اعلان

الفن السورى يكشف الوجه "القبيح" لتركيا.. يعاملون اللاجئين كالعبيد

كتب : هند سامي

 مساء صيف 2013، كانت مخرجة العمل آنداك هازندار أوغلو تقود سيارتها في اسطنبول، وفجأة قفزت امرأة تحمل  ابنها الذي اشتد عليه المرض أمام سيارتها.

وقد وجدت نفسها سريعا تساعد المرأة السورية التي اكتشفت أنها لاجئة سورية، ولاحقاً أخذت حياتها وعملها كمخرجة أفلام  اتجاه آخر ومع مرور الوقت أصبح هذا الحدث مشهداً في فيلمها.

وقالت أوغلو:"لقد ذهبنا إلى 4 مستشفيات مختلفة لطلب المساعدة. وفي هذه الليلة أدركت أن كل هذه الادعاءات المنتشرة أنه يتم الاعتناء بهؤلاء اللاجئين أكثر من المواطنين أنفسهم كلها كاذبة."

فيلم الضيف يناقش قصص اللاجئين بشكل درامي وهو شئ نادر الحدوث في تركيا. الفيلم قصة وإخراج هازندارأوغلو ويتحدث عن فتاة سورية صغيرة تدعى لينا والتي فقدت والديها و أتت إلى تركيا مع جارتها مريم.

فتركيا تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم، أكثر من 3,5 مليون سوري يتطلعون إلى حياة أفضل في تركيا بعد فرارهم من موطنهم بسبب الحرب. ولكن أصبح الأتراك يكنون عداء بشكل متزايد لدى الناس الذين كانو يسمونهم في السابق ضيوف.

ووفقاً لاستطلاع أجرته مركز أبحاث الهجرة بجامعة بيلجي باسطنبول، أكثر من 70% من الأتراك يعتقدون أن اللاجئين السوريين يأخذوا وظائفهم والثلث الآخر يعتقد أن السوريين هم المسؤولون عن زيادة معدلات الجريمة في الدولة.

الإنسانية هي المشكلة :

وأضاف أيضا أحمد أومد "الكاتب صاحب أكثر مبيعات في تركيا" أن أعماله تهدف إلى الإنسانية نحو اللاجئين السوريين ومواضيعهم في وسط كل الغضب الشعبي ضدهم .

فروايته "صراخ السنونو" تدور حول الأمثلة الأولى للأدب التركي  واضعاً محنة اللاجئين السوريين في قلب القصة حيث يتواجدون في بلد غير مرغوب فيهم من معظم مواطنيها.

وقالت إيفجنيا - أحد شخصيات الرواية -  أتعلم! طيور السنونو هي طيور مهاجرة. وهم يستطيعون الطيران سريعا. وأثناء فترة الهجرة، مئات من السنونو يموتون بسبب العواصف."

وأضافت: "طيور السنونو التي تصرخ من الألم والغضب أثناء تحليقها في سماء الدول القاسية التي وصلوا اليها يظل في ذاكرتهم أصدقائهم الذين فقدوهم في أثناء رحلتهم."

وتتواصل إيفجنا مع خطيبها نفزات, وهو ضابط شرطة, ويحاول سلسلة من جرائم القتل بينما يشهد اللاجئين السوريين ظروف معيشية صعبة وبائسة.

وأضاف أومت: "بالنسبة لفهمي المتواضع فإن هذا المنتج هو مايجب أن تكون عليه أخلاق الكاتب. فإن القضية الأساسية للكاتب التحدث عن هؤلاء الضعفاء المظلومين ولا يجدوا من يدافع عنهم."

ووافقته أوغلو ولكن أضافت أن الدافع الأساسي لها مواجهة  السلوك السلبي لغالبية الأتراك تجاه اللاجئين السوريين: "هناك كره شديد لهم خصوصاً بين الفئات المثقفة المتعلمة من المجتمع فهم متذمرونويشتكون أن الأوروبيين لن يأتوا إلى تركيا بعد الأن ولكن فقط العرب سيأتوا. وكانت هذه نقطة انطلاقي."

رفع العلم :

ولكن كانت ذروة الغضب والعداء في تركيا عندما رقص مجموعة من الشباب السوري في احتفالات رأس السنة في ميدان تقسيم في قلب العاصمة اسطنبول يرفعون العلم المعارضة السوري ويرددون الشعارات. واستمر الاحتفال وقت قصير. فمستخدمي التويتر من الأتراك الغاضبين نشروا فيديو لرقصهم في الساعات الاولى من 2019 وانتشر 5000 تويتة بهشتاج "أنا لا أريد سوريين في بلدي."

منذ وصولهم إلى تركيا في 2011, أصبح اللاجئون السوريون مادة خصبة للشائعات الكاذبة. وأصبحوا ضحاياة للأخبار الكاذبة في مواقع التواصل الاجتماعي، ومادة للمناقشات العنيفة . 

وعند السؤال عن أحداث رأس السنة وردود أفعال المجتمع التركي, قال أومت أنهم نظروا إليها وتذكروا الماضي وعند رفع الأعلام تضاعفت المناهضات ضد السوريين.

وكان هذا الاستياء بسبب مجيئهم وأيضا بسبب السياح العرب الذين يأتوا إلى اسطنبول. ولكن فوق كل ذلك، عندما ارتفعت الأعلام ظهر كأنه تهديد، لأنه في الثقافة السائدة يتم معرفة الموطن ممن خلال الأرض والعلم.

ففي تاريخنا، بالإشارة لبعض الكتب بعض المؤسسات تستوجب بعض القسوة تجاه الأخرين تحت مسمى حماية الوطن والعلم. ولكن بالنسبة إلي الوطن هو الإنسانية، فبدون الإنسانية لايصبح لا للأرض ولا للعلم أي معنى أو قيمة."

وتؤمن أيضاً أوغلو بأنه هنا معنى ورمز للوطنية والانتماء عند رفع العلم. ولكن الهدف من العمل ليس المجتمع التركي ولكن المجتمع الدولي ووجوب تسليط الضوء على الموقف السوري والاعمال الوحشية التي يواجهونها على يد حكومة الأسد.

إن غضب الناس الذين اضطروا إلى هجر بيوتهم بعد خسارة كل شئ مفهوم ومقدَر. وحقيقة مع ذلك، هذا العمل يزود المشاعر الوطنية للشعب التركي. فيجب أن نفكر في ذلك وفي كل العواقب الممكنة.

وأضافت:"عند حضور السوريين لأول مرة قدموأنفسهم لنا كضيوف ولكن بعد مرور 7 سنوات ساءت الأحوال وكانت هناك نتائج اجتماعية لذلك. وفيلمي يناقش هذه النتائج."

صور فيلم "الضيف" معظم أشكال الاستغلال التي يتعرض لها السوريين بشكل يجبر الجماهير على مواجهة حقائق وأسباب اضطرار اللاجئين السوريين للفرار والإتيان هنا.

"فكل ما عرض في فيلمي حقيقي وحدث بالفعل. فبعد تلك الليلة والبحث اليائس عن مستشفى، عشت مع  اللاجئين السوريين وقضيت معهم عامين، اعتقد بسبب ذلك جاءت ردود فعل إيجابية من الجماهير بسبب معايشتي للواقع فصدق الجمهور.

"لم أتوقع هذا الحد من الإهتمام، لكن كثير من المشاهدين أتوا إلي وأخبروني بندمهم  بأنهم لم ينتبهوا لمشاكل اللاجئين السوريين. بعضهم اتخذ إجراء في الحال وبدأ في دعم المشاريع المتضامنة مع اللاجئين السوريين."

الاستغلال لم يكن خيالي:

على غلاف رواية صرخة السنونو سؤال:"أين الجحيم إن لم يكن في العالم، فمن فقد ضميره؟" .الرواية مثل الفيلم , فلم   يركز الكتاب على الأسباب السياسية التي أدت لرحيل  السوريين، ولكنه يصور الأفعال الشيطانية والمآزق التي يتعرض لها السوريون يومياً .

ينحدر أومت من أصول شرق أوسطية تركية من مدينة تقع على حدود سوريا ولها روابط تاريخية مع حلب. فهي تستضيف أكثر من 300,000 سوري.

وأضاف أومت :" في البداية, احتضنهم الناس  ولكن في الوقت الحالي أصبحوا مادة للعمالة الرخيصة وعمالة الأطفال, وأيضاً بعض حوادث التحرش الجنسي والزواج القصري وأنواع الاستغلال الأخرى."

"لقد تحدثت عن بعض هذه الأحداث في كتابي. ولكنهم في نفس الوقت أصبحوا متواجدين ، ولكن تعد ثقافتهم غريبة على بعض فئات المجتمع. ففي البداية كنا نعتقد أنهم عائدون إلى بلادهم، ولكن لاحقاً تغير الوضع فإنهم سيقيمون هنا."

يرى أومت وبشدة أن الجانب الإنساني بالنسبة لهذا الموضوع أهم بكثير من أي شئ آخر.

"نحن نستطيع مناقشة أسباب اندلاع الحرب في سوريا ، ومناقشة أخطاء السياسة الخارجية للحكومة التركية، ولكن يجب النظر إلى الجانب الإنساني لهذا الموضوع. فهناك أكثر من 3 مليون سوري يعيشون في تركيا هاربين من مآسي ولا أستطيع التظاهر بأن هذه المآسي ليس لها مكان بيننا."

يؤمن أومت أنه لازال الطريق طويل لمعالجة قضية اللاجئين السوريين. وأضاف أن القضية ستحل عندما يبدأ الكتاب السوريون الكتابة بالتركية أو يظهر السياسيون السوريون على الساحة في تركيا.

وبالنسبة إليه، فالروايات لا تؤدي إلى تغيرات ثورية، ولكنها يمكن أن تساهم في إظهار الجانب الإنساني. وحتى ذلك الوقت فالروايات التي مثل خاصته لا يمكن أن تصنع تغييرات جذرية في المجتمع.

وأكد:"لو أننا نستطيع جعل الناس يدركوا أن اللاجئين أناس فقدوا أحباءهم وبيوتهم في الحرب، وأنهم مسؤولون عن أطفال ومسؤولون عن رعايتهم والتفكير في أن هذه المآسي يمكن أن تحدث لنا أيضاً في يوم من الأيام."                                       

 

        

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً