لا ينكر منصف ما تم من إنجازات كبيرة وضخمة بمجال الطرق سواء من حيث التحسين أو الإنشاء لمحاور جديدة في شتى بقاع الجمهورية، حتى باتت شبكة الطرق المصرية غير بعيدة عن كثير، بل وأغلب دول العالم الكبيرة والصناعية، كما لا ينكر أحد ما تم من عمليات تحديث للبنية التحتية للسكك الحديدية والتعاقدات الجارية بالداخل والخارج لهذا الغرض، أو ما تم من انجاز حيال ملف تطوير مترو الأنفاق رغم الألام الاقتصادية والأعباء اليومية الواقعة على عاتق المواطن البسيط "والتي نتحفظ عليها" نتاج رفع قيمة وسيلة انتقاله الأولى بالقاهرة.
أيضا لا ينكر أحد ما قامت به الدولة من عمليات تعمير مترامية بكافة أنحاء الجمهورية، لتوفير سكنا كريما للمواطن المصري بل واعتبار النظام المصري أن حق السكن الكريم جزء من حقوق الإنسان الواجب رعايتها من الدولة، ومنه توفير بيئة صحية للأسرة المصرية والتي هي عماد المجتمع.
كما لا ينكر أحدا ما يتم الان من مشروعات استثمارية عقارية كبرى سواء قامت بها الدولة بشكل مباشر من خلال وزارة الإسكان، أو من خلال الهيئات الاقتصادية التابعة مثل هيئة المجتمعات العمرانية أو من الشركات ذات التابعية للدولة مثل شركة العاصمة الإدارية وهي المشروعات التي تستثمر فيها الدولة أراضيها وأموالها وثروتها العقارية في عملية تجارية كبرى وموسعة، شملت أغلب المناطق والأراضي الحيوية عالية القيمة، حتى باتت مشروعات المدن الجديدة أو المليونية من الصعب حصر عددها للمتابع العادي أو الوقوف على حجمها المستهدف.
ومنه وبسبب هذا الحجم من الاستثمارات والتي أصبحت لا تخطأه العين المجردة، وجب تقديم بعض الملاحظات أو التساؤلات المشروعة إلى القائمين على تلك العملية الاستثمارية الموسعة، وبعض التساؤلات سواء حول الخطط أو الأرقام أو دراسات الجدوى المؤكدة لجوده تلك الفرصة الاستثمارية، والتي استثمر فيها شعب مصر أراضيه وأمواله ومستقبله.
فلنتفق أولا أن وزارة الاسكان و التعمير أو شركة العاصمة أو الهيئات الاستثمارية المتعددة التابعة للدولة العاملة بهذا المجال أو هيئة المجتمعات العمرانية، وإن خرجت موازنتها من الموازنة العامة للدولة فهي بشكل أو بأخر أموال المصريين وبشكلا قطعيا مشروعات أقيمت على أراضي كل المصريين بل أراض أمة من الأجداد وباقية للإبناء وللأحفاد،والحفاظ على تلك الاموال وتلك الأراضي، فكما نؤمن بصدق وجود استثمار الدولة في تلك المشروعات الكبرى نؤمن أيضا بحق كل المصريين في المتابعة وإبداء الراي أو النصح، بغرض أن نصل جميعا لأفضل النتائج من تلك المشروعات.
ومن هذا المدخل، وجب علينا تقديم بعض التساؤلات عن هذا السوق واستيعابه في العموم وهو الذي بدأت عجلة الطلب فيه تتباطيء وبشكلا ملحوظ خلال الفترة الماضية مما أدى لثبات الأسعار لاخر عامان، مما قد يعزز فكرة أن تلك الفكرة، وهنا ياتي السؤال الأول عن "كمية الطرح من وحدات" والإطمئنان على جودة دراسات الجدوى عن استيعاب السوق لهذا الكم من الوحدات المطروح للمواطنين.
التساؤل الثاني عن "السعر للوحدات" فان كان المطروح مناسب عدديا لحجم الاستيعاب، فماذا عن تباطوء عملية الشراء؟؟ هل سببا له بداية نقصان في القدرات الشرائية سواء كانت بسبب إصلاح اقتصادي أو أزمة عالمية لكورونا|، يستوجب معها إعادة الدراسة والتخطيط المالي للأسعار وحركة الطرح ؟؟ أم قد يكون المسار الصحيح الاستمرار في الطرح مع مراجعة الأسعار وتخفيضها لتكون في متناول متلقيين الخدمة وقدراتهم الحالية، ليستوجب مع إعادة التفكير في التسعير سواء للأرض أو بعملية تكلفة البناء أو الأرباح للمستثمر أو في كيفية حساب فوائد الاقساط البنكية سواء على المقاول أو المطور العقاري أو على متلقى الخدمة.
التساؤل الثالث عن "قدرة البنوك على استمرار التمويل" ففي حالة أن المطروح مناسب للطلب وأن الأزمة في المبيعات والسدات بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية عالمية كانت او محليه، فهل للبنوك قدرات تمويلية، للحفاظ على استمرار هذا الكم من الطرح أم من الممكن يكون هناك "مثلا" أفكار جديدة لتمويل الأفراد طويلة الأجل لتصل ل20 أو 30 عام مثلما يحدث في الغرب ؟؟ أو وجب إعادة دراسة المطروح وإعادة الانضباط في مخرجات السوق أي تقليل سرعة المشروعات لتتناسب مع السرعة البطيئة لحركة السوق وحركة الطلب على تلك السلعة.
وأخيرا وليس أخرا ونصيحة، فوصول مصر لأزمة عقارية أمر لا نتمناه، كما أن تطور واستقرار هذا السوق ونجاح استثمار الدولة أو المواطنين فيه ليس مصلحة سياسية فقط للنظام بل للدولة وللشعب، كما أنه ليس عيبا إن كان هناك مشكلة بدأت تلوح بالأفق أن نعيد التخطيط التمويلي أو الإنشائي أو نعيد الانضباط لسرعة الإنجاز، كما أن إعادة ترتيب أوراق هذا السوق "إن احتاج لإعادة ترتيب" مصلحة لنا جميعا، أما أن كان الامر مدروس وهناك ما يغيب علينا كمواطنين، وأن كل شيء علي مساره الصحيح فهو أمر جيد وهو مسئوليتكم السياسية والاقتصادية سواء عن ثروات مصر العقارية أو عن أموال الاستثمار، فهي اموالنا وأموالكم| أيضا، ولا أحد يتمنى أيضا أن تتحول ثروتنا العقارية لأزمة عقارية.