أعرف هذا اليوم جيدا وأحفظ طقوسه التي تتكرر كل عام حتي بدون إرادة مني، أصحو مبكرا جدا قبل الآخرين حولي وأنزل مبكرا جدا حتي قبل أن يعمل مترو الأنفاق وسيلة تنقلي المفضلة في القاهرة التي لم أحب مدينة مثلها ولن أقبل عاصمة غيرها، وهذا العام وجدت نفسي بين مقاهي شارع شريف القاهرة وفرع نقابة المحامين في محكمة عابدين ومطعم شهير في ميدان التحرير، في هذه الأماكن المحببة لنفسي كان يومي الاخير في عام 2023 هذا العام الذي مر في لمحة البصر ولعلي لا أبالغ في أن اصف نفسي أني كمن كان نائما واستيقظ لاجد نفسي فجأة على بعد ساعات من العام الجديد .
على كوبري الجلاء في مثل هذا اليوم قبل 365 يوما
أذكر ، كأنه أمس ، لقائي في نفس هذا اليوم من العام الماضي مع استاذ هذا الجيل حازم سالم على كوبري الجلاء في نفس هذه الساعات قبل 365 يوما من العام الماضي ونحن وسط المحتلفين بنهاية عام 2022 وبداية عام 2023، ولا أعرف بمن سوف التقي في نهاية اليوم وأحضر معه ساعات لاذكره في العام القادم إن كتب الله لي الحياة والحرية، ولكن حتى ساعة نشر هذا المقال تواصلت مع صديق العمر المهندس أحمد السمين، والمفكر الاسلامي الكبيرمحمد مبروك ووالرجل النبيل عالم التاريخ الذي يتخفي وسط الناس الدكتور طلعت عكاشة، ولا أعلم في باقي ساعات اليوم الأخير من عام 2023 بمن سوف التقي لأذكرة في نفس هذه اللحظات العام القادم .
عام استثنائي في حياتي وحياة الأمة حدث فيه ما لم أتوقعه أو أخطط له
كان عام 2023 استثنائيا في حياتي، كما كان استثنائيا في حياة هذه الأمة، وحدث فيها ما لم أتوقعه أو أخطط له ، تمام كما حدث في حياة هذه الأمة في هذا العام المثير، سافرت في هذا العام بين 4 دول وقارتين وعبرت بحرا وخليجيين اثنين وركبت طائرات رحلت بي بين الوجهات الأربعة وهبطت بي أو طارت في مطارات شتى، ومن الله سبحانه وتعالي علي بأن تكتحل عيني برؤية الكعبة المشرفة وبالصلاة في الروضة الشريفة، وعشت أجمل رمضان في حياتي في المدينة المنورة على ساكنها افضل الصلاة والسلام، وهناك في المدينة قابلت رجلا يشبهون الصحابة وكأن الأرض هناك في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنبت الصالحين، كنت اخرج كل يوم من مسكني في المدينة امشي في طرقات المدينة لعلي أمشي على بقعة من ثرى مشى عليها النبى صلى الله عليه وسلم أو أحدا من أصحابه الكرام، وفي مكة المكرمة وبغير ترتيب ولا حول مني ولا قوة اعتمرت في ليلة السابع والعشرين من رمضان، أسأل الله أن تكون هذه هى ليلة القدر، وفي هذه الليلة المباركة رأيت ما ليس في وسعي أن أبوح به فهو سر بيني وبين الله تعالى .
نبلاء وأوغاد في أرض الحرمين .. بين جدة وحائل والدمام وعسير وبالعكس
وبين جدة وحائل والمدينة المنورة والدمام والقصيم والاحساء والخبر ومكة المكرمة وعسير وبالعكس طفت وتواصلت مع مئات الأشخاص يحملون عشرات الجنسيات ويعيشون في أرض جزيرة العرب التي تشبه القارة، في رحلة استثنائية في حياتي التقيت خلالها بنبلاء وأوغاد في المملكة العربية السعودية التي فاجأتني بما لم يسرني ولا يسر كل لبيب يعرف لبلاد الحرمين قدرها، فكان استثنائيا في حياتي أن أجلس في مقهي مختلط يجمع الرجال والنساء علنا وحتي ساعات الليل وأن يكون بين موظفي المقهي في هذه الساعات المتأخرة من الليل فتيات من اهل البلد الذي كان يتيه على ما عداه تمسك نساءه وفتياته بعباءة الستر السوداء، وكان استثنائيا في حياتي أيضا أن أركب مصعدا في برج شهير في قلب جدة ويكون في نفس المصعد معي ومع آخرين وبدون أى تحفظ نساء بملابس وعطور جعلتني أشعر أني في بيروت أو عمان أو القاهرة، أما أكثر ما كان استثنائيا في حياتي هذا العام هو أني كسبت أخت جديدة وأخ جديد على الرغم من أني تشرفت بمعرفتهما قبل ما يقرب 6 أعوام إلا أن عام 2023 أظهر لي أني سعيد الحظ بمعرفتهما بعد أن ( ... ) ، هما الاستاذ محمد الشامي والاستاذة داليا عماد، مع حفظ الحيثيات، وسوف يعرفان الكلمات المحذوفة بنقاط بين القوسين .
غزة انتصرت رغم آلامها وشبابها أبطال تخرجوا من المساجد وليس من كليات عسكرية
هذا هو الاستثناء في حياتي الشخصية، أما الاستثناءات في حياة هذه الأمة فهو انتصار غزة بالرغم من آلامها، فمنذ اكتوبر 2023 والأمة كلها تعيش لحظات تختلط فيها الفرحة بالألم، الفرحة والمسلمون يرون شبابا غضا لا يملكون سوي إيمانهم بربهم وقضيتهم لم يتخرجوا من كليات ومعاهد عسكرية بل تخرجوا من المساجد والزوايا في حواري غزة، وهم يغيرون التاريخ ويذلون جيش العدو الصهيوني ويفضحون عجزه وضعفه حتي عن حماية نفسه، والألم والأمة ترى نفسها مغلولة اليد مقيدة الفعل والإرادة وهى ترى مجرمي اليهود الصهاينة ، وهم قتلة سفاحين يرتدون زيا عسكريا لا شرف له بينما يقتلون بصيحات تلمودية متطرفة كريهة الاطفال الرضع والنساء والشيوخ، تماما مثل الجبناء الذين عجزوا عن مواجهة المقاومة فانتزعوا لأنفسهم نشوة كاذبة بسفك دماء الضعفاء .