يهتم الإعلام القطري كثيرا بالديمقراطية المصرية، ربما بدرجة أعلى من الديمقراطية فى قطر، وهذا متوقع لطبيعة الدور التخريبي المطلوب منها تجاه مصر وحجم الكراهية والحقد من جانب حكام قطر على ما تمتلكه مصر من مقومات القوة الإقليمية ولا تقدر عليه الإمارة القزمة.
ورغم أن المقارنة ظالمة بين دولة امتلكت أول حياة برلمانية فى الشرق الأوسط ودولة حياتها البرلمانية لا تتعدى 16 عاما، لكن لا بأس من سرد الحقائق لكل ذي عقل حتى يتأكد من زيف ما يقدمه الإعلام القطري الإخواني.
البناء التشريعى فى مصر مع عودة مجلس الشيوخ يشارك فيه حوالى 900 نائب، نصيب الشيوخ منهم 300 نائب، والنواب 596 نائبا، يتم انتخابهم فى انتخابات تنافسية بين أحزاب تمثل كافة التيارات والاتجاهات السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار مع تمثيل نسبى يضمن للمرأة والشباب والأقباط وذوى الاحتياجات الخاصة تمثيلا مناسبا، وبذلك تكون التجربة السياسية المصرية صورة مصغرة لشكل المجتمع المصري وهو مطلب أى ديمقراطية تشاركية حديثة.
أما قطر، وبحسب تقرير متميز أعدته الهيئة العامة للاستعلامات، فتملك حياة برلمانية قوامها مجلس واحد لا يتجاوز عدد أعضائه الخمسة والأربعين عضوا، 29 بالانتخاب و16 بالتعيين، ولم ينتخب سوى مرة واحدة، ويتم المد والتغيير فى عضويته بقرارات من الأمير الذى يقوم بتعيين أعضائه من بين كبار العائلات التى تدين له بالولاء
بمعنى أدق، تملك قطر ديكورا يدعم الأمير صاحب كل السلطات، والذى يملك بنص الدستور المعيب القدرة على حل البرلمان دون استفتاء، وهو انتهاك صارخ لحقوق الهيئة الناخبة، وأمر يثير السخرية فى أوساط المهتمين بالنظم السياسية لأنه نموذج لا مثيل له فى العالم.
لا توجد فى قطر ديمقراطية لأنه لا توجد أحزاب تتنافس من الأساس، وبالتالي لا توجد حياة حزبية ولا تمثيل لأى تيار سياسي، فضلا عن عدم تمثيل المرأة، ولكن كل ذلك لا يلفت انتباه الإعلام القطري ولا المنظمات المعنية بالديمقراطية، رغم أنه يتعارض مع المعايير والمواثيق الدولية التي يذكرونها دائما عند تعرضهم للحالة المصرية.
بالقطع لا وجه للمقارنة بين صلاحيات الرئيس كممثل للسلطة التنفيذية والسلطتين التشريعية والقضائية فى الدستور المصري، والذى يحتوى على نصوص لمعاقبة الرئيس والوزراء ونصوص تخضعهم للرقابة بالقانون، وبين أمير قطر الذى وضع نفسه فوق كل السلطات، فهو من يعين القضاة ويختار أعضاء مجلس الشورى، ووضع نصا لا يملك أحد أن يراجعه فى قانون النظام الأساسي لعام 1970 وهو أن يحصل الأمير على 25% من عائدات شركة نفط قطر (الحقول البرية فقط) من خارج الميزانية، بمعنى أدق، الأمير يملك السلطات والمال بدون رقابة أو أى محاسبة من أى جهة رقابية، وهو ما نتج عنه حجم اتهامات الفساد الدولية التى تلاحق المسئولين فى قطر، بداية من تنظيم بطولة كأس العالم، وصولا إلى دبلوماسية الشيكات التى لوثت العمل السياسى فى الشرق الأوسط.
ما يزعج قطر فعلا هو أن تنجح التجربة الديمقراطية المصرية وتقدم نموذجا للمنطقة والعالم بإمكانية نجاح التجربة الديمقراطية فى غياب جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية التى أنفقت قطر أموالا طائلة من أجل إقناع مراكز الأبحاث ودوائر صنع القرار فى الغرب بأنهم البديل الديمقراطي الدائم، واشترت اللجان الإلكترونية وذباب السوشيال ميديا من كل أنحاء العالم لتجميل وجههم الإرهابى الدميم بالمساحيق الإعلامية، وحاولت بشتى الطرق إخفاء آثار دماء الأبرياء التى لطخت أيديهم ولكنها فشلت.
لكن التجربة المصرية تسير وتصحح أخطاءها بنفسها، وتقدم للعمل السياسي نخبة سياسية جديدة ينتخبها المواطنون فى عملية عادلة تتوافر فيها كل شروط المعايير الدولية للانتخابات الشفافة والنزيهة.
بالتأكيد لا وجه للمقارنة بين مصر وقطر، ولكنها رسالة لكل غافل ليرى الفرق بين دولة يحكمها الدستور والقانون ويحمى سيادتها جيشها الوطني، وبين عزبة يملكها ويحكمها أمير يحمى عرشه بقوات أجنبية.