يقول المولى سبحانه وتعالي في سورة غافر : وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ، ولكن مليارات البشر حول العالم وفي كل عصر يدعون الله سبحانه وتعالي ليفرج همومهم، فقراء ومرضى وأصحاب حاجات، منهم من يدعو بسد الديون عنه، أو من يدعو الله ليمن عليه أو على من يهمه أمره بالشفاء، ومن يدعو بتسهيل الرزق أو طلب الوظيفة أو حتى زواج البنات، ولكن معظم هؤلاء البشر لا يجدون استجابة للدعاء. ومع الأسف فالبعض يستغل عدم استجابة الله للدعاء أو تأخر الاستجابة في التشكيك في فكرة الإيمان نفسها، بل أن كثيرا من الشباب الذين عانوا من إحباط في حياتهم يبررون تحولهم للإلحاد بأنهم دعوا الله كثيرا فلم يستجيب لهم . وأن الله لو كان موجود لحقق أمنيات ولو الملايين من البشر من بين مليارات المؤمنين به في كل الأديان الذين يدعونه ليل نهار . فلماذا لا يستجيب الله لدعاء المؤمنين به ؟ وهل عدم استجابة الله للدعاء مبرر عقلي للإلحاد به ونكران وجوده ؟ وهل الله لا يعبأ بمن يدعونه ليل نهار؟ وما هى أسباب عدم استجابة الله لدعاء المؤمنين به؟ أولا فإن عدم استجابة الله للدعاء لا يعني أبدا عدم وجوده، فالمنطق العقلي يقول إن عدم رد شخص على دعوة توجه له لا تعني عدم وجوده بل تعني وجوده ومن الممكن ألا يرد على هذه الدعوة . كما أنه ليس هناك دليل على أن الله لم يستجيب لدعاء الملايين من البشر من المؤمنين به، كما أنه ليس هناك دليل من القرآن أو السنة النبوية على أن الله كتب على نفسه الاستجابة الفورية أو حتى الاستجابة الآجلة لكل من يدعوه في أى وقت، وتفسير كلمة (ادْعُونِي) في سورة غافر كما ورد في تفسير الطبري، ادْعُونِي بمعنى اعبدوني، وعن النعمان بن بشير, قال: سمعت النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: " الدُّعاءُ هُوَ العبادَةُ,( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )، والاستجابة المقصودة في الآية بمعنى المغفرة.
ولكن مع ذلك فقد ذهب جمهور من العلماء إلى أن هناك موانع لاستجابة الدعاء، وهى موانع دينية ومنطقية، وهو ما جاء في الحديث الشريف فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما: أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذاً نكثر. قال: الله أكثر، أيضا فإن من موانع عدم الاستجابة للدعاء أن يكون الدعاء بشئ مستحيل أو خارق للعقل، كأن يدعو الإنسان بسقوط منزل ليس آيلا للسقوط أو بالحصول على مبلغ خرافي من المال أو بالنجاح في عمل أو دراسة بدون أن يقدم الشروط المؤهلة لهذا النجاح. وفي نفس الوقت فإن من شروط استجابة الله للدعاء أن يكون دعاء المسلم وهو على يقين من استجابة الله سبحانه وتعالى له ، وفي الحديث: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ. رواه الترمذي.