يبادر بنفسه لمتابعة حالات إصابات الصحفيين بفيروس كورونا اللعين، و يدعم علاجهم من خلال مساندة المؤسسات الصحفية القومية ماليا بمخصص مالي لعلاج كورونا، و لم يترك أحدا مصابا إلا تابع حالته، هذا الكلام بحسب شهادات الزملاء الصحفيين في أكثر من مؤسسة صحفية قومية، فضلا عن متابعتي شخصيا لبعض الزملاء الأصدقاء للاطمئنان عليهم.
وللعلم، فأنا لم أعرفه سابقا ولم ألتقه مرة واحدة حتى من قبل، -و أتمنى لقاءه قريبا- بل كنت معترضا بشدة على توليه حقيبة الهيئة الوطنية للصحافة، ذات التركة الثقيلة من ناحية الديون والرتابة الإدارية من ناحية أخرى، وقلت مهندس، ما علاقته بالصحافة و هموم الصحفيين، حتى علمت أنني كنت مجحفا بحقه.
إنه المهندس عبد الصادق الشوربجي، رئيس مجلس إدارة روزاليوسف سابقا، والرئيس الحالي للهيئة الوطنية للصحافة، مالكة المؤسسات الصحفية القومية، و التي تمتلئ بالأزمات، أهمها تعيين مؤقتيها، كاستحقاق قانوني لهم وفق قانون العمل بتعديلاته و وفق تقاليد المؤسسات الصحفية القومية العريقة، و هو ما ينتظره المؤقتون لاستقرارهم النفسي و المالي و الوظيفي مثل بقية الزملاء، و كذلك تطوير المحتوى و المنتج الصحفي الذي سيكون للصحفي وحده اليد العليا في كل مؤسسة لتطويرها، فهو مناط التطوير.
هو من مركز زفتى محافظة الغربية، تخرج من كلية الهندسة قسم الطباعة، وسافر إلى ألمانيا عدة سنوات، درس فيها نماذج متطورة من علم هندسة الطباعة، ثم عاد إلى مصر، شغل منصب مدير عام مؤسسة روزاليوسف، فترة رئيس مجلس إدارتها الأسبق محمد جمال، والذي قدم استقالته عقب تولي الإخوان حكم البلاد، ذلك العام الذي تم تغييب وعي الشعب المصري فيه عن عمد و قصد، حتى وقع في براثن تلك الجماعة التي ابتلعت مؤسسات الدولة، حتى نفض الشعب المصري غبار هذا التغييب عنه وثار وأسقط حكم المرشد، محتميا بظل القوات المسلحة التي هي درع و سيف هذا الوطن المفدى.
فخلفه الشوربجي كرئيس مجلس إدارة مؤقت لروزاليوسف، ثم تعيينه رسميا في التغييرات آنذاك..
ولعل غالب وسطنا الصحفي يعرف ذلك، غير أن الذي لا يعرفونه هو أن المهندس الشوربجي كان يلبس " العفريتة" و يذهب بنفسه إلى مطابع مؤسسته و يصلحها حال عجز مهندسوها عن إصلاحها، و هو في ذاك الوقت رئيس مجلس إدارتها، غير أن مهنته و شغفه بها غلب على شغفه أو راحة مكتبه المكيف ذي الأثاث الوثير..
الأهم من ذلك ما تفاجأت به، حين علمت أن المؤسسة كانت تثقلها أعباء ديون كبيرة تخطت حاجز ال 400 مليون، كانت قد تراكمت و ورثها الشوربجي، و مع ذلك لم يهرب من ميدان المواجهة و أبدى شجاعة كفارس شمر عن ساعديه و امتشق حسامه و آثر خوض غمار حرب سداد تلك الديون.. فهل استطاع؟؟
نعم، استطاع الشوربجي سداد ديون بنك مصر و التي تراكمت منذ عام 1987 على المؤسسة، من أصل دين قدره 54 مليون جنيه إلى دين بلغ 245 مليون جنيه بالفوائد، و هو ما خاض فيه الشوربجي جولات و صولات مع مجلس إدارة البنك، حتى سدده و أسقط من جملة الدين ما يقارب 225 مليون جنيه، و سدد 20 مليونا فقط، و هذا إنجاز عظيم لإداري أعظم، رأى أن واجبه ليس فقط تسيير أعمال المؤسسة، بل انتعاشها و قد تم..
ثم سدد ديون شركات توريد ورق الطباعة و التي حصل بعضها على حكم قضائي بالحجز على المؤسسة، فأوقفه و سدد المديونيات، بل و استغل فرصة استثمار بعض من أموال المؤسسة تجاريا و ربح من خلالها ببيع ورق طباعة كان قد اشتراه و خزنه و باعه بأضعاف ثمنه للمؤسسات الأخرى.
و سدد ما يقارب من 21 مليون جنيه، لصالح مؤسسة الأهرام، و اشترى منها ماكينتي مطابع متهالكة، وأصلحها بنفسه وعرض عليه بيعها بضعفي ثمنها، حتى إنه عرض عليه لإحداهما مبلغ 200 ألف جنيه ورفض البيع.
وليس هذا فحسب، فهو لم يوقف التعيينات في مؤسسته و لم يسرح أحدا و لم يفصل أحدا تعسفيا بسبب الأزمة المالية تلك، بل عين عديد الزملاء الصحفيين و الإداريين و الفنيين دون أن ينقص من رواتبهم شيئا..
والأهم من ذلك، هي إنسانيته، التي هي مضرب المثل من زملائنا في روزاليوسف، حيث لم يمنع أي نفقات علاجية عن أحد الزملاء من المرضى و لو بلغت مبالغ طائلة، و كان الجميع يسترد نفقات علاجه من المؤسسة وفق الضوابط المنظمة لعمل اللجنة الطبية بها و يستثني هو من يراه محتاجا إلى المزيد بحكم سلطته و صلاحياته كرئيس لمجلس الإدارة..
الآن علمنا و أنا أولكم - رغم اعتراضي سابقا على توليه رئاسة الهيئة الوطنية للصحافة- لماذا نجحت روزاليوسف في تخط العقبات المالية و صرف كل مستحقات الزملاء دون تأخير، في الوقت الذي كان هناك بالتوازي بعض المؤسسات تعصف بها أزمة مالية لدرجة تراكم رواتب صحفييها و موظفيها شهورا، كدار الهلال مثلا..
وعلمت مدى إصابة قرار القيادة السياسية في اختياره رئيسا للهيئة الوطنية للصحافة..
ونحن في انتظار مساعيه و جهوده من أجل انتشال المؤسسات القومية من عثراتها المالية و تطوير منهج إداراتها و تعيين مؤقتيها بما يحقق استقرارها و نموها بل و ازدهارها..