تمر علينا ذكرى أحداث 25 يناير 2011، تلك اللحظة الفارقة في تاريخ مصر التي مزجت بين آمال التغيير وأصوات الغضب، وبين الفوضى والتحديات، وفي خضم هذا المشهد، تبرز أسماء أبطال كتبوا بدمائهم الزكية فصلاً جديداً من فصول التضحية والفداء، شهداء الجيش والشرطة المصرية الذين ضربوا أروع الأمثلة في الدفاع عن وطنهم وحماية شعبه وكانت أرواحهم ثمنا للحفاظ علي الهوية الوطنية .
لقد كانت تلك الأيام العصيبة اختباراً حقيقياً للتماسك الوطني المصري، حيث تكالبت على البلاد المخططات الخارجية التي استهدفت زعزعة استقرارها، ولم يكن الهدف مجرد نشر الفوضى، بل تمزيق النسيج الوطني وتحويل مصر إلى ساحة صراع تسير وفقاً لأجندات خارجية، ودل مأجورة كانت تسعي لاسقاط البلاد، لكن وسط هذا الظلام، كان رجال الجيش والشرطة حائط الصد الأول، ساهرين على أمن الوطن، يقدمون أرواحهم فداءً لكل مصري ومصرية.
شهداء الجيش والشرطة لم يكونوا مجرد أفراد يرتدون الزي الرسمي، بل كانوا أبناء هذا الشعب العظيم، خرجوا من قراه ومدنه حاملين في قلوبهم حب مصر وإيماناً برسالتهم في تلك الأيام، واجهوا بشجاعة التحديات الأمنية والمخاطر، وحموا المنشآت الحيوية وصدوا الهجمات الإرهابية التي استغلت حالة الاضطراب لتنفيذ أجنداتها التخريبية.
لم تكن التضحية مجرد خيار، بل كانت واجباً مقدساً في نظر هؤلاء الأبطال، استشهد الكثير منهم وهم يدافعون عن أبناء وطنهم، وبينما قد يختلط الحزن بالفخر عند ذكر أسمائهم، يبقى إرثهم حياً في ذاكرة الأمة، يذكرنا بأن ثمن الأمن والاستقرار دائماً غالٍ، وسط محاولات قوى خارجية لاستغلال الوضع الداخلي والانفلات الأمني ، وقف الجيش المصري بقيادته الوطنية حاجزاً منيعاً أمام المخططات التي أرادت تحويل البلاد إلى نموذج للفوضى. كانت قوات الشرطة، جنباً إلى جنب، تؤدي دورها بشجاعة، رغم الاستهداف المباشر الذي تعرضت له، في الحفاظ على الأمن الداخلي وضمان سلامة المواطنين.
وفي تلك المرحلة الحرجة، برز الدور التاريخي للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي، الذي تحمل أعباء إدارة شؤون البلاد بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، تولى الجيش مسؤولية إدارة البلاد وسط تحديات غير مسبوقة، حيث عمل المشير طنطاوي على ضمان تماسك الدولة ومؤسساتها، والحفاظ على وحدة الشعب المصري في ظل حالة من الانقسام والتوتر.
كما كان لقيادات وزارة الداخلية دور كبير في استعادة الأمن وفرض النظام في الشارع المصري خلال تلك المرحلة المضطربة، على الرغم من الضغوط والاستهداف الذي تعرضت له الوزارة، استطاع رجال الشرطة بتوجيهات القيادة استعادة السيطرة على الشارع المصري تدريجياً، والتصدي للعناصر الإجرامية والإرهابية التي حاولت استغلال حالة الانفلات الأمني لتحقيق أهدافها، لعبت وزارة الداخلية دوراً محورياً في تأمين المنشآت الحيوية وإعادة النظام إلى المؤسسات، إضافة إلى حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم. كان التعاون الوثيق بين القوات المسلحة والشرطة نموذجاً للتكامل الوطني الذي حمى الدولة المصرية من الانهيار، وأسهم في تعزيز ثقة الشعب بمؤسساته الأمنية.
إن دماء شهدائنا الأبرار ليست فقط رمزاً للتضحية، بل هي دعوة لكل مصري ومصرية للحفاظ على هذا الوطن والعمل من أجل رفعته. ما قدمه شهداء الجيش والشرطة في تلك الأيام هو درس عظيم في حب الوطن والاستعداد للدفاع عنه مهما كانت التحديات، علينا أن نتذكر دائماً أن قوة مصر تكمن في وحدتها، وأن أي محاولة للمساس بأمنها أو استقرارها ستواجه بإرادة شعبية صلبة وبدماء أبطال مستعدين دائماً لتقديم أرواحهم.
تحية إجلال وإكبار لأرواح شهدائنا من شبابنا الأبرياء ، ولأسرهم التي دفعت أغلى الأثمان، ولرجال الجيش والشرطة الذين لا يزالون يسهرون على حماية الوطن كما لا يمكن أن نغفل دور القيادة الوطنية المخلصة التي تجسدت في المشير طنطاوي وقيادات الداخلية خلال تلك المرحلة الحرجة، ستظل مصر قوية بأبنائها، قادرة على مواجهة أي مخططات تستهدف أمنها، وستبقى راية الوطن خفاقة عالية بفضل الله، ثم بفضل تضحيات الأبطال وحكمة قادتها.