اعلان

أيامنا الحلوة.. مراتى مُدير عام!

محمود خليل
محمود خليل

تتعرض العلاقات الزوجية للكثير من الإختبارات التى تضع الزوجين فى موقف صعب قد يضطران فيه لتغيير أشياء إعتُبرَت فيما مضى من أساسيات العلاقة أو لتجاوز خطوط حمراء لم يُتصور قط تخطيها، وعَمَل الزوجة هو واحد من أهم الإختبارات والتحديات التى يتعرض لها الزواج، وتزداد صعوبة التحدى إذا كان عمل الزوجة شئ غير مُخطط له من بداية الزواج، كأن يحدث كرد فعل لأزمة مالية تتعرض لها الأسرة، أو موهبة متأخرة إكتشفتها الزوجة فى نفسها فقررت تحويلها لعمل ومهنة ودخل، وتُساهم أغلب الزوجات العاملات – خاصة الشرقيات ذوات الأصل والتربية والدين - ببعض دخلِهن المادى إن لم يكن كُله فى مصروفات البيت إما إعانة لزوجها على مُتطلبات الحياه اليوميةأوطلباً لمستوى حياه أفضل.

وقد كان المُعتاد أن تكون مُساهمة الزوجة فى ميزانية البيت أقل من مُساهمة الرجلوذلكلتدنى أجور النساء مُقارنة بالرجال، ربما نتيجة لحرمانِهن من بعض المزايا الإضافية فى الأجورأولتأخرهن فى الترقى فى السلم الوظيفى أو للطبيعة الذكورية لبعض الأعمال ذات الدخل المرتفع، لذلك كان الزوج دائماً هو المصدر الرئيسى للدخل، هو العائل وهو ولي النفقة! لكن ثمة وضعاً جديداً بدأ يتشكل فى السنين الأخيرة!

تحت ضغط دعوات المساواه فى الأجور بين الرجل والمرأة، بادرت الكثير من الشركات إلى تقليل الفجوة بين أجر الرجال والنساء، بل وزادت نسبة الزوجات المتفوقات على أزواجهن فى الدخل المادى، حتى أن ثلاثين فى المائة من الزوجات فى أمريكا بات دخلهن أعلى من أزواجهن.

فماذا لو كانت الزوجة هى المُساهم الأكبر فى ميزانية البيت؟ ماذا لو كان دخل الزوجة هى المصدر الرئيسى لدخل الأسرة وأصبح الزوج هو المصدر الثانوى؟ ماذا لو أصبحت الزوجة هى ال Bread Winner! وهو مُصطلح يُطلق على الزوجة التى تفوق زوجها فى الدخل!

رُبما يقول البعض ما المشكلة؟ وماله لما تاخد مُرتب أعلى وتساهم فى البيت؟ أليس الزوجان بشركاء فى مؤسسة الزواج؟ ما الفرق بين زوجة صاحبة دخل مادى عالى وبين زوجة غنية من الأساس (من ثروة موروثة مثلاً)؟

تدفع الزوجة صاحبة الدخل الأعلى -من عملها- ثمناً باهظاً لوضعها ذاك! إذ أنها بوضعها الجديد كمُساهم رئيسى فى ميزانية الأسرة تكون قد سلبت الرجل - بحُسن نية - من أهم مُقومات رجولته وهى الولاية المالية، ورُبما إضطربت أموره النفسية بعدها وإهتزت ثقته بنفسه،إذ باتت زوجته هى الطرف الأهم فى الإنفاق والعمل المنزلى بل وأصبحت الأنجح فى عملها -قياساً على دخلها المرتفع- فماذا تركت له من مجدٍ إذن؟! وهى فى تلك الحالة لم تكسب وضعها ذلك من ثروة موروثة لا حيلة لها فيها بل كسبت وضعها ذلك بعملها وجهدها وإجتهادها!

لذلك تجد الزوجة صاحبة الدخل الأعلى نفسها مُضطرة لإجراء حوار مٌتكرر مع شريك حياتها لطمأنته وإستيعاب أى مشاعر سلبية بالنقص قد تتسرب إليه بل وإسترضاؤه، ويجري هذا الحوار فى أجواء خوف ورُعب الزوجة من إنهيار العلاقة،إذ يتحول الرجل العاقل القوى إلى طفل غيور سريع الغضب إذا إستسلم للشعور بالنقص الذى قد يورثه إياه الوضع الجديد.

ولا يرحم المُجتمع الزوجة العاملة سواءاً كانت أعلى أو أقل دخلاً، فهى المسئولة الأولى دائماً عن مُستقبل أولادها التعليمى والرياضى وعن أخلاقهم وعن صلة أرحامهم بأهلها وأهل زوجها، ولا تسلم الزوجة العاملة الأعلى دخلاً من الغمز واللمز من صديقاتها ومن أصدقاء الزوج على دخلها المادى العالى مقارنة بزوجها، وتؤثر التعليقات التى تُقال تحت بند المزاح على إستقرار البيت، وقد تتعمق عُقدة النقص فى نفس الرجل وتتعقد معها الأمور.

الحقيقة أن التعامل مع وضع أن تكون المرأة هى المُساهم الرئيسى فى البيت يتطلب من الرجل الكثير الحكمة والصبر وإستدعاء الصفات الحقيقية للرجولة والتى ما هى فى جوهرها إلا مزيج من الرحمة والحنان والمروءة والإعتراف بالحق وإنكار الذوات، ولا عيب فى رجولة الرجل إن فاقته زوجته دخلاً لكن العيب فى القسوة والجحود والإنكار!

وأول ما يُطالب به الزوج هنا هو الوفاء بالعهد! عهده لزوجته بمُساعدتها يوم أن وافق على عملها وقَبِل مُساهمتها فى بيته ! وهو عهد مُتضمَن فى موافقته على عملها ومساهمتها، ولذا يكون لزاماً عليه أن يُخفف من مسئوليات الزوجة المنزلية وأن يُشارك بنفسه فى بعض مسئوليات البيت، وعليه قبل ذلك أن يُقلل سقف توقعاته من جُرعات التدليل! إذ لا وقت لها !

وعلى الرجل مُراجعة حقوقه وحقوق زوجته فى ضوء الشريعة وأعراف المُجتمع، وتعتبِر الشريعة الإسلامية أن مال الزوجة هو حق لها، ولا تُلزِمها بالإنفاق أو المُساهمة فى أعباء البيت المادية مهما كان غنى الزوجة ومهما كان فقر الزوج، فما تُنفقه الزوجة فى بيت زوجها هو صدقة منها على زوجها وأولادها، وتُلزم الشريعة الإسلامية الزوج بإحضار خادمة لزوجته الغير مُطالبة من الأساس بأعمال البيت.

والشريعة هنا تحمى وتصون الجانب الأضعف (المرأة) غير أنها تترك الباب مفتوحاً للتراضى والود وحُسن المعاشرة لمن تريد من النساء أن تساعد وتدعم! فإذا أحسنت المرأة ودعمت زوجها بالمجهود والمال فلا أقل من الإحسان، والقرأن الكريم يقول (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)!

بقى أن أقول أن هناك من النماذج الشاذة ما لا يستحق المُناقشة، فالزوج الذى يُسعده إنفاق زوجته عليه ويتلذذ بذلك ويطلب المزيد هو شخص غير سوي، والزوجة التى تتكبر على زوجها بمالها ونجاحها هى أيضاً شخصية غير سوية، حفظ الله أسُرَنا وبلادنا من كل سوء وجعل أيامكم كلها حلوة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً