أحمد عنتر يكتب: زوجة لمائة عام!

أحمد عنتر
أحمد عنتر

اليوم، في عيد زواجي الثامن، استيقظت كما أستيقظ كل يوم، إلا أني أحسست بالذكرى تربت على كتفي صباحا: أنا زوج للعام الثامن، وإني في ذلك متعلق بالرباط المقدس مع سيدة استثنائية بحق، استثنائية لأنها أحبتني رغم كل هذا البؤس العالق بملابسي ورأسي، ورغم الضجيج المتشبث بحيواتنا جميعا، والذي لم يترك فراغا لحب حقيقي عاصف، أو مجالا لبهجة حية متقدة، لكنها - زوجتي أم حمزة وسليم - كانت الضي والبهجة، وكانت المودة التي هي أسمى من الحب، مجالا وعنفوانا وثباتا.

كانت عزة السكن الذي رغبت، والأمنية التي شققت لأجلها جبال الشقاء والعثرات، وإني مكتف بها كأننا وحدنا في هذا العالم، فهي ناجحة بحق في احتوائي، وانتشالي من غضبي ويأسي، بل هي بارعة في السيطرة على حمزة وسليم، وهذه - لعمري - هي الوظيفة الأكثر إرهاقا وجلالا، وأنا قبل أن تأتي عزة كنت أحيا بحب قديم، لكني منذ الإغراق في حبها الجديد السامق، وأنا متخفف من أوجاع العالم، متفائل بأن غدي معها هو الأهم، والأكثر حبورا.

زوجتي رغم أنها أرهقتني كثيرا بحقوق لا ذنب لها فيها، لكنها أهدتني في المقابل ابتسامة حب صادقة، «أصبحت» أسمع منها توجعا حقيقيا إذا توجعت أنا، و«أمسيت» محاطا برحماتها الصادقة الحنون، التي تحمل «هدهدة» السلوى والسلام، كلما تذمرت من الصحافة والحياة.. أهدتني، الغالية، جملة من المواقف والسلوكيات، أحسب أني تشربت منها الرقة والرقي والإنسانية، التي خسرت جزءا عظيما منها في رحلة صحفية شاقة.

لن أقول فيها شعرا لأنها أسمى من الشعر، ولن أتقمص من أجلها شخصية تلقي كلاما مبتذلا بلا فعل، لكني سأهديها قلبي كاملا بلا ذكريات، مغسولا من خطايا سابقة، إن غفرت هي، سأهديها نفسي المثقلة بالهموم، لتربيها من جديد على دنيا مليئة بالسعادة والأمل، أرجو أن أحيا معها وبها دينا جديدا من العشق، لا نعرف فيه إلا أننا تقابلنا صدفة، وسنموت في عقيدته، عمدا، متشابكي الأيدي.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً