أظنكم ستستمتعون معي بحكاية السادة المماليك في مصر لان بها أشياء كثيرة جذابة تستحق منا إن نتشارك سويا فى الاستماع والاستمتاع إلى حكاويها وما بها من نوادر وطرائف فهؤلاء المماليك الذين جاءوا إلى مصر عيالا صغار يباعون ويشترون بسوق نخاستها يشهد التاريخ أنهم قد عاشوا فيها حتى أصبحوا اسيادًا يحكمون ويتحكمون في أبنائها كما يشهد التاريخ كذلك إن مصر احتضنت صنفين من المماليك لا صنفا واحدا الصنف الأول هم المماليك البحرية وقد تولت القيام بأعمال السرقة في الفترة من 1250م إلى 1382م وقد سميت بالبحرية لان الأيوبيين اشتروهم وأسكنوهم قلعة جزيرة الروضة فى المنيل بالنيل وقد نجح هؤلاء البحرية في عض يد الأيوبيين عندما استولوا منهم على حكم البلاد أما النوع الآخر من المماليك كانوا المماليك البرجية وقد حكمت مصر ومارست أعمال السلب والنهب بها في الفترة من 1382 إلى 1517م وقد اتخذوا بروج القلعة اعلي جبل المقطم سكنا لهم لهذا سميت بالبرجية وقد قاموا بانقلاب عسكري كبير على المماليك البحرية وانتزعوا منهم الحكم ورغم إن صلاح الدين جاء إلى مصر ليخلصها من حكم الفاطميين المترفيين فيحمد له هذا الفعل إلا انه وللأسف فان سلفه الملك الصالح نجم الدين أيوب 1240-1249م وحده المسئول عن ازدياد نفوذ وشوكة المماليك لأنه هو من جرب الاعتماد عليهم واتى بهؤلاء الجنود المرتزقة من الخوارزمية والأكراد وشيئا فشيئا نجحوا في إن يسيطروا على مقاليد الحكم بعد وفاته فحكمت دولة سلاطين المماليك مصر فى الفترة من 648هـ - 922ه - 1250-1517م وهى بلا شك فترة طويلة قاربت على إن تحكم ثلاثة قرون من الزمان والملاحظ على حكم المماليك انه كان حكما عسكريا لا مدنيا بقوة السلاح مفروضا على الشعب فردا فردا رغم إن هذا المملوكي قد أتى إلى مصر ليخدم المصريين ويدافع عنهم إلا إن الأمور تغيرت على ارض الواقع عندما فتح الله على المماليك عندما وانتصروا على جيش الصليبين واسروا لويس التاسع ملك فرنسا فنتيجة لهذا النصر العسكري علا شأنهم وقدرهم كما ازدادت شوكتهم أكثر وأكثر بإعلانهم التبعية للدولة العباسية 659 ه - 1261م ففي هذه السنة تمت مبايعة الأمير احمد بن الخليفة الناصر لدين الله بن المستضئ بالله خليفة في القاهرة وقد اصدر الخليفة تقليدا للسلطان الظاهر بيبرس بحكم البلاد الاسلامية وما ينضاف اليها حتى إن بيبرس قد حصل على لقب قسيم امير المؤمنين وهو لقب كما ذكر السيوطي لم يحصل عليه احد من قبله رغم إننا لو بحثنا في أصل هذا العبد المملوكي لوجدناه وقت بيعه في مصر قد بيع بثمن بخس جدا فقط ثمانمائة درهم لاغير ولكن بإضافة هذا اللقب إلى بيبرس فان المماليك أصبحوا منذ ذلك الوقت ولاة شرعيين يحكمون بأمر الخلافة العباسية ومن ثم زالت عنهم صفة العبودية السابقة "مسحت" ولم يجرؤ احد بعد ذلك إن يذكرهم بماضيهم العار وبما انهم اصبحوا ولاة اذا فلا بد إن يضعوا يدهم على ثروات البلاد ويؤسسوا نظامًا اقتصاديا مملوكيا وقد حدث ذلك بالفعل أسسوا نظاما اقتصاديا مختلفا عمن سبقهم
كتب : ابراهيم المسكين