الدكتور فتوح خليل يكتب: تشريح أخطاء كتابة المنشورات نحويا و إملائيا على "فيسبوك"

الدكتور فتوح خليل عميد كلية آداب سوهاج
الدكتور فتوح خليل عميد كلية آداب سوهاج
كتب : أهل مصر

أرى أن معظم الأخطاء في قواعد اللغة العربية الفصحى، نحوية كانت أو صرفية، إنما هي بسبب التأثر باللغة العامية، تلك اللغة التي تطغى في استعمالنا اليومي، ذلك بأنها تتدخل في توجيه الإشارات الدماغية اللغوية؛ فتقع الأخطاء عند استخدام اللغة الفصحى. والذي دعا إلى ترسيخ الأخطاء النحوية وشيوعها وذيوعها أن الذين يكتبون ليسوا مطالبين بتشكيل أواخر الكلمات، وهذا يعني أن الإعراب الصحيح، الذي يكون على آخر الكلمة العربية لن يكون واضحا؛ مما يترتب عليه أنَّ كل الأخطاء النحوية المتوقعة، المتصلة بالإعراب بالحركات الأصلية، لن تظهر في الكتابة، إذ لا يكون واضحا من الأخطاء النحوية إلا ما كان يعرب بالأحرف النائبة عن الحركات الأصلية ( الضمة، والفتحة، والكسرة، والسكون) وذلك في (المثنى، وجمع المذكر السالم، والأسماء الخمسة، والأفعال الخمسة)، وما يعرب بالحذف نيابة عن الحركات الأصلية، نحو : (مضارع الأفعال الخمسة، والفعل المعتل الآخر وأمرها)، وكذلك ما يتطلب إضافة ألف قائمة إلى آخره من الأسماء المنصوبة لتنوينه تنوين تمكين، فضلا عمَّا يستوجب تنوين العوض عند حذف حرفه الأخير، وأعني بها الأسماء المنقوصة.

ولا أتردد في القول بأنَّ كل الأخطاء النحوية التي تظهر في الكتابة إنما هي من آثار اللغة العامية. حيث لا تُنَوَّنُ الأسماء فيها ؛ ولهذا السبب، قد تظهر الكلمات المنصوبة كأنها مرفوعة أو مجرورة، وتظهر الأفعال الأفعال الخمسة كأنها محذوفة النون، مع أنها في موضع رفع يستوجب ثبوت النون. كما يلاحظ أن العوام عندما ينطقون " جمع المذكر السالم " لا ينطقونه إلا بالياء مطلقا ( حتى وإن كان مرفوعا بالواو) حيث يقولون : المهندسين قالوا، وقال المهندسين، والمدرسين شرحوا ، وشرحوا المدرسين، أو شرح المدرسين، كما أنهم لا ينطقون الأسماء الستة إلا بالواو مطلقا ، مثل : أبوك راح ، وأنا شفت أبوك ، وأنا هقول لأخوك، ولو كانت في موضع يستلزم الألف أو الياء؛ وعليه يظهر جمع المذكر السالم في غالب الكتابات بالياء، وحقه أن يكون بالواو، وتظهر الأسماء الستة بالواو وحقها أن تكون بالألف أو الياء.

فضلا عن ذلك، فإن العامة لا يحذفون من أواخر الكلمات المنقوصة، أو الأفعال المعتلة الآخر حروفا؛ فيظهر الاسم المنقوص غير محذوف الياء، سواء وجب حذفها أو إثباتها، كما في قولهم: جاء قاضي ، وسلمت على قاضي، وتظهر الأفعال المعتلة الآخر غير محذوفة حرف العلة، سواء ما كان منها مضارعا مجزوما أو أمرا، كما في قولهم : لم يقضي ، ولم يدعو ، ولم يخشى ، كما يثبتون حرف المد على الرغم من وقوعه قبل، أو بعد، حرف ساكن، فيجتمع بذلك ساكنان كما في قولهم : (لم يستعين ، ولم يستبين ، ولم يستطيع ، ولم يقول ، ولم يقوم).

وأقول : إن التخلص من هذه الأخطاء النحوية، يمكن أن يخفف منها أو يقلل منها، أو تتدارك، وذلك بالرجوع إلى أبواب النحو الرئيسية، مثل باب المبتدأ والخبر، وباب الفعل، والفاعل، والمفاعيل، والمجرور بالحرف أو بالإضافة، والتوابع. وهي أبواب ذات قواعد سهلة، فضلا عن أنها مألوفة لنا تماما.

ويمكن تلخيص بعض القواعد النحوية المهمة في كتابتنا كما يأتي:

• المبتدأ، والخبر، والفاعل، وأسماء كان وأخواتها، وأخبار إن وأخواتها؛ كلها مرفوعة.

• المفاعيل جميعها، ومعها الحال والتمييز، تأتي منصوبة.

• التوابع، من عطف ونعت وبدل وتوكيد، تعرب إعراب ما تتبعه.

• الاسم يجر حين يقع مسبوقا بأي من حروف الجر، أو حين يأتي مضافا إليه.

• الفعل المضارع مرفوع أصلا، وينصب إذا دخل عليه حرف نصب، ويجزم إذا دخل عليه حرف جزم.

• فعل الأمر يبنى على ما يجزم به مضارعه.

ومن الأخطاء الإملائية التي تظهر غالبا في كتاباتنا عدم التفريق بين واو الجماعة حين تتصل بالأفعال، وبينها حين تتصل بالأسماء، وبين التاء المربوطة والتاء المفتوحة، و بين التاء المربوطة وضمير المفرد الغائب، الهاء، وبين الهمزة المتطرفة المتبوعة بألف قائمة في حالة النصب، وغير المتبوعة، وأهم تلك الأخطاء ما يتعلق بقواعد كتابة الهمزة، في وسط الكلمة، وفي آخرها ، فضلا عما يوصل بغيره من الحروف أو ينفصل عنه.

وأقول:

الهمزة في أول الكلمة تستلزم ألفًا قائمة، مثل: أتكلم أنا، وتكلموا أنتم، فإن كانت همزة قطع، كتبت فوق الألف إن كانت مفتوحة أو مضمومة، وتكتب تحت الألف إن كانت مكسورة. وإن كانت الهمزة للوصل، فلا تكتب مطلقا. وتكون الهمزة للوصل في:

• الأفعال الخماسية، والسداسية، ومصادرها، مثل: اشترك اشتراكا، وانتبه انتباها؛ واستغفر استغفارا، واستعمل استعمالا.

• أمر الفعل الثلاثي، نحو : اشرح.

• الأسماء السبعة التالية: اسم، امرؤ، امرأة، ابن، ابنة، اثنان، اثنتان.

أما في غير ذلك، فهي همزة قطع.

أمّا الهمزة في وسط الكلمة فتكتب حسب قاعدة "الحركة الأقوى"، واعلم أنَّ ترتيب الحركات من حيث القوة؛ تأتي فيه الكسرة أولا، ثم تليها الضمة، ثم الفتحة، ثم السكون. فإن كانت حركتها أقوى من حركة الحرف الذي قبلها، كتبت على حرف يناسب حركتها، مثل: دؤوب؛ وسُئلت؛ وطمأنه)، وإلا كتبت على حرف يناسب حركة ما قبلها، مثل: زؤام، ورئاسة، وضأن.

وأما الهمزة المتطرفة، التي تكون في آخر الكلمة، فتكتب على حرف يناسب حركة ما قبلها، مثل : نبأ، وتكافؤ، وطوارئ ، فإن كان ما قبلها ساكنا أو حرف مد، غير الياء، كتبت مفردة (على السطر) مثل: عِبْء، وأجزاء، ونُشوء، وبريء.

وإمَّا إذا اتصل بالهمزة المتطرفة ضمائر أو حروف؛ فتضاف هذه الضمائر والحروف دون إحداث تغيير في وضع الهمزة، نحو : قرأ، وقرأت، وقرأوا، وقَرَأه، ونِدَاء، ونِداءين، ونداءات.

أمَّا إذا ألحقت بها الضمائر وكانت في موقع المضاف إليه؛ فتكتب الهمزة المتطرفة على واو؛ إن تحركت الهمزة بالضم، نحو قولنا: وكان نداؤهم ، ونداؤهن ، وكان نداؤنا مسموعًا.

وتكتب على نبرة إن تحركت بالكسر، نحو قولنا: ما علامةُ تنبئكم بالخير؟ وعلامة تنبئنا؟ وعلامة تنبئهما؟ وإذا تأثرت الهمزة المتطرفة بحركة الكسر، فتكتب على نبرة، كأن تكون مسبوقة بياء أو بحرف مكسور، نحو قولنا: شيئان، جريئون ، وعين حمئة.أو كانت مسبوقة بحرف ساكن قبله حرف مكسور، نحو : عبئان.

فائدة:

هناك اتجاه في كتابة الهمزة، يرى أن الهمزة المكتوبة على ألف إذا تبعتها ألف قائمة، حذفت هذه الألف، وأشير إليها برمز الهمزة الممدودة مد فتح "آ" مثل : منشأات.. منشآت، وقرأا درسهما...قرآ درسهما.

ومما تجدر الإشارة إليه؛ أنَّ الاسم المعرب النكرة حين يكون في موضع نصب؛ فإنه تلحق به ألفٌ، لاستقبال تنوين النصب ، مثل قولنا: سأل سؤالاً ، إلا إذا كان ذلك الاسم منتهيا بهمزة مكتوبة على ألف، نحو قولنا : لجأ ملجأً ، أو تكون الهمزة في آخر الاسم المنصوب المعرب النكرة مسبوقة بألف، نحو قولنا : سافرت مساءً، أو يكون الاسم المعرب المنصوب منتهيا بتاء مربوطة، نحو : كتب كتابةً، أو بألف مقصورة، نحو : أسس مستشفىً.

وتكتب الألف المتطرفة اللينة ألفا قائمة، وذلك إذا وقعت في آخر الأسماء الأعجمية، نحو : ألمانيا، وطلخا، وطهطا، وموسيقا، وبنها، وشذ عن ذلك أربعة أسماء هي : موسى، عيسى، كسرى، بخارى.

واعلم أن الألف المتطرفة إذا كانت منقلبة عن واو في الأسماء، والأفعال الثلاثية، نحو : عصا، وصفا؛ فإنها تكتب ألفا مقصورة في الأسماء والأفعال التي تزيد على ثلاثة أحرف ، مثل : حبالى، وعطاشى، وسكارى؛ وأملى، وارتقى،واستلقى، وكذلك إذا كانت منقلبة عن ياء في الأسماء، والأفعال الثلاثية، مثل : هدى ، ورمى ، فإن سبقت بياء، كتبت قائمة ، نحو قولنا: أحيا، واستحيا.

وأما الألف التي تلحق بواو الجماعة في الأفعال الخمسة؛ فتسمى الألف الفارقة، وذلك حين تكون تلك الأفعال منصوبة أو مجزومة، حيث تنصب وتجزم بحذف النون، وذلك نحو قولنا: لن تهونوا، ولم تستكينوا، واعلم أن هذه الألف لا تلحق بواو جمع المذكر السالم حين تحذف نونه في حالة الإضافة، نحو قولنا : مهندسو المشروع، ولا تلحق بواو الفعل المفرد المسند إلى الجماعة ، نحو قولنا: يدعو المخلصون إلى إتمام مشروع القناة الجديدة.

وهناك ما يسمى الألف اللينة، وتحذف من الكتابة العربية ، وذلك بعد هاء التنبيه في أسماء الإشارة، نحو : هذا، وهؤلاء، وهكذا، ولا يقاس على ذلك الخط العروضي الذي تكون موجودة فيه، كما في : هاذا، وهاؤلاء، وهاكذا، وتحذف أيضا في الكلمات التالية: ذلك؛ أولئك؛ لكن؛ طه.

كما تحذف تلك الألف من "ما" الاستفهامية إذا اتصل بها حرف جر، نحو : فِيمَ تفكر؟ وبِمَ تفسر؟ وعَلامَ يخترقون حسابي؟ وحتَّامَ هذا الانتظار؟، وإلامَ تنظر؟.

