◘ أعضاء البرلمان لا يستطيعون مواجهة الحكومة.. وزمن الخدمات التي يقدمها النائب لأبناء دائرته انتهى
◘ لدينا 'أزمة ثقافة'.. السوشيال ميديا تُشكل رأي الجمهور.. الإعلام لن يموت.. والصحافة الورقية ستختفي
◘ محمد عبد العليم داود لا يقبل الحلول الوسطى.. وإحالته إلى لجنة القيم لن تمنعه من المشاغبات البرلمانية
◘ حزب الوفد ظل في خندق المعارضة 50 عامًا.. وفساد الحزب الوطني حال بيننا وبين الوصول إلى الحكم
◘ تطبيقات السياسة تغيرت بفعل الزمن ومستجدات الأحداث.. وتمكين الشباب ظهر بوضوح عقب ثورة يونيو
◘ حزب مستقبل وطن منظم داخليًا.. وأعضائه قادرون على التعامل مع واقع الشارع المصري
◘ الحياة السياسية في مصر أصبحت أكثر تنظيمًا.. ومشاكل الأحزاب القديمة متوارثة ولم تظهر فجأة
◘ حزب الوفد غير قادر على 'تغيير جلده'.. وعجز عن تقديم نفسه في الشارع بشكل مختلف
◘ لا أعرف نواب بورسعيد.. وكثرة عدد الأحزاب تسبب في 'إحلال الحياة السياسية'
الإعلامي محمد شردي في صالون أهل مصر
قال الكاتب الصحفي والإعلامي محمد مصطفى شردي: إن مصر لديها أزمة قائمة منذ 20عامًا تتمثل في أننا نريد أن نقنع العالم بوجهة نظرنا فنخرج ونتحدث باللغة العربية وهذه مشكلة كبيرة جدًا؛ مشيرًا إلى أهمية أن تكون هناك منصة إعلامية تستطيع أن تخاطب الآخر بلغته وطريقته وعقليته ووفقًا لمفاهيمه، ولا يجب أن تكون هذه المنصة تحت عباءة الدولة لأنها ستفقد مصداقيتها لدى الآخر.
وأوضح 'شردي'، خلال حواره مع 'أهل مصر'، أن الأحزاب القديمة لديها مشاكل ما زالت قائمة، ومنها حزب الوفد الذي كانت أمامه العديد من الفرص ولكنه 'لم يغير من جلده'، ولم يُقدم نفسه في الشارع بشكل مختلف، ولم يُعطي فرصة للأجيال الجديدة، وما زالت الأجيال القديمة تحاول أن تسيطر، ومشاكل الأحزاب القديمة متوارثة ولم تُخلق أو تظهر فجأة.. وإلى نص الحوار:
الإعلامي محمد شردي
◘ بداية؛ كيف ترى الحياة السياسية في مصر الآن؟
♦ نحن مررنا بعشر سنوات ثقيلة جدًا وكنا نعاني طوال هذه السنوات من أزمات عدة، والآن أعتقد أن الحياة السياسية في مصر أصبحت أكثر تنظيمًا، خاصة وأن ظهور أحزابًا جديدة كان أمرًا مشجعًا للغاية، وفي نفس الوقت هو أمر يؤكد أن لدينا مشكلة مع الأحزاب القديمة، إضافة إلى أن تمكين الشباب في الفترة ما بعد ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، بدأ يظهر بوضوح على الساحة السياسية، وأصبحنا نرى الشباب يفرض نفسه، ويستطيع التفكير والتنظيم، وفي هذا الصدد أنا معجب جدًا بتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين التي أخرجت كوادر شابة تتسلح بالدراسة والفكر وهؤلاء كنا لا نشعر بوجودهم في العهود السابقة.
أيضًا أنا معجب بحزب مستقبل وطن من جانب أنه منظم داخليًا - رغم كل ما يُقال عنه - وأعضائه قادرين على التعامل مع الواقع الموجود في الشارع المصري، وهناك أحزابٌ أخرى منها على سبيل المثال حزب الشعب الجمهوري وغيرها، كل هذه الأحزاب بالنسبة لنا هي أحزاب تعاملت مع واقع الشارع الجديد.
وتبقى الأحزاب القديمة لديها مشكلة قائمة، وأولها حزب الوفد الذي أنتمي إليه والذي كانت أمامه العديد من الفرص ولكنه 'لم يغير من جلده'، ولم يُقدم نفسه في الشارع بشكل مختلف، ولم يُعطي فرصة للأجيال الجديدة، وما زالت الأجيال القديمة تحاول أن تسيطر، ومشاكل الأحزاب القديمة متوارثة ولم تُخلق أو تظهر فجأة.
الإعلامي محمد شردي
◘ هذه المشاكل التي تعاني منها الأحزاب القديمة؛ هل هي مشاكل داخلية أم فُرضت عليها من الخارج؟
♦ نحن نتحدث عن الساحة السياسية في العموم، ثم نأتي إلى التطبيقات وهنا تواجهنا أسئلة عدة أبرزها: ما هي هذه التطبيقات؟ وكيف تتعامل الأحزاب مع واقع الشارع؟ وماذا يتوقع الشارع المصري من الأحزاب؟ أمام كل هذه الأسئلة نجد أن لدينا 'أزمة ثقافة' فيما يتوقعه المواطن من الحزب، وأزمة في كيفية تعامل الأحزاب مع المواطن ومع المجتمع المصري، هذه الأزمة تتطور وفي الوقت ذاته تتغير بطبيعة الأمر.
وهناك أمر هام، وهو كثرة وجود الأحزاب، نحن الآن لدينا أكثر من 125 حزبًا، وهذا تسبب في إحداث عملية إحلال للحياة السياسية المصرية، وهذا أيضًا أفقد المواطن الثقة في الأحزاب؛ لأن العقليات التي أسست الأحزاب أنزوى أصحابها في ركن بعيد عن المجتمع، إضافة إلى أنهم طبقوا نفس الفكر القديم على عصر حديث دون أن يتسلحوا بمقومات العصر الجديد، ولذلك أنا أعتقد أن كل هذا إلى زوال، فخلال الـ 4 أو 5 سنوات المقبلة ستحدث اندماجات كثيرة بين الأحزاب وبعضها البعض، وستغلق أحزاب أخرى لم يعد لها موقع على الساحة السياسية المصرية.
الساحة السياسية المصرية اليوم تريد تفاعلًا ينعكس في صورة تقديم حلول للمشاكل وهذا أمر في أيدي الحكومات، وبالتالي تأثير الأحزاب المتمثل في الضغط على الحكومة لكي تبدأ التطبيق هذه هي المسألة التي ستأخذ فترة من الزمن حتى تعود بشكل قوي؛ لأنها في الأصل لم تكن موجودة من قبل، ولكن ستعود؛ وأكبر دليل على هذا هي الرقابة القوية التي شاهدناها في بداية دور الانعقاد لمجلسي الشيوخ والنواب الحاليين، ورأينا كيف اصطدموا صدامًا عنيفًا مع الوزراء.
الإعلامي محمد شردي
وهنا أود الإشارة إلى جزئية هامة، وهي أن البرلمان الذي أنتخب عقب ثورة 30 يونيو 2013 كان 'برلمان القوانين'، ولذلك لا نستطيع تقييم أداء كثير من أعضائه، وكذلك لا نستطيع الحكم على الحالة السياسية عقب 30 يونيو؛ لأنها كانت حالة استثنائية؛ أما اليوم فنحن قادرون على التقييم والحكم، لأنه أصبح لدينا غرفتي برلمان وبهما أغلبية واضحة لحزب كبير، بجانب تكتلات برلمانية واضحة المعالم، وبالتالي يجب أن نبدأ في النظر إلى توجهات هذه التكتلات، وأتمنى أن يساعد الإعلام المواطن على هذه الثقافة، لأن لدينا مشكلة ما زالت قائمة في ثقافة المواطن ونظرته إلى الأحزاب وأعضاء البرلمان بغرفتيه، هذه المشكلة تتمثل في أن الناس ينظرون إلى عضو البرلمان على أنه 'نائب خدمي'.
