض متاخمة لإسرائيل، بل أن الأخيرة تحتل جزءًا من سوريا فضلًا عن استمرار احتلالها لفلسطين والمسجد الأقصى الذي كان الزحف عليه وتحريره هو الدعاء المشترك في كل صلوات السلفيين. فهل سوف يقوم السلفيون الذين أصبحوا على مسافة مرمى حجر من الجيش الإسرائيلي في الجولان بالحرب حتى لتحرير الجولان فقط، وليس المسجد الأقصى؟ أم أن تتماهى السلفية الجهادية المسلحة والتي تجابه إسرائيل في سياق جغرافي جديد لأول مرة مع الوضع الراهن، ويكون هذا هو نهاية شرعية هذا التيار؟

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً