في ظل ظروف غير مواتية يمر بها المجتمع الصحفي، وحالة الخوف النابعة من داخل العاملين في كل الصحف المصرية، وهى حالة خوف لها أسبابها المتراكمة، وبعض هذه الأسباب متراكمة وليست مستحدثة، ظهر المواطن الصحفي أكثر شجاعة من الصحفيين المهنيين، والحقيقة أن ثورة الاتصالات والمعلومات والعالم الجديد الذي خلقته الهواتف الذكية كان تأثيرها مدمرا ليس فقط على الصحف المؤسسية، بل على مستوى أداء الصحفييين المهنيين أنفسهم، وبدون الدخول في تفاصيل وأرقام قد لا يعرفها إلا المختصون، فإن مجرد نظرة من أى شخص على أرصفة بيع الصحف الورقية التي كانت تتراص عليها الالاف من النسخ من كل الصحيفة، سوف يرى أن هذه الأرصفة لا يوجد عليها سوى أعداد مفردة من كل جريدة لا يشتريها أحد غالبا إلا من تبقى من كبار السن الذين لا يشعرون بولاء تقليدي للصحيفة الورقية .
صحافة الشوارع وعندما يكون المواطن هو الجامع والناشر والمحلل للأخبار
وفكرة المواطن الصحفي في حقيقة الأمر ، وعلى خلاف ما قد يعرفه البعض ، لم تظهر مع الهواتف الذكية، ولكنها بدأت للظهور مع انتشار ما يعرف بصحافة الشوارع، التي تعتمد على المواطنين العاديين الذين يلعبون دورًا نشطًا في عملية جمع الأخبار والمعلومات ونقلها لصحف أو إذاعات غير رسمية، ولم تقتصر أنشطة المواطن الصحفي على جمع الأخبار ونشرها فقط بل شمل أيضا تحليلها فقط ، ولكن مع ذلك فإنه مع ظهور الانترنت والهواتف الذكية أصبح عندما يستخدم الأشخاص الذين كانوا يُعرفون سابقًا باسم الجمهور الأدوات الصحفية التي بحوزتهم لإبلاغ لامتلاك أدوات أسهل لنشر الأخبار من خلال تعزيز تطبيق المبدأ الأساسي لصحافة المواطن هو أن الأشخاص العاديين، وليس الصحفيين المحترفين، هم من يستطيعون ذلك ، و أن يكون هؤلاء المواطنين هم المبدعين والموزعين الرئيسيين للأخبار.
التأثير السياسي العميق لصحافة المواطن وصناعة الوعى الجمعي
وبعد ذلك ظهرت تحديثات ممتالية على صحافة المواطن هي شكل محدد من أشكال إعلام المواطن والمحتوى الذي ينشئه المستخدمون من خلال وضع مصطلح 'المواطن'، مع صفاته المصاحبة للعقلية المدنية والمسؤولية الاجتماعية، مع مصطلح 'الصحافة'، الذي يشير إلى مهنة معينة يمارسها كان من المفترض أن تقتصر على الصحفييين المهنيين . لكن المفاجأة التي حدثت بعد ذلك هو أن صحافة المواطن أصبحت أكثر جدوى من خلال تطوير منصات الإنترنت المختلفة، وذلك بعد أن جعلت تكنولوجيا الإعلام الجديد، مثل الشبكات الاجتماعية ومواقع تبادل الوسائط، بالإضافة إلى الانتشار المتزايد للهواتف المحمولة، جعل أيضا صحافة المواطن في متناول الناس في جميع أنحاء العالم. بدأت التطورات الأخيرة في وسائل الإعلام الجديدة في إحداث تأثير سياسي عميق، وما حدث فعلا بعد ذلك هو أنه غالبًا ما يتمكن المواطنون من نقل الأخبار العاجلة بسرعة أكبر من مراسلي وسائل الإعلام التقليدية ، مما جعل الصحفيون المهنيون يتبعون في كل الحالات، وليس في بعض الحالات، الصحفي المواطن فقط في النشر وأصبح هذا المواطن لا يحتاج أبدا ليبلغ صحفيا مهنيا عن خبر يرغب في نشره أو حتي عن رسالة إعلامية يريد توصيلها للمستوي الإداري والسياسي ، بل في يد كل مواطن هاتف ذكي يصور الحدث فور وقوعه وينشره على صفحته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويكون على الصحفيين المهنيين فقط أن يتأكدوا من مصداقية المنشور ولكن لن يتمكنوا أبدا من تحقيق السبق في النشر .
صحافة المواطن شديدة الانحياز وذاتية ولكنها أكثر مصداقية
وبما أن صحافة المواطن لم تطور بعد إطارًا مفاهيميًا ومبادئ توجيهية، فمن الممكن أن تكون شديدة الانحياز وذاتية ولكن حتي هذا الانحياز وهذه الذاتية أكثر مصداقية من الانحياز الذي يمارسه معظم الصحفيين المهنيين بدوافع قد لا تكون أخلاقية في معظم الأحوالويزعم منتقدو هذه الظاهرة، بما في ذلك الصحفيون المحترفون والمؤسسات الإخبارية، أن صحافة المواطن غير منظمة، وهواة، وعشوائية من حيث الجودة والتغطية. علاوة على ذلك، يُعتقد أن الصحفيين المواطنين، بسبب افتقارهم إلى الانتماء المهني، يفتقرون إلى الموارد ويفتقرون إلى التركيز على أفضل السبل لخدمة الجمهور.ولكن في كل الأحوال لا يمكن أن ننكر أبدا أن الصحفي المواطن أكثر شجاعة من الصحفي التقليدي، فالصحفي المواطن لن يخاف من رئيس التحرير ولا من الناشر أن يفصله من عمله، ولن يخاف الصحفي المواطن حتى من أن يفقد علاوة ، ولن يسعى المواطن الصحفي مثل بعض الصحفيين المهنيين لنفاق السلطة للحصول على مغنم أو حتى شراء أمان زائف من الملاحقة، لهذا كله فإن المواطن الصحفي أظهر بدون أى شك أنه أكثر شجاعة من الصحفييين المهنيين ، وفي كل الأحوال لن يشغل المواطن الصحفي نفسه بنشر خبر عن شعر شريهان أو فستان أليسا، ليس لأنه لا يحب شريهان وأليسا، ولكنه لأن لديه أولويات تتعلق بحياته الشخصية والقضايا الهامة التي تؤثر عليه وعلى أسرته، ومع الأسف لم تعد هذه الأولويات تهم قطاع كبير من الصحفييين المهنيين.