عضو مجلس النواب ليس نائبًا خدميًا هو نائب رقابي، كذلك فنواب مجلس الشيوخ يمثلون العقل بمعنى أنهم يقدمون استشاراتهم لمجلس النواب وإلى رئاسة الجمهورية في جانب القوانين، وأتوقع أن السنوات الخمس المقبلة سيحدث فيها إعادة هيكلة وتنظيم قوية جدًا، وسيعود دور المعارضة المستنيرة، وليست المعارضة بالصورة التي يفهمها الناس.
القضية أن الناس اعتقدت أن المعارضة في مصر هي 'معارضة كلام فارغ'، وهذا أمرٌ خاطئ؛ لأن المعارض ليس ضد الدولة أو الحكومة، لكنه يُعارض رأيك لا شخصك، ويُقدم لك رأيًا مختلفًا ويترك لك مهمة الاختيار، لأنه ينظر إلى الأمور بشكل مختلف والاختلاف ليس بالضرورة أمر سيئ بل بالعكس هو أمر جيد جدًا حتى نقارن ما بين وجهات النظر، وأتوقع أن السنوات الخمس المقبلة ستعاد الثقة في الشارع المصري بالحياة السياسية وبالأحزاب، والطريقة الوحيدة لإعادة الثقة هو أن يشعر الناس بهذا الدور وتأثيره على الحكومة.
الإعلامي محمد شردي
◘ برأيك ما هي أهم القوانين المنتظر مناقشتها أو اقتراحها في مجلسي النواب والشيوخ؟
♦ غالبية القوانين الهامة سنها البرلمان السابق الذي انتخب عقب ثورة 30 يونيو، والآن يواجه البرلمان الجديد مهمة سن القوانين التنظيمية. مصر الآن تمر بمرحلة من إعادة التنظيم في كل الأفرع وهذه رؤية جيدة جدًا، لأننا للأسف في عهد الأنظمة السابقة كانت القوانين تُسن ثم تدخل إلى الأدراج ولا تُطبق، ولأول مرة في تاريخ مصر الحديث بدأنا الآن نفتح الأدراج ونبحث ما بداخلها ونُعيد تطبيقه بشكل جيد بعد تحديثه، وعلى سبيل المثال إذا نظرنا إلى الإدارة المحلية نجد أنها سنت مجموعة من القوانين خلال السنوات الخمس السابقة بصورة غير مسبوقة.
خلال الفترة المقبلة سيتم سن العديد من قوانين التنظيم وأعتقد أن الصحة والإدارة المحلية والبيئة سيكون لهم نصيب أكبر في هذا الصدد، إضافة إلى أن هناك قوانين عقابية متعلقة بجرائم يتم ارتكابها وكانت عقوبتها مخففة سيتم النظر فيها؛ هناك أيضًا قوانين المرور والبيئة.
الإعلامي محمد شردي
◘ لماذا فقد المواطن ثقته في عضو البرلمان؟
♦ هناك شيء هام يجب أن نلتفت إليه، وهو أننا في برلمانات ما قبل ثورة يناير 2011 كان المواطن العادي يعرف بالاسم 50 أو 60 نائبًا على الأكثر لأنهم كانوا يقومون بدور 'نائب المواجهة'، وهذا الدور كان مطلوبًا في ذلك الوقت لأن الحكومة لم تكن تؤدي عملها، إضافة إلى أن الخدمات المُقدمة كانت قليلة جدًا، وكان المواطن يحتاج إلى توقيع نائب البرلمان حتى يحصل على خدمات له أو لأسرته.
أما بعد الثورات؛ فهناك شخصيات كثيرة قدمت نفسها على الساحة السياسية ومن بينهم أناس ليسوا على المستوى، وكل هذا تمت فلترة أكثره، والناس ستواصل عملية الفترة، وخلال الـ 5 سنوات المقبلة سنجد نجومًا لمعوا وسيسقط أناس آخرين ولن يستطيعوا دخول البرلمان مرة أخرى، وسنظل في عملية الفلترة 20 سنة، لأننا تعرضنا لهزة عنيفة في العشر سنوات الماضية نتج عنها تغيير الحياة بشدة، وبالتبعية أصبح المناخ السياسي اليوم متغيرًا عن الماضي الذي كانت السياسية فيه تُمارس 'على ما قسم' في عملية أشبه بتقسيمة كورة الشراب التي يكون الحريف فيها شخص واحد، أما في وقتنا الراهن فالحريف يُشترط فيه أن يكون فريقًا على دراية تامة بالصورة العامة.
