لن يحميك التاريخ يا كارلو.. ولن يذكر أنك من أعدت دوري الأبطال إلى «دولاب» بطولات الملكي في ولايتين عظيمتين، ولن يذكر أنك من أظهرت إمكانيات جبَّارة في لاعبي الريال، فجعلت من فينسيوس جناحًا يخشاه الجميع بعد أن كان في مرمى الانتقادات، وصنعت من لاعب وسط دفاعي لا يعرف إلا كسر أقدام المهاجمين هدَّافًا يُدعى فالفيردي.
في يونيو 2013، تعاقد ريال مدريد مع كارلو أنشيلوتي ليتولى القيادة الفنية للفريق، ليبدأ وقتها المدرب الإيطالي رحلته رفقة الملكي ليقوده لموسم تاريخي حقق خلاله كأس ملك إسبانيا بعدما هزم برشلونة بثنائية، ثم دوري أبطال أوروبا بالفوز على أتلتيكو مدريد برباعية ليُعيد اللقب القاري بعد غياب 12 عامًا، وبعدها التتويج بالسوبر الأوروبي وأخيرًا كأس العالم للأندية.
الموسم التالي لـ أنشيلوتي مع الريال لم يكن كـ الأول؛ فشهد إخفاقات وضعت الإيطالي أمام هجوم الجماهير المُتعطشة دومًا للألقاب، وترفض بشكل قاطع خسارة أي لقب، فلم ينجح المدرب في تحقيق أي بطولة خلال هذا الموسم؛ وخرج من دوري أبطال أوروبا أمام أتلتيكو مدريد، وودع كأس ملك إسبانيا مبكرًا واكتفى بوصافة الدوري الإسباني، ليُعلن وقتها رئيس الملكي فلورنتينو بيريز إقالة أنشيلوتي من منصبه.
مرت 7 سنوات حقق خلالها ريال مدريد 3 ألقاب من دوري أبطال أوروبا، بقيادة الفرنسي زين الدين زيدان، ثم عاد الملكي ليتوقف عن حصد لقبه المعتاد، فكان الحل هو إعادة كارلو أنشيلوتي من جديد لصفوف الملكي، ولكن هذه المرة مع فريق شبه خالٍ من النجوم، ليبدأ المدرب الإيطالي العمل مع اللاعبين ويُظهر إمكانياتهم فبث الروح في فينسيوس جونيور الذي لم يكن يفعل أي شيء في الملعب سوى الجري أو «الحنكشة» كما يقولون.
ثم صنع من فالفيردي لاعبًا هجوميًا قادرًا على تسجيل الأهداف، وجعل رودريجو ورقته الرابحة التي أنقذته في العديد من المباريات، وأعاد الروح لـ«أسينسيو»، وأظهر قدرات دفاعية قوية من الشاب إيدير ميليتاو، ليكون الفريق جاهزًا لإعادة لقبهم المعتاد إلى مكانه.
وبالعودة لبعض الإحصائيات التي نشرها موقع «ترانسفير ماركت» العالمي، نجد أن البرازيلي فينسيوس جونيور، قبل قدوم أنشيلوتي، وعلى مدار 3 مواسم خاض 118 مباراة؛ سجل خلالها 14 هدفًا وقدم 23 تمريرة حاسمة، أي أنه أسهم في 37 هدفًا.
وخلال الموسم الأول لـ أنشيلوتي مع ريال مدريد، ظهر فينسيوس في 52 مباراة؛ سجل 22 هدفًا، وقدم 20 تمريرة حاسمة، ليسهم في 42 هدفًا أي أكثر مما قدمه في 3 مواسم، ثم واصل البرازيلي مسيرته خلال الموسم الحالي ليضع 23 هدفًا ويقدم 22 تمريرة حاسمة خلال 53 مباراة لعبها.
أعاد أنشيلوتي مُجددًا لقب دوري أبطال أوروبا إلى مكانه المعتاد داخل «دولاب» بطولات الملكي، بعد نسخة عظيمة من البطولة شهدت أكثر من «ريمونتادا» لم تخطر على البال ولا على الخاطر، هذا بجانب بطولة الدوري الإسباني والسوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية، كل ذلك تحقق في موسم وُصف بـ«الاستثنائي».
دخل المدرب الإيطالي موسمه الثاني مع ريال مدريد ليُعيد الكرَّة ويخسر «الليجا» لمصلحة غريمه المعتاد برشلونة، ثم يودع دوري أبطال أوروبا بخسارة فادحة بنتيجة (5-1) أمام مانشستر سيتي، ويكتفي فقط بتحقيق لقب كأس ملك إسبانيا ليصبح، من جديد، أمام غضب الجماهير التي باتت تطالب بإقالته.
الموسم الاستثنائي الذي صنعه أنشيلوتي مع مدريد مرتين لا يحميه من الإقالة ولا من غضب الجمهور ولا حتى مما سيكتبه التاريخ عنه، فهو رغم إنجازاته العظيمة فقد أغفل أشياء كانت ستجعله في مكانة أخرى، وهي أنه لم يُصر على تدعيم الفريق بصفقات قوية تجعل لديه دكة بدلاء من طراز رفيع، وخضع لأوامر إدارة الملكي فتكون النتيجة هي الرحيل مع ترك ذكرى سيئة لدى الجماهير.
عزيزي أنشيلوتي.. التاريخ سيذكر أنك ودعت دوري الأبطال بفضيحة.. أنك خرجت بموسم صفري في 2015.. أنك خسرت من غريمك التقليدي برشلونة برباعية في الموسم الاستثنائي.. لأنه ببساطة التاريخ لا يحمي المغفلين.