وهناك ما يسمى الألف الصحيحة ، وتحذف من كلمة "ابن" بشرط ألا تقع في بداية السطر، وإذا جاءت بين علمين، نحو: طارق بن زياد، وعمر بن الخطاب؛ وعمر بن أبي ربيعة، وتحذف بعد حرف نداء، نحو: يا بن العم، ويا بن الأكرمين .

وكذا أنوه عن التاء المربوطة، وهي علامة تأنيث، يوضع فوقها نقطتان، نحو : فلانٌ يتنزه في الحديقة، ويمارس رياضة عنيفة؛ ولا تكتب فوق ضمير الغائب المفرد، الذي يشبهها في الرسم، كما في قولنا: هذا الكتاب خطه واضح ، وقد كتبه مؤلفه، يوضح فهمه لمشكلات العالم الإسلامي.

واعلم أنه إذا دخل حرف الجر "في" على اسم الصلة "ما"، وجب وصلهما ، كما في قولنا: أمَّا فيما يتعلق بلغة القرآن فهي لغة لا تبارى.

وإذا دخلت "إن" الشرطية، أو "أن" المصدرية، على "لا" النافية، وجب إدغامهما فيها، نحو قولنا : إلا تفعل فاسكت، ونحو:

ولي وطن آليت ألا أبيعه ........... البيت

أمَّا إذا دخلت "أن" المخففة من الثقيلة، على " لا" النافية؛ وجب فصلهما، نحو قولنا: أشهد أن لا إله إلا الله، وأتوقن أن لا يحالفك الحظ بسبب ذلك؟.

واعلم أنه لا تتوالى في الكتابة العربية ثلاث لامات؛ لكراهة توالي الأمثال، وهذا من أصول العربية، ولذلك، يجب حذف أل التعريف المتصلة بكلمة أولها لام حين تدخل عليها لام الجر، نحو قولنا: للبن فوائد عظيمة، ولليل مزاج خاص، و للغة قواعد وقوانين.

كما يجب حذف واحدة من لامي اسم صلة المثنى "اللذان" حين تدخل عليه لام الجر تلك، نحو قولنا : قل للذَيْن غشَّا في الامتحان ستعاقبان عقابا رادعا، والأمر هنا يفهم من السياق، ما إذا كان اسم الصلة للمثنى أم للجمع، إن لم يتم تشكيله.

واعلم أنَّ لفظ "مئة" لا ينفصل في الكتابة عما أضيف إليه،كما في: ثلاثمائة ، وأربعمائة، وخمسمائة، وستمائة، وسبعمائة،وثمانمائة، وتسعمائة " 300و400و500و600و700و800و900.

وذهب بعضهم إلى أنَّ: "خمسمائة، وخمسمئة" تعني مائة مضروبة في خمس (500)، في حين تعني "خمس مائة" واحدا على خمسة من المائة، أي عشرين. وقس عليه أخواتها" ثلاثمائة ، وأربعمائة، وخمسمائة، وستمائة، وسبعمائة،وثمانمائة، وتسعمائة".

وليكن هذا جهد المقل في الإسهام في توضيح بعض القواعد المتبعة، في النحو والإملاء، للتخلص مما يشيع في كتاباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، أو في الصحافة، أو في الإعلانات من أخطاء نحوية أو إملائية.

وأود أن أشير إلى أن ما يستخدمه الحاسب الآلي من برنامج لتصويب الأخطاء الإملائية لا يزال غير كامل، ولا يصح الاعتماد عليه، دون معرفة القواعد الإملائية، من تلك الكتب المؤلفة في هذا الشأن، فكثيرا ما يخفق ذلك البرنامج في رصد كلمات خاطئة إملائيا، وكثيرا ما يخطّئ كلمات صحيحة إملائيا.

أكتفي بهذا القدر، وسوف أتعرض فيما بعد لما يتعلق بالأخطاء في تركيب الجملة وترقيمها..

و حتى نلتقي، فاللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما نافعا و ارزقنا العمل به و الإخلاص لك فيه

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بث مباشر مباراة الزمالك والمصري البورسعيدي في الدوري المصري اليوم (لحظة بلحظة) | المصري يبادل الزمالك الهجمات