الإعلامي محمد شردي
وإذا نظرنا إلى البرلمان الحالي بغرفتيه، سنجد أن هناك نوابًا غير معروفين حتى لأبناء دوائرهم، لأنهم منتمين إلى أحزاب غير معروفة، وأنا على المستوى الشخصي أعمل في المجال السياسي منذ 40 عامًا ومع ذلك لا أعرف نواب بورسعيد، والمطلوب هو أن لا نتعجل في حكمنا على هؤلاء النواب، وأن نتابعهم ونبدأ في الحكم عليهم وتقييم أدائهم بعد ذلك؛ لأن الذي سيحكم على التجربة هو 'وعي الناس'، هذا الوعي هو الذي تحكم في انتخابات برلماني 2005 و2010 ودخل بالمعارضة إلى المجلس ووقف في وجه الحكومة أيام جبروت حسني مبارك، وما كان يفعله أحمد عز وغيره، وبالتالي الوعي سيقوم بعملية تصفية قد تطول وقد تقصر حسب الثقافة العامة عند الناس وثقافة التطبيق.
وهذا لا يمنع أن نقول أننا أمام مجموعات من النواب يجعلوننا نشعر بالفخر؛ فلأول مرة نجد نوابًا بالبرلمان حاصلين على دكتوراه في الفضاء، وأخرى في التنظيم... إلخ هذه التخصصات الدقيقة التي تجعلني أؤكد أن هؤلاء النواب لا يبحثون عن 'الشو' بل هم لا يُجيدون سوى العمل الجاد، ولذلك أكرر ما قلته: دعونا نحكم على الأداء الإجمالي لعمل البرلمان بغرفتيه، ونغير نظرة 'نائب الدائرة بتاعتي'، لأن النائب بمجرد نجاحه أصبح نائبًا للأمة.
وأخيرًا أؤكد في هذه الجزئية، أن عضو البرلمان الحالي لن يستطيع تقديم الخدمات التي كان يُقدمها نظيره منذ 10 أو 15 سنة مضت. هذا لن يحدث لأنه عهد انتهى، وكذلك لن يستطيع النائب الحالي الدخول في مواجهات برلمانية مع الحكومة؛ إلا إذا كانت المواجهة لها أسباب قوية جدًا وواضحة المعالم.
الإعلامي محمد شردي
◘ كيف قرأت واقعة طرد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد من مجلس النواب؟
♦ النائب الوفدي محمد عبد العليم داود، صديق عزيز وزميل سياسة، وفي نفس اليوم الذي تم طرده فيه من جلسة البرلمان عُين بالتزكية رئيسًا للهيئة البرلمانية الوفدية، وهذه ليست هيئة صغيرة، لأن الوفد سياسيًا حزب له ثقله، وهو برلماني مخضرم وكان وكيلًا لهذا المجلس في فترة من الفترات، والجميع يعرف أنه شخصية سياسية لا تقبل الحلول الوسطى، ولذلك سيكون مشاغبًا أحيانًا في نظر البعض وهذا لا يعني بالضرورة أن نواب الوفد دخلوا البرلمان من أجل المشاغبة.
وواقعة طرده من جلسة البرلمان هي أول مواجهة ما بين إدارة البرلمان الجديدة وما بين نائب اعتاد أن يواجه ومُنع من دخول اللجنة البرلمانية وحضور الجلسات عقابًا له على طريقة الكلام، وستستمر هذه المناوشات لأنه هكذا يجب أن تكون السياسة، ومحمد عبد العليم قال رأيه تحت قبة البرلمان ولا يستطيع أحد أن يعاقبه على هذا الرأي؛ لكنه عوقب على الطريقة التي أدلى بها برأيه، وهو لن يسكت حتى بعد إحالته للجنة القيم؛ لأنه اعتاد على عدم التراجع إذا كان مقتنعًا بشيء.
وهنا أود التأكيد على أن ما فعله محمد عبد العليم يُعد ممارسة صحية للغاية، وكذلك ما قاله بعض نواب البرلمان لوزيري الإعلام والشباب والرياضة، إضافة إلى المواجهات التي حدثت مع وزير قطاع الأعمال بسبب تصفية شركة الحديد والصلب، كل هذه مواجهات يجب أن تحدث داخل البرلمان، لأنها تجسد الدور الرقابي والتعبير عن الرأي، وسنرى مثل هذا كثيرًا خلال الفترة المقبلة.
الإعلامي محمد شردي
◘ هل ما فعله النائب محمد عبد العليم يعني أن الوفد سيعود لممارسة دوره الرقابي بقوة؟
♦ بالتأكيد حزب الوفد موجود وبقوة مع محمد عبد العليم وكل الزملاء الوفديين، ونحن لم نمتنع عن أداء دورنا لكن قبل 2010 فُرض علينا دور المعارضة وكنا نمارسه بقوة؛ لأنه كان من المفترض أن ينجح لنا 150 أو 200 عضو ونفاجئ بأن الناجحين 10 نواب فقط، ولذلك حين كنا نُقدر حين نجلس في البرلمان أننا بنواجه أخطبوط اسمه الفساد في مصر، وأننا نواجه قيادات الحزب الوطني.
حزب الوفد ظل في خندق المعارضة طوال أعوام حكم حسني مبارك، بل ومنذ سنة 1952، ولكم أن تتخيلوا ماذا يعني 50 عامًا من ممارسة المعارضة فقط دون أن يُسمح لنا كحزب بالسعي إلى الحكم، أما اليوم فقد تغير كل ما كنا نعرفه عن تطبيقات السياسة، والتغيير ليس بالضرورة بسبب رغبة الحكومة في هذا، ولكنه بفعل الزمن والأحداث التي تعرضنا لها والشباب الذي شعر بتمكينه.
الإعلامي محمد شردي
◘ في حديثك أثنيت على تجربة شباب ائتلاف الأحزاب وفي السياق ذاته نحن نرى شباب البرنامج الرئاسي؛ هل نحن أمام برنامج رئاسي أو توجه دولة لتمكين الشباب؟
♦ بالتأكيد هناك برنامج رئاسي لتمكين الشباب، وهناك أيضًا تنسيقية لشباب الأحزاب والسياسيين - كما أشرت من قبل -؛ لكن الأهم من كل هذا أن هناك شعور عام بأهمية أن ينخرط الشباب داخل المجتمع وأن تُعطي له فرصته مبكرًا حتى لا نشعر ونرى أن الشباب أصبح يعيش في جزر منعزلة داخل المجتمع المصري مثلما حدث عامي 2010 و2011.
وإذا تحدثنا عن البرنامج الرئاسي؛ ففي البداية كنت أظن أنه سيخرج لنا شبابًا سياسيين فقط، لكنني وجدت أنه برنامج متكامل ويُخرج كوادر تتعامل مع الواقع في كل مجالات الحياة، وهذا انعكس بدوره على الشباب أنفسهم، وأصبح لدينا جيلٌ سيصبح بعد 10 سنوات يجيد فن الإدارة ومندمج في الحياة السياسية ومؤهل لتبوء المناصب القيادية، وهذا الشباب هو الذي سيرسم الصورة الجديدة لمصر.
والمهم في هذا الصدد أن نقتنع بأن الحياة السياسية تغيرت وعلينا أن نتقبل هذا، وأن نشجع الشباب ولا نحبطه، لأن الأمور في مصر أصبحت أكثر وضوحًا وتنظيمًا وبعد عشر سنوات من الآن سنتذكر هذه الأيام ونقول: 'الحمد لله أننا بدأنا في المسار الإصلاحي'.
الإعلامي محمد شردي
◘ ننتقل إلى الساحة الإعلامية؛ كيف تقيم الوضع الإعلامي خلال السنوات الأخيرة؟
♦ إذا تحدثنا عن الوضع الإعلامي من جانب القنوات الفضائية؛ فأعتقد أننا بدأنا نعود بعد فترة من كثرة الفضائيات وانهيار دخلها، إعادة تنظيم بعض الفضائيات خطوة هامة بدأت ثمارها تظهر بشكل جيد، وفيما يتعلق بالأزمات المختلفة سواء الاقتصادية أو الصحية خلال الفترة الماضية أثرت على الإعلام تأثيرًا كبيرًا جدًا. أما إذا تحدثنا عن لقاءات المواجهات والنقاشات الساخنة التي كانت تحدث في برامج التوك شو؛ فهذه كانت تحدث في زمن كان يحتاج إلى مثل هذه البرامج بشكل قوي، والآن نحن نحتاج أيضًا إلى مواجهات ولكن المواجهات المستنيرة.
وهناك أمر مهم يجب أن نلتفت إليه، وهو أن الناس الآن بدأت آرائها تتشكل من الفيسبوك والسوشيال ميديا عمومًا، ولم يعد لديها قابلية لمشاهدة برامج خبرية لأن الأخبار أصبحت تصل إليهم قبل موعد البرنامج من خلال السوشيال ميديا وبالتالي هو يكون رأيه قبل أن يشاهد برامج التوك شو.
وإذا تحدثنا عن مشاكل الصحافة الورقية في السوق المصري فلابد أن نقتنع جميعًا أن الصحافة الورقية إلى زوال، لأن الأزمة الحالية تقول إن الحالة الاقتصادية تقتضي أن يكون وصول الصحيفة إلى الشخص متضمنًا أخبارًا جديدة وحصرية وهذا غير ممكن في ظل تسريب كل الأخبار على السوشيال ميديا، وبالتالي أصبح هناك احتياج إلى النظر لجانب مهم جدًا يتمثل في الإجابة على سؤال: ماذا تقدم الصحافة الورقية؟
الإجابة ببساطة يجب أن تقدم الصحافة الورقية الأبعد، بمعنى أن أعيد الناس إلى قراءة الفكر وما وراء الأخبار وتحليلها والقصص الإنسانية.. إلخ، وهذا تحول حدث في جميع دول العالم.
الإعلامي محمد شردي
◘ إذًا نحن في حاجة إلى قوالب صحفية جديدة تلبي احتياجات الناس؟
♦ الصحافة والإعلام في العموم لن يموتا، لأن هذا المجال هو أهم شيء وركن أساسي من أركان المجتمع في مجال تداول الأخبار، والذي حدث الآن أنه بسبب نظرة الناس إلى السوشيال ميديا واهتمامهم بـ'الترند' انصرفوا عن أشياء كثيرة ومن بينها الصحافة والإعلام، وسيظل هذا الوضع المتضارب قائمًا كما هو لمدة 10 أو 20 سنة.
الإعلامي محمد شردي
◘ ما هو القالب الإعلامي الذي ينقص مصر؟
♦ أنا مشكلتي في مخاطبة الآخر، نحن لدينا في مصر أزمة قائمة منذ 20 سنة وتتمثل في أننا نريد أن نقنع العالم بوجهة نظرنا فنخرج ونتحدث باللغة العربية وهذه مشكلة كبيرة جدًا؛ لأن توجيه الحوار إلى الطرف الخارجي المؤثر يكون غير مجديًا إذا حدث بطريقة الإذاعة الموجهة.
يجب أن تكون هناك منصة قوية جدًا تستطيع أن تخاطب الآخر بطريقته وعقليته ووفقًا لمفاهيمه هو وليست مفاهيمنا، ويجب أن تكون هذه المنصة أيضًا بلغة يفهمها الآخر، واللغة هنا لا تعني بالضرورة أن تتحدث هذه المنصة بالإنجليزية أو الفرنسية أو غيرها لكني أعني هنا لغة التكنولوجيا وطريقة الحوار والنقاش والفكر الذي أقدمه، ويجب أيضًا أن تكون لغة الخطاب عنيفة، ولا يجب أن تكون هذه المنصة تحت عباءة الدولة لأنه يفقد مصداقيته لدى الآخر، وهذا لا ينفي أهمية الدولة ولكن القضية تتمثل في البحث حول الطريقة المُثلى لإيصال الرسالة.
نقلًا عن العدد الورقي..
العدد الورقي لـ أهل